غير بعيد عن المكان الذي يرقد فيه بسلام “سيدي عبد الرحمان” بشاطئ عين الذياب بالدار البيضاء، يستوقفك ورش مشروع كبير. تتناسل الأسئلة في ذهنك، إنه شيء رائع. مشروع بهذا الحجم وهندسة معمارية قل نظيرها في المشاريع التي يستقبلها البلد. بشكله الهندسي الذي يشبه سمكة تطفو على سطح البحر، يجذبك “موروكو مول” لسبر أغواره من الداخل، لكن المشرفون على الورش لا يتركون لك فرصة الاقتراب: إنها الفترات الصعبة في الورش، لقد بلغ مرحلة وضع قطع زجاجية كبيرة على السطح، ستغطي كامل المشروع.المشروع شارف على الانتهاء، فيما الافتتاح التجريبي سيستمر لثلاثة أسابيع كاملة تنطلق من الأسبوع الأخير من أكتوبر الحالي، ليكون بذلك الافتتاح الرسمي قبل متم نونبر المقبل. لكن قبل ذلك سلوى أخنوش صاحبة المشروع والرئيسة المديرة العامة لمجموعة “أكسال”، لا تخفي فرحها الكبير بهذا المشروع: “أتمنى أن يكون واجهة مشرقة للمغرب، تمكن ليس فقط من تحسين أداء وجهة المغرب السياحية، لكن أيضا أن تكون له القدرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية”، تقول أخنوش. المشروع في نظر، صاحبته، يعد آخر المحطات في مسلسل التطور الذي شهده أداء مجموعة “أكسال” منذ نشأتها. قصة نجاح مجموعة عندما تتجول بشارع المسيرة الخضراء بالدار البيضاء لا تكاد تمر من أمام محل للفرانشيز دون أن تجد بأن ملكيته تعود إلى مجموعة “أكسال”. وعندما تسأل عن مجموعة “أكسال” فإن رواد منطقة المعاريف بالبيضاء، والذين غالبا ما يعتبرونها مكانهم المفضل للتسوق، فإن الجواب يأتيك في الحين: ألا تعلم بأن المجموعة تملكها أشهر سيدة أعمال بالمغرب؟ كيف لا وهي تحتكر اليوم حصصا مهمة من سوق الفرانشيز بالمغرب، من خلال استحواذها على حقوق استغلال أزيد من 20 علامة تجارية أجنبية. الشهرة التي اكتسبتها هذه المرأة لا ترتبط فقط بهذا الواقع، لكن بالنسبة لكثيرين فإن ارتباط إسم سلوى أخنوش باسم زوجها عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، يحيل إلى الكثير من التساؤلات: ما موقع الزوج في كل هذا الذي بلغته الزوجة؟ سلوى لا تبدي أي حرج من الحديث عن زوجها، لكنها ترفض تماما أن تربط نجاحاتها بموقع أخنوش الزوج: “انطلقت في مشروعي مباشرة بعدما أنهيت دراستي في شعبة التجارة الخارجية عام 1994، كان أنذاك طموحي كبيرا من أجل تبوأ مكانة هامة في مجال الفرانشيز خصوصا أن الفكرة تبدو جديدة على السوق المغربي، كافحت كثيرا من أجل بلوغ هذه المرحلة، وأقول بأن بداية إنجاز مشروع “موروكو مول” انطلق حتى قبل أن يتم تعيين زوجي وزيرا”. إنشاء مجموعة بحجم “أكسال” لم يكن أمرا هينا. فالبداية كانت بإحداث شركة صغيرة جدا تسيرها سلوى لوحدها إلى جانب سكرتيرة وساعي. لقد كانت عبارة على شركة صغيرة جدا، داخل مقر صغير بمنطقة عين السبع بالدار البيضاء وبسومة كرائية شهرية. وتقول أخنوش “كان لدي طموح ورؤية، حلمي أنذاك أن أجلب الماركات العالمية إلى المغرب، كنت أود أن أوفر للمغربي كل ما يحتاجه، فالمغاربة في تلك الفترة لم يكن لديهم أماكن مخصصة للتسوق أو الترفيه، وكان ينشط منطق التهريب عندما كان يلجأ المغاربة إلى سبتة أو منطقة الشمال للتسوق، أو يسافرون إلى الخارج، لهذا قررت أن أبني استراتيجياتي على هذا المبدأ”. أول عقد حصلت عليه الشركة هم علامة “لاسينزا”، وتقول في هذا الصدد “أنا أتذكر هذا التاريخ بشكل مهم، من هنا كانت الانطلاقة، ثم جاء بعد ذلك الدور على علامة “زارا” بعد ستة أشهر. في الحقيقة كان لنا الحظ في أن انتقلت هذه العلامة لتحسن ترتيبها بين العلامات العشر في العالم، لقد حققت نجاحا كبيرا بالمغرب، وكان استثمارا مثمرا بكل المقاييس. أنذاك كان من الممكن أن أكتفي بعلامتين وأركز على تطوير أدائهما ثم أقول هذا يكفي، سأكتفي بالأموال التي أجنيها من هذا الاستثمار. لكن الطموح كان دائما يدفعني إلى بذل المزيد من الجهد، لذلك قررت أن أوسع نشاطي وحصلت على عقد جديد مع الإسبان هم علامة “ماسيمو دوتي” بعدها مباشرة ستصبح هذه العلامة من بين العلامات الأربع الأحسن أداء في العالم”. كيف جاءت فكرة “موروكو مول”؟ ولأن الطموح لا يقف عند هذا الحد فإن الأفكار أيضا لا تنضب، أنذاك بدا واضحا بأن شارع المسيرة الخضراء بالدار البيضاء لا يمكنه أن يستوعب كل ذلك التطور الذي بدأ يشهده قطاع الفرانشيز بمدينة بحجم البيضاء. النشاط التجاري تطور بشكل سريع بالشارع ما دفع بسعر الأراضي إلى ارتفاعات صاروخية، حتى أن المتر مربع بات يتجاوز سعره 20 مليون سنتيم، لذلك كان من الضروري في هذا الوقت توفير مكان مخصص للنشاط التجاري ويكون بمقدوره استيعاب كل الماركات الوافدة على المغرب، ثم إن المدينة لا تتوفر على مكان يجمع بين التسوق والترفيه في آن واحد. هكذا جاءت الفكرة: إنشاء “مول” من حجم المراكز التجارية الكبرى المشيدة بعدد من بلدان العالم. سلوى أخنوش تحتفظ بذكرى عزيزة لهذا الحدث. كانت تقول: “لا بد من وجود مكان يواكب تطور نشاط شركتنا لكن أيضا نشاط باقي الفاعلين في القطاع. من الضروري وجود بنية تحتية تجارية كما هو الحال في العديد من بلدان العالم، كان الاختيار بين مركز تجاري أو “مول”. وبما أني كنت كثيرة السفر فقد شاهدت عددا لا بأس به من أماكن على هذا النحو وكنت أقول ما الذي ينقصنا لإقامة مشاريع من هذه القيمة”. بدت الفكرة في وهلة أولى دون فائدة، كان يقال أنذاك إنه من سابع المستحيلات فالمغرب لا يتوفر على عادات استهلاكية من هذا النوع، لن تجد المرأة من يكثرت لهذه الفكرة. وقالت: “لم أعر هذا الكلام كثير اهتمام، فقد كنت أتصور بأن عددا مهما من المغاربة طالما تمنوا أن يجدوا في بلدهم أماكن كهذه تعفيهم من التنقل إلى بلدان أخرى من أجل التسوق... لكن من الضروري أن نحترم الخصوصية المغربية. منذ ذلك الوقت قررت أخنوش أن ترفع سقف أحلامها. بدأ التفكير في أن يشتمل المشروع على “أكواريوم كبير” بأصناف من السمك نادرة جدا، إلى جانب سينما ثلاثية الأبعاد “3 دي”، التي ستكون الأولى في افريقيا... ثم جاءت فكرة النافورة الأمريكية الشهيرة “لافانتين” التي ستكون الثالثة في العالم، فالأولى توجد في لاس فيغاس بالولايات المتحدةالأمريكية، والثانية ببرج خليفة بدبي، وسيكون طولها بحوالي 240 مترا... أخنوش لم تكتف فقط باستقطاب الفكرة بل عمقت مفاوضاتها مع الجانب الأمريكي إلى أن حصلت على حق الاستغلال الحصري للفكرة خلال الخمس سنوات المقبلة في إفرقيا. المول سيستوعب أيضا أزيد من 60 مطعما موزعين، بين العلامات الأجنبية والمغربية، إذ أن حوالي 10 مغاربة ابتكروا علامات لهذا الغرض. تواريخ هامة في حياة سلوى أخنوش 1994 أنهت دراستها، ثم أنشأت شركة “إيليناس” الصغيرة. في عام 1999 حصلت على عقد “لاسينزا”، فيما الحصول على عقد “أنديتكس” الإسبانية تطلب وقتا طويلا من المفاوضات، قبل أن يأتي الجواب بالقبول في 2001. وتقول أخنوش في هذا الصدد ” كان الإسبان يقولون لي لا يوجد استهلاك في المغرب، كيف يعقل أن تسثمري في هذا الوقت. أنذاك كانت الشركة الإسبانية في اتصال ومفاوضات مع ثلاثة مستثمرين بالمغرب. لكن نجحت في الأخير في إقناعهم بالمجيء إلى المغرب. بعد ذلك جاءت النتائج محفزة جدا، لقد حققنا أفضل ما كنا نتوقعه. في 2004 أنشأت هولدينغ “أكسال” الذي أصبح مكونا من أربع شركات “كوراي” للبناء التي أصبح اسمها “أكسال بروبريتي” و”إيليناس” و”زارا” و”لاسينزا”. الهدف من إنشاء الهولدينغ كان بدافع إبرام اتفاقية مع الدولة لإنجاز استثمار في حدود 200 مليون درهم في ظرف ثلاث سنوات. العام الحاسم بالنسبة لسلوى أخنوش كان 2005، فقبل الحصول على عقد علامة “ماسيمو دوتي”، بدأ التفكيرفي إنشاء المول. في 2006 أجريت جميع الدراسات الخاصة بالمشروع ثم توجهت أخنوش إلى مجموعة “نيسك” السعودية من أجل الاستفادة من الماركات التي تتوفر عليها إلى جانب العلامات التي تسيرها بالمغرب لإنشاء المشروع، لم يترددوا في قبول الدعوة، ثم بدأت رحلة البحث عن مكان إقامة المشروع، قبل أن يتم اقتناء الأرض في العام 2007 وتنطلق المغامرة، في يونيو من هذا العام، مع انطلاق الأشغال في الورش. في عام 2008 حصلت أخنوش على عقد “غالري دو لافاييت”، التي تعد أول فرانشيز في العالم. فبعد فرنسا توجد العلامة بدبي ودبلن. في 2009 أعادت أخنوش صياغة استراتيجية المجموعة، فاختارت مكتب استشارة رافقها طيلة 10 أشهر للتحكم في تطور المجموعة واستهداف المهن التي ستواكب هذا التحول. في 2010 حصلت على عقود عدد من العلامات، قبل أن تفوت جميع محلات المشروع في العام الحالي.