كانت خيرة عناصر الشرطة القضائية لكل من المنطقة الأمنية للبرنوصي والمنطقة الأمنية لعين السبع الحي المحمدي، تسابق عقارب الساعة من مساء السبت الماضي للقيام بمداهمة محفوفة بالمخاطر لإحدى الشقق الكائنة بالقرب متجر أسيما بقطاع أنفا، لأن المشتبه به يملك هو الآخر أسلحة نارية تضاهي ما يتوفر عليه رجال الأمن. هذا المطلوب بإلحاح منذ فاتح غشت الجاري، تاريخ السطو المسلح على 11 كلغ من الذهب من أمام مقر المديرية العامة للضرائب بشارع الراشدي بالدارالبيضاء، لم يكن إلا المخطط والمنفذ الرئيسي لهذه السرقة الهوليودية، التي أصيب خلالها معشران للذهب بأربع طلقات نارية من مسدس. عملية المداهمة التي تمت في حدود الساعة الخامسة وخمسة وأربعون دقيقة من مساء السبت المنصرم، جاءت بعد مراقبة سرية ومستمرة لشاب من مواليد 1982، الذي ينحدر من عائلة ميسورة تقطن بحي الإنارة، حيث كانت الشبهات تحوم حوله بتورطه في عملية السطو المسلح على 11 كلغ من الذهب. فمن خلال صورة غير واضحة التقطتها منذ مدة إحدى كاميرات المراقبة بمقر المديرية العامة للضرائب بشارع الراشدي لشخص كان يحوم حول المكان على متن دراجة نارية من الحجم الكبير. هذه الصورة كانت هي الخيط الأول الذي أرشد مصالح الشرطة المكلفة بالتحقيق إلى زعيم العصابة الملقب بالمصري بحكم جنسية والده. فبعد توقيفه عثرت عناصر الشرطة داخل شقته على مبلغ 70 مليون سنتيم بالعملة الصعبة من فئة أوراق 500 أورو ومبالغ أخرى بشقة يكتريها بوسط المدينة، حيث تم نقله إلى مقر الشرطة القضائية لأمن البرنوصي زناتة بحي أناسي، التي كان رئيسها هو المكلف من طرف ولاية الأمن بالتعاون على التحقيق في هذه القضية، التي روعت وأقلقت الجهات الأمنية العليا والمحلية، حيث تم استنطاق الموقوف، الذي ظل يصر على الإنكار، خصوصا أنه بدون سوابق عدلية. وبعد تضييق الخناق عليه، حاول تظليل المحققين بدلهم على شريك له بمراكش، مما دفع بالشرطة القضائية للبرنوصي إلى الانتقال فورا صوب المدينة الحمراء بعد تنسيق مع رئيس الفرقة الجنائية الولائية هناك، وعند الوصول دلهم المتهم على منزل تبين أنه مجرد مسكن لأسرة لا علاقة لها بالقضية. وقبل العودة إلى الدارالبيضاء اعترف أخيرا الموقوف أن كل الدلائل موجودة بالعاصمة الاقتصادية، حيث قال بالحرف «غادي نكول كلشي...». وبالفعل دل الشرطة على شقة أخرى يكتريها بالحي المحمدي، حيث تم العثور فيها على ثلاثة مسدسات من فئة 9 ملم وحوالي 490 خرطوشة، وسيارة رباعية الدفع من نوع «فولسفاكن توارك» بيضاء اللون، وهي شبيهة بالسيارة التي استعملت في عملية السطو على محل للذهب ببرشيد قبل عدة شهور. هذه المحجوزات جعلت المتهم يعترف تفصيليا بأنه هو من خطط ونفذ بمعية شريك له عملية السطو على 11 كلغ من الذهب، حيث خطرت له فكرة سرقة معشري الذهب من البرنامج التلفزيوني 45 دقيقة، الذي تناول في إحدى حلقاته موضوع تعشير الذهب بمديرية الضرائب. زعيم العصابة اعترف بعدد من شركائه، منهم عنصر خبأ لديه الذهب مازال في حالة فرار، كما كشف عن كيفة جلبه للمسدسات والرصاص من بلجيكا، التي كان يتردد على زيارتها سياحيا. وبعد توقيف العنصر المهم في عملية السطو على 11 كلغ من الذهب بالدارالبيضاء، يحاول المحققون ربط عدد من عمليات السطو المسلح بواسطة مسدسات، التي اقترفتها عصابة إجرامية منظمة، تتكون من ثلاثة عناصر قوية البنية ليست لهم أي سوابق عدلية، حيث كانوا يستعملون في سرقاتهم الخطيرة والمحكمة دراجات نارية من الحجم الكبير. ومن آخر المعطيات التي كشفت عنها مصادر أمنية، أنه تم اعتقال أربعة عناصر من العصابة ومازال البحث جاريا عن ستة آخرين، بالإضافة إلى حجز ثلاثة مسدسات من عيارات مختلفة وخراطيش وعبوة مسيلة للدموع ومدية ومبالغ مالية بالعملة الصعبة والوطنية.