بيروت 5 نونبر (رويترز) – من الذي يتعقب النساء في شوارع أصفهان ويعتدي عليهن برش مادة كاوية على وجوههن¿ سؤال أصبح يتردد على ألسنة كل الإيرانيين. ويبدو أن الاعتداءات التي وقع أربعة منها على الأقل في المدينة المزدحمة بوسط إيران في الأسابيع الأخيرة تهدف إلى ترويع من تجرؤ من النساء على تجاوز الحدود في الزي الإسلامي المتعارف عليه. وتزامنت هذه الجرائم مع إقرار البرلمان مشروع قانون جديد يسمح للمواطنين بتطبيق القوانين الأخلاقية. وأثار هذا القانون خلافا بين الساسة المتشددين الذين يؤيدونه تأييدا ساحقا والمعتدلين بمن فيهم الرئيس حسن روحاني. ويمثل هذا الانقسام صورة للتحديات السياسية الأوسع نطاقا التي يواجهها روحاني من خصومه المتشددين. ومثل هذه الاعتداءات نادرة في العادة في إيران رغم شيوعها في بلاد أخرى وقد سارعت السلطات بما في ذلك رجال الدين المحافظون إلى التنديد بها. غير أنه في بلد يعمل فيه المتطوعون حراسا قوامين على السلوك الإسلامي فمن المحتم أن تثور الشبهات حول جماعات المواطنين التي تتولى متابعة الالتزام بالتعاليم الدينية حتى أن إحدى هذه الجماعات أصدرت بيانا للرد على الاتهامات. فقد اتهمت جماعة أنصار حزب الله التي تتولى تنظيم دوريات لمتابعة الالتزام بالأخلاق والزي الإسلامي "العدو" بتنفيذ الاعتداءات "لتوجيه ضربة للأمن." ولم تنجح محاولات الاتصال بالجماعة للحصول منها على تعقيب. وألقت الشرطة القبض على عدد ممن حامت حولهم الشبهات لكنها لم توجه الاتهام لأحد. وقبل أسبوعين خرج الالاف إلى شوارع أصفهان والمئات إلى شوارع طهران للاحتجاج على عدم كفاية الجهود المبذولة للعثور على المعتدين. وقالت وسائل الإعلام المحلية إن عدد الاعتداءات ربما يكون مثلي العدد الذي أكدته السلطات وإن بعض النساء في أصفهان تلقين رسائل نصية تهددهن إذا لم يلتزمن بارتداء الحجاب. وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية إن امرأة اسمها هنية تلقت رسالة من مجهول هددها برشها بمادة كاوية. وفي كثير من الأحيان يتم نشر وحدات خاصة من الشرطة في المدن الإيرانية لضمان الالتزام بالحجاب لتنبيه النساء اللاتي ترى هذه الوحدات أنها تبالغ في الزينة أو ترك خصلة من الشعر تتدلى من تحت الحجاب. لكن الجماعات المماثلة لجماعة أنصار حزب الله لعبت أيضا دورا في تطبيق القوانين الاجتماعية بالضغط على النساء للتحفظ فيما ترتديه من ملابس أو التصدي للرجال والنساء غير المتزوجين عند ظهورهم معا في مكان عام. وساعدت هذه الجماعات أيضا الحكومة في تضييق الخناق على المعارضة السياسية مثلما حدث خلال الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي ثارت خلافات حولها عام 2009. ويقول خبراء إنه رغم أن مسؤولين نفوا وجود صلة تربطهم بتلك الجماعات فإن هناك بعض التطابق بين أنشطتها وأنشطة ميليشيا الباسيج التي يشرف عليها الحرس الثوري الإسلامي. وقد وقعت الاعتداءات على النساء في وقت كان البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون ينظر فيه مشروع قانون للالتزام بالاخلاق يمنح جماعات مثل أنصار حزب الله حماية قانونية. ويقول منتقدون أن مشروع القانون يطلق أيدي الجماعات الشعبية. ونقلت صحيفة الشرق عن روحاني قوله في خطاب قبل أسبوعين "لا يمكن أن نعالج موضوعا واحدا هو عدم الالتزام بالحجاب باعتباره الشر المطلق من الصبح حتى الليل." وأضاف "الإيرانيات مسلمات فضليات وكلهن يؤيدن الحجاب. ولذلك يجب ألا تعتبر قلة في هذا البلد نفسها وصية على الاخلاق." وعندما أدلى روحاني بهذه التصريحات كان البرلمان قد أقر مشروع القانون. وقال فراز ساني الباحث المختص بالشؤون الإيرانية في منظمة هيومن رايتس ووتش "من المؤكد أن هذه صفعة من البرلمان لروحاني." وفيما يعد نصرا محدودا لإدارة روحاني ألغت جماعة أنصار حزب الله خططا لبدء تسيير دوريات "أخلاق" في طهران في سبتمبر أيلول بعد أن قالت وزارة الداخلية إن من يقوم بمثل هذه الأنشطة يجب أن يحصل على إذن من الحكومة. ومازال مشروع قانون الاخلاق يواجه بعض العقبات النهائية قبل أن يصبح ساري المفعول لكن أمير فرشاد ابراهيمي العضو السابق في جماعة أنصار حزب الله والذي يعمل الآن صحفيا في ألمانيا وصف تأييد البرلمان له بدفعة لجماعات الميليشيات وضربة لروحاني. ورغم أن الليبراليين شعروا بخيبة أمل لأن روحاني لم يحقق شيئا يذكر في مجال الإصلاح الاجتماعي فإن المحافظين يستغلون كلامه المعتدل في قضايا مثل الحجاب لتصويره وكأنه يسعى لابعاد إيران عن مثل الثورة الإسلامية.