يقف الحاج «أساخن» صاحب أشهر فرن بمنطقة درب التازي بشكل يومي أمام عمارته ذات الأربع طوابق وأزيد من 10 شقق، وعدد من المحلات التجارية، متحسرا على مآل هذه العمارة وتجارته وعدد من ممتكاته بهذا الدرب. هو واحد من بين أحياء درب الصوفي، المعزي، الطليان، عرصة بن سلامة والتابعة إدرايا إلى نفود المقاطعة الجماعية سيدي بليوط، التي نزعت فيها الملكية لفائدة المنقعة العامة، لأجل انجاز مشروع المحج الملكي الحسن الثاني حال « أساخن، أحرضان..» يسري على أزيد من 8800 أسرة من ساكنة الأحياء المذكورة، والذين ينتظرون منذ أزيد من عقدين كاملين حلا ينتشلهم مما يحيط بهم من دمار وخرائب تحولت إلى مرتع للمتشردين وذوي السوابق. حل ينتظره كذلك قاطنو المناطق المجاورة وغير المعنية بعملية نزع الملكية.. لكن القائمين « لاصونداك» الشركة المكلبفة بتدير ملف إعادة اسكان الأسرة القاطنة على طول مسارمحج الثاني، أعلنوا خلال اجتماع مجلس الإداري للشركة، المنعقد منتصف شهر أبريل الماضي عن كون المشروع المذكور لن يرى النور قبل سنة 2018، في حين الدراسة الأولى للمشروع جعلت من سنة 2010 آخر أجل لنهاية الشطر الآخير من المشروع. « في سنة 2009 عمليات إعادة إسكان أسر هذه المناطق ظلت شبه متوقفة طوال هذه السنة .. بسبب قلة عدد الشقق المعدة لاستقبالهم..» يقول مسؤول ب «لاصونداك»، ضعف الوعاء العقاري المخصص لبناء شقق لاستبقال 8800، واحد من أهم أسباب التوقف الجزئي للمشروع طيلة سنة الماضية. « حي النسيم .. لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من الأسر.. كما أن الأراضي الفارغة بهذا الحي يتقاسم الخواص والدولة ملكيتها.. » يؤكد مسؤول الشركة الوطنية للتنمية الجماعية ، الذي يقر إلى أن قلة المساكن الاجتماعية في مدينة الدارالبيضاء وكلفة امتلاك العقار حاليا تقف سدا منيعا أمام اتمام المشروع في الآجال المحددة. وعلى ايقاع صعوبة ايجاد أوعية عقارية قادرة على استيعاب أسر المحج بحي النسيم، لايزال المشروع لم يجد حلولا لعدد من المشاكل، تتأرجح ما بين مشاكل الأسر المركبة والمالكة التي تطالب بتقويم مالي جديد للتعويضات التي تصرف لهم .. « نزعت منها مساكننا قبل 25 سنة 800 درهم للمتر المربع .. وحرمنا من الاستفادة من مداخيل شقق الكراء ومحلاتنا التجارية .. واليوم الأرض بهذه المنطقة تتراوح قيمتها ما بين 50 ألف و90 ألف درهم ..» الفرق الشاسع بين تقويم سنة 1995 والسنوات الأخيرة .. تعد أكبر المآخدات التي تقف وراء انتقال المئات من الأسر المالكة للمساكن المعدة لاستقبالها. وبعيدا عن الأرقام والتقويم المالي.. لاتزال الآلاف أسرة عاجزة عن تسديد قيمة الشقق الموفرة لهم. فلاصونداك تؤكد بوضوح أن أسر المعنة بمشروع التنقيل تستفيد من 130 ألف درهم كدعم، عند شراء شقة تصل تكلفتها إلى 200 ألف دهم، والباقي 70 ألف درهم يمول عن طريق قروض « فوكاريم». غير أنه بعد ارتفاع ثمن شقق السكن الاجتماعي إلى 250 ألف درهم، هذه الأسر مطالبة اليوم بتسديد 120 درهم. الانتظار الممتد لسنوات .. والصعوبات التقنية والمالية المرتبطة بالمشروع.. تجعل مجموعة كبيرة من العائلات في الأحياء الموجودة بالأحياء، التي ستهدم في إطار إنجاز مشروع المحج الملكي الذي يمتد من ساحة مسجد الحسن الثاني الى ساحة الاممالمتحدة، تنتظر بفارغ الصبر أن يتم تقرير مصيرهم، فقسط كبير منهم ضد قرار ترحيلهم أو بمعنى آخر «إبعادهم» إلى ضواحي مدينة الدارالبيضاء بعيدا عن مقرات «عملهم» ورزقهم اليومي.. وهذا التأخر في ترحيل الساكنة وإنجاز المحج حول هذه المناطق التي تم إخلاؤها إلى مايشبه مناطق حرب. فالخراب عم المكان، والعشرات من المشرودين باتوا يحتلون المنازل المهدمة، ناهيك عن تناسل عدد من الأسر التي تكتري غرفا تنعدم بها أبسط شروط الحياة. وهذا كله يخلق مناخا يقل فيه الأمن أو ينعدم ويرتفع فيه معدل الجريمة..