الدولة المغربية تملك أغلبية رأسمال ميدي آن تي في. هي شركة وطنية للاتصال السمعي -البصري تنتمي إلى القطاع العمومي للاتصال السمعي- البصري يسري عليها ما يسري على باقي القنوات العمومية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة أو التلفزة أو شركة «صورياد -دوزيم . هذا هو فحوى ما صادقت عليه الحكومة مؤخرا من خلال دفتر تحملات ميدي أن تي في. تحول ميدي آن تي في تحت يافطة القطاع العمومي، يعني أنها أصبحت تخضع لنفس الظوابط والالتزامات التي تسري على باقي القنوات العمومية. مع الفارق أنها لم تدرج إلى حد الآن ضمن باقة شبكة قنوات القطب العمومي. ومادامت ميدي آن تي في كذلك، فإن انخراطها في هذا القطاع العمومي لن تكتمل معالمه إلا إذا انخرط بشكل جدي في التعاطي مع كل ما هو عمومي مغربي فعلا. وهنا يطفو على السطح عامل التعاطي مع الشأن الأمازيغي في هذا التلفزيون. تعامل أصبح يفرض ذاته على هذا التلفزيون وبشكل خاص بعد التصويت على الدستور الجديد بالإيجاب، والذي تضمن من بين أهم ما تضمنه الترسيم الفعلي والرسمي الشعبي للأمازيغية لغة رسمية لاتقل شأنا عن اللغة العربية. ومادام الأمر كذلك وعلى اعتبار عمومية ميدي أن تي تي، فإن هذه اللغة وهذه الثقافة الأمازيغية أضحت بقوة القانون ركنا أساسيا من أركان العمل داخل قناة الأوفشورينغ. قد يقول البعض إن ميدي آن تي في ونظرا لطبيعتها فإن موضوع انفتاحها على الأمازيغية سيكون بعيد المنال. لا. الأمر ليس كذلك، ويتطلب الكثير من الجدية التي لا بد أن يبديها من يسهرون على القناة. وهذا أصبح ساري المفعول منذ غشت الماضي. وبالتالي ورغم أن تخوفات كبيرة تلوح في أفق التعاطي مع الثقافة واللغة الأمازيغية داخل ميدي آن تي في، فإن أي إقصاء لهذا المعطى داخل قناة تقول عن نفسها إنها عمومية، وتعيش على ما تضخه عليها الدولة المغربية من أموال الشعب المغربي، ستكون تبعات مؤسفة ومجحفة لفئات كبيرة من أبناء هذا الوطن الذي بدأ يرى ضوء النفق بعد التغييرات الكثيرة والمهمة التي شهدها المغرب خلال الفترة الماضية. وهنا يمكن استعادة نفس السيناريو المخجل الذي تعاملت به القنوات العمومية داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بقنواتها السبع، وصورياد دوزيم. وهو السيناريو الذي لم تلتزم به هذه القنوات ومازالت تتماطل في تطبيق حد وسقف وعتبة الثلاثين في المائة التي نصت عليها مختلف دفاتر تحملاتها بخصوص البرامج والفقرات الناطقة باللغة الأمازيغية. بين الأمس واليوم أمور كثيرة تغيرت. وسقف تغيرها الأعلى كان من خلال التنصيص على أمازيغية المغرب وعلى رسمية لغته وثقافته الأولى. وهو ما أصبح يفرض أكثر من ذي قبل جدية الممارسة التلفزيونية واقعا مجسدا وحقيقيا وشافيا على كل مايهم المواطن خاصة من خلال صناديق العجب الكبيرة التي تفرخ في كل مرة وبصيغ معدلة ومختلفة من دون أن تحقق فلسفة شعب وملكه يسعون جاهدين لمصالحة المغاربة مع هويتهم التي طالها النسيان والتهميش والعبث لعقود طويلة أساءت كثيرا إلى وجه من وجوه المغرب وأبنائه. فهل ستكون ميدي آن تي في في الموعد وتكون فعلا الوجه الآخر الجديد والذي يحمل بوادر إعلام بصيغة وبطريقة بدأت تجد مكانتها لدى المواطن؟ أم أنها ستتمادى بمجرد ما تضخ لها ملايين الإشهار العمومية في العزف على نغمة اللامبالاة والتغريد خارج انتظارات المواطنين؟ وهل ستفتح في النهاية هذه القناة مرافئها لبواخر الإبداع والفن واللغة الأمازيغية للتواصل مع المغاربة؟ ذلك ما ننتظره من أصحاب ميدي آن تي في ونتمنى أن لايفلتوا الفرصة ويفلتوا على المغاربة الأقوياء بدستورهم الجديد لحظات اكتشاف الذات واللغة من مرافئ الأوفشورينغ. فمتى يصل صوت الأمازيغ إلى قناة الأوفشورينغ؟