AHDATH.INFO - برشلونة / 16 أكتوبر 2014 / ومع/ يبدو أن الحياة السياسية في جهة كاطالونيا (شمال شرق إسبانيا) التي تتمتع بالحكم الذاتي ، دخلت أجواء من الترقب والتوتر قد تنعكس نتائجها سلبا على كافة مناحي الحياة. ففي ما تنفس مناهضو الاستفتاء الصعداء ، شعر مؤيدو الانفصال بالجهة بخيبة أمل كبيرة نتيجة ما اعتبره عدد منهم "تراجعا" للحكومة المحلية عن تنظيم الاستفتاء بصيغته الاصلية يوم 9 نونبر القادم. فبعدما أعلن أرتور ماس رئيس الحكومة المحلية أول أمس عزمه إجراء استفتاء بديل في نفس اليوم الذي كان مقررا للاستفتاء السابق ، أي 9 نونبر ، والذي أصدرت المحكمة الدستورية الاسبانية قرارا بتعليقه في 29 شتنبر الماضي ، تفجرت الشبكات الاجتماعية بتعاليق تعكس مرارة الشارع الكاطالوني خاصة في أوساط الشباب الذين عبروا عن خيبة أمل "أمام انهزامية الحكومة المحلية" متوعدين بالعمل على إسقاطها في الانتخابات المحلية المقبلة. كما توصل بريد القراء لجل الصحف المحلية الصادرة أمس الاربعاء بمئات من التعاليق التي تعتبر أن أرتور ماس "خان القضية" وأنه يتعين أن يقدم استقالة حكومته. وكان أرتور ماس قد وقع الشهر الماضي مرسوما ينص على إجراء استفتاء لتقرير المصير، وقامت حكومة مدريد برفع دعوى لدى المحكمة الدستورية التي أمرت بتعليق الاستفتاء "مؤقتا". وفي تصريح سياسي، قال أرتور ماس ، إنه سيتم الإبقاء على الاستفتاء يوم 9 نوفمبر المقبل وكذا على الأسئلة حول رغبة بقاء الكاطالونيين ضمن إسبانيا أو الاستقلال، لكن مع تغيير في الصيغة القانونية للاستشارة. وقال إنه سيتم على هذا الاساس تعبئة أزيد من 800 بلدية سبق وأن عبرت عن تأييدها لاستفتاء 9 نونبر من خلال اكتتاب 20 ألف متطوع لا ينتمون للادارة الترابية للجهة للاشراف على الاقتراع ، على أن يقوم المواطنون بتسجيل أنفسهم في اليوم نفسه لتأسيس ما يسمى بلوائح الاستفتاء الجديدة. وفي نفس الوقت قدم أرتور ماس تصورا جديدا لما بعد هذا الاستفتاء البديل يتجلى في الدعوة الى انتخابات يؤسس الانفصاليون من خلالها لائحة موحدة تمكنهم من فوز كاسح سيشكل أمرا واقعا جديدا يتم على إثره الانتقال الى مرحلة تنظيم استفتاء نهائي وحقيقي. وقد أبدى الحزب الجمهوري الكاطالوني تحفظه على هذه الصيغة معتبرا أنه يتعين الاعلان عن الانفصال من جانب واحد مباشرة بعد استفتاء 9 نونبر القادم دون اعتبار لموقف الحكومة المركزية في مدريد. أجواء من التوتر والترقب تخيم على كاطالونيا بعد الإعلان عن تنظيم استفتاء بديل ويرى العديد من المحللين أن أرتور ماس بموقفه هذا يحاول ضمان تعبئة جزء هام من المجتمع الكاطالوني في أفق استخدامه لأغراض انتخابية يفوز بواسطتها بأغلبية مريحة في انتخابات إقليمية سابقة لأوانها يبعد من خلالها الحزب الاشتراكي والحزب الشعبي المعارضين للاستفتاء ويضعف في نفس الوقت حزب اليسار الجمهوري الذي حقق خلال الانتخابات الاوروبية ، في شهر ماي الماضي، تقدما ملموسا عن باقي الاحزاب في الجهة. وترجع أسباب حدة الصراع بين مؤيدي الانفصال عن إسبانيا ومعارضيه الى المكانة المركزية التي يحتلها إقليمكاطالونيا بين مختلف الجهات الاسبانية. فتعد كاطالونيا أغنى إقليم في إسبانيا حيث تساهم بخمس الناتج الوطني الداخلي فيما يبلغ عدد سكانها 5ر7 مليون نسمة أي ما يمثل 16 في المائة من عدد السكان في اسبانيا ، وبذلك تحتل هذه الجهة المركز الثاني بعد (الأندلس) التي يقطنها 18 في المائة من عدد السكان في البلاد فيما لا تساهم بأكثر من نسبة 12.5 في المائة بالناتج المحلي. كما تعتبر مدينة برشلونة عاصمة الجهة من أهم الموانئ الاسبانية على البحر الأبيض المتوسط ونقطة اتصال رئيسية مع الخارج اذ ينافس مطارها الدولي "برات" مطار العاصمة مدريد" باراخاس" من حيث عدد المستخدمين الذين بلغ عددهم 35 مليون مسافر في السنة. ويستقطب الإقليم أكبر عدد من السياح الوافدين إلى إسبانيا سنويا ويشكل مرجعا ثقافيا ورياضيا مهما حيث كانت برشلونة قد استضافت الألعاب الأولمبية في عام 1992 وهو الأمر الذي ساهم في إشهارها دوليا لتكتسب لاحقا مكانة ثقافية متميزة على الصعيد العالمي. ويحتل معدل الدخل الفردي في كاطالونيا المرتبة السابعة مقارنة ببقية البلدان في الاتحاد الأوروبي. ينضاف إلى ذلك الاعتبارات التاريخية والثقافية واللغوية التي تشكل بدورها هاجسا لدى مؤيدي الانفصال عن اسبانيا لاسيما أن الجهة تتمتع بلغة خاصة وهي اللغة الكاطالانية وهي إحدى اللغات الرسمية الأربع المتداولة في اسبانيا. لكن رغم أن الناتج المحلي للاقليم الذي قارب 200 مليار أورو عام 2013 ، يعد من أهم العوامل المساهمة في تأجيج الصراع والمطالب الانفصالية ، إلا أن بعض المحللين الاقتصاديين يعتبرون أن حكومة الجهة هي بصدد القيام بعملية "انتحار سياسي واقتصادي" بتشبثها بالانفصال عن إسبانيا ، لاسيما وأن كبريات الشركات والمصانع مصممة على الخروج من الجهة في حالة انفصاله بسبب الوضعية التي ستكون عليها الجهة في حال الاستقلال، حيث سبق أن ألمحت عدة تقارير أوروبية أن لا مكان ل "اقليمكاطالونيا المستقل في أوروبا ومنطقة الاورو". (من المراسل الدائم للوكالة ببرشلونة.. خالد الشاتي)