«واش هذا كلينيك ولا سبيطار ديال الدولة» هكذا علّق أحد موظفي وزارة الصحة عندما فوجئ بأن جميع العاملين بإحدى المصحات الخاصة بعاصمة دكالة من أطباء وجراحين وممرضين وممرضين مساعدين وأخصائيي التخدير... ليسوا سوى أطر المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة... لقد أضحى مألوفا تواجد أطباء القطاع العام بالمصحات الخاصة بمدينة الجديدة مقابل غيابهم شبه الدائم عن المستشفى العمومي الذي لا يحضرونه إلا من أجل «ترحيل» المرضى نحو المصحات التي يقضون بها أغلب أوقات عملهم في محاولة لتحصيل مداخيل إضافية مادامت الأجرة الشهرية «مضمونة» من ميزانية وزارة الصحة التي لا تكلف نفسها عناء مراقبة موظفيها واتخاذ ما يلزم في حقهم من إجراءات إدارية وعقوبات زجرية نظير إخلالهم بميثاق العمل الذي ينضوون بموجبه تحت لوائها... حالات مرضية عديدة ومتنوعة يتم «تهجيرها» يوميا من مستشفى محمد الخامس صوب المصحات الخاصة لعاصمة دكالة، بعد التحايل على أصحابها من خلال بث الرعب في نفوسهم بأن علاج مرضهم يقتضي تدخلا جراحيا عاجلا يستعصي إجراؤه بالمستشفى العمومي بدعوى عدم حضور «البناج» أو عدم شغور قاعة العمليات (البلوك) أو عدم توفر لوازم الجراحة، وهو ما يضطر المريض وذويه إلى الإذعان لرغبات هذا الصنف من الأطباء الذي لا يهمه سوى تحقيق الربح المادي «شوفي بنتك خاصها تفتح دابا، والبلوك هنا (في إشارة إلى مستشفى محمد الخامس بالجديدة) عامر، ديها للكلينيك ديال (...) أنا غادي نسبق تماك، أوجيبي معاك 70 ألف ريال ثمن العملية، وعنداك تعطلي عليّ» هكذا حاول أحد الأطباء توجيه مريضته إلى مصحة خاصة، فصعقت والدتها لكلام الطبيب والتمست منه أن يمهلها قليل وقت كي تتدبر مصاريف العملية الجراحية سيما وأنها لا تتوفر على المبلغ المحدد وهي التي تعمل كنادلة بإحدى مقاهي مدينة الجديدة لإعالة صغيرتها في أعقاب هجران زوجها لبيت الزوجية منذ زمن بعيد... مرضى آخرون يتم تحويلهم صوب المصحات الخاصة بعد استفادتهم من الفحوصات الأولية والتحاليل الطبية التي عادة ما يصفها الأطباء قبل إجراء العمليات الجراحية بشكل مجاني داخل المستشفى العمومي بالجديدة ليتم احتسابها ضمن كشف الحسابات الذي تحدده إدارة المصحة عقب إجراء العملية والذي غالبا ما ترفض تسليمه (كشف الحساب) للمريض أو ذويه للحيلولة دون اطلاعه على التفاصيل المالية للعملية الجراحية والتي يتم النفخ فيها بشكل كبير سيما إذا تعلق الأمر بمريض من بين منخرطي منظمات الضمان الاجتماعي أو شركات التأمين عن المرض... «لا يعقل أن تبلغ النسبة الإضافية لعملية بسيطة تتعلق بترميم كسر عظم اليد 2000 درهم، مع العلم أن النسبة ذاتها لا تتجاوز ٪10 من المبلغ الإجمالي للعملية الجراحية الذي تؤديه منظمة الضمان الاجتماعي» يقول أحد المتضررين من ابتزاز إحدى المصحات الخاصة ليضيف قائلا «هاد الشي بزاف، راهم بحال إلى حسبو العملية ب 20 ألف درهم، والحديد تيدير 1800 درهم حسبو ليه 3000 درهم، والتحاليل درناهم في سبيطار الدولة»...