علي الشعباني أستاذ في علم الاجتماع تحولت عادة التلصص إلى ما يشبه الظاهرة السلبية داخل المجتمع المغربي، حيث تنامت مختلف مظاهر اقتحام الخصوصية كالتقاط الصور الفاضحة للنساء والفتيات، والتي يكون لها العديد من التأثيرات السلبية والعواقب السلبية، كما تشكل تهديدا للسلم الاجتماعي والاستقرار الأسري. في ما يلي يقدم الأستاذ علي الشعباني تحليلا سوسيولوجيا لعادة التلصص كما يتطرق إلى تأثيراتها وعواقبها السلبية على الأسر المغربية والمجتمع بشكل عام. تعتبر هاته الظاهرة حديثة النشأة داخل المجتمع المغربي، الذي لطالما كان متشبثا بالقيم الأخلاقية والاجتماعية التي تحترم خصوصية وحميمية الأفراد، ومتشبعا بالثقافة العربية الإسلامية التي تدعو وتنص دائما على الاحترام والتقدير وغض الطرف. ولذلك فإن اقتحام الخصوصية وحرمة البيوت كان من السلوكات المنبوذة داخل المجتمع المغربي، بالرغم من أننا كنا نلاحظ بعض المظاهر المرتبطة بهاته الظاهرة، كإصرار بعض الناس على الاطلاع على أسرار جيرانهم واقتحام خصوصيتهم، وبالتحديد النساء اللواتي كن يشتهرن في بعض الأحياء الشعبية على الخصوص بالتلصص و«التبركيك»، وذلك عن طريق النظر من خلف شقوق الأبواب والنوافذ في محاولة للاطلاع على أسرار الجيران وتحركاتهم داخل المنزل، بل وأحيانا حتى من أجل معرفة ما يقوم به المارة. هاته المظاهر حتى وإن كانت سلبية، فلقد ظلت دائما محكومة بالقيم الأخلاقية والدينية التي كانت تحارب هذا الفعل وتحبط أي محاولة للتمادي فيه من طرف مرتكبيه، وتحول دون حدوث ما من شأنه أن يقود إلى انتهاك حرمة المنازل واقتحام حميمية الناس وخصوصيتهم في الأماكن الخاصة والعامة علي حد سواء. اختلف الوضع كثيرا اليوم، نتيجة التغيرات الكثيرة التي عرفها المجتمع المغربي والخلخلة التي أصابت منظومة القيم بداخله، في غياب الوازع الديني، فأصبحنا نسمع عن أشكال أخرى من التلصص يتم فيها تسخير وسائل التكنولوجيا الحديثة مثل آلات التصوير الرقمية وأنواع متطورة من الهواتف المحمولة بهدف التجسس على الناس داخل بيوتهم، والتللصص على الفتيات في الحمامات الشعبية مثلا وفي بعض النوادي الرياضية. أفعال التلصص والتجسس هاته لها تأثيرات وعواقب وخيمة على الأسرة والمجتمع، لأن الدافع وراء تلك الأفعال غالبا ما يكون التقاط صور لفتيات ونساء في أوضاع مخلة وترويجها، أو استغلالها من أجل ابتزاز أصحابها، الأمر الذي يلحق الضرر بسمعة العديد من الفتيات، في حين يكون مصير الزوجات هو الطلاق في غالب الأحيان عندما تصبح صورهن متداولة بين الناس. إذن فهاته الظاهرة تهدد الاستقرار الأسري والسلم الاجتماعي بشكل عام، وتحرم أفراد المجتمع من حقهم في التمتع بالأمن والعيش في طمأنينة. ومحاربتها لا يمكن أن تتم إلا عن طريق نشر الوعي بين الناس وثقافة احترام الخصوصية المفتقدة في العصر الحالي، وسن قوانين صارمة، وفرض عقوبات صارمة على الأشخاص الذين يقومون بهذا النوع من التلصص لأنه يعتبر فعلا مشينا، ويشكل خطورة كبيرة على أمن المجتمع واستقراره، في غياب قوانين واضحة في هذا الجانب، لذلك فلا بد من الاجتهاد في المجال التشريعي والقانوني من أجل القضاء على هاته الظاهرة وتجنيب أفراد المجتمع تبعاتها وعواقبها الوخيمة. إعداد: شادية وغزو