ظل المقود عصيا بين قبضتي سائق حافلة "مدينة بيس"، ودواسات السرعة والفرامل لا تطاوع قدميه إلا بمشقة0 جاهد الرجل كثيرا لكي يصل بهذه الخردة الفولاذية إلى خط النهاية، لكي تقطره بعد ذلك شاحنة "الديبناج" إلى أحد مستودعات شركة "نقل المدينة" الموزعة بين المعاريف، سيدي عثمان والبرنوصي0 هناك كان المكان أشبه ب"فوريان" تتجمع فيه العديد من الحافلات المعطوبة، التي تنتظر إسعافها من حالة الاحتضار الميكانيكي0 معاناة هذا السائق وغيره من عمال شركة "نقل المدينة" بالدار البيضاء مع لعنة «خسران الطوبيسات»، لم تعد تقتصر منذ شهور على الحالة الميكانيكية المتردية لأسطول يتناقص عدده يوما بعد يوم0 ففي متم كل شهر يجد المئات من السائقين والجباة والمراقبين والتقنيين والإداريين أنفسهم أمام أعطاب مالية بعيدة عن مطبات النقل والطريق0 هؤلاء العمال والمستخدمين أصبحوا مكرهين على «شد الصف» لمدة عشرة أيام من بداية شهر ماي الجاري من أجل التوصل بأجورهم0 منهم أول فئة من ذوي الدخل المحدود، تتقاضى بالأداء المباشر وعلى دفعات «خلصتها» نقدا، ثم تليها فئات أخرى بالتتابع أيضا عبر التحويلات البنكية0«لا طوبيسات مزيانين ولا خلصة في الوقت»0 بهذه الكلمات الممزوجة بالسخرية والحنق، عبر أحد العمال عن القهر المزدوج، الذي يعيشه زملاءه في شركة "نقل المدينة"، حيث أصبحت محنة السائقين مع أعطاب الحافلات تتكرر بشكل يومي، لتنضاف إليها عند متم كل شهر المعاناة النفسية والمادية مع تأخر صرف الأجور0 هذه الوضعية المتأزمة لمؤسسة خاصة فوض لها منذ 2004 تدبير قطاع النقل الحضري بالعاصمة الاقتصادية، تصفها مصادر عمالية ب«حالة الإفلاس» حسب مؤشرات عن أوضاعها المالية والإدارية، مع طرح تساؤل عريض عن الدور المنتظر لدخول صندوق الإيداع والتدبير كمساهم في رأسمال "مدينة بيس"، الذي سيحضر في الانعقاد المتوقع هذه الأيام للمجلس الإداري، حيث تربط النقابات الممثلة للعمال في بلاغ أخير لها نتيجة تدارس الملفات المطلبية بخوض إضراب مفتوح في حالة عدم تسوية قضية الصناديق الاجتماعية ومخطط تسريح عمال سابقون بالوكالة الحضرية للنقل0 وفي انتظار الجواب المعلق، الذي امتنع "عبد الرحيم بنصر" مدير الموارد البشرية بشركة نقل المدينة عن التصريح به في اتصال هاتفي للجريدة الأحداث المغربية، سيبقى "الطوبيس خاسر والخلصة معطلة"0