"زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1500م من السبت إلى الإثنين المقبلين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    المديرية العامة للضرائب تعلن فتح شبابيكها السبت والأحد    حكام سوريا يقاتلون "ميليشيات الأسد"    الحكم موقوف التنفيذ لمناهضين ضد التطبيع    "البام" يشيد بمقترحات مدونة الأسرة    "منتدى الزهراء" يطالب باعتماد منهجية تشاركية في إعداد مشروع تعديل مدونة الأسرة    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    سرقة مجوهرات تناهز قيمتها 300 ألف يورو من متجر كبير في باريس    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فقهاء» زيفوا شواهد التزكية ليصبحوا أئمة وخطباء
نشر في الأحداث المغربية يوم 04 - 08 - 2011

ينطبق على هذه القضية المثل الشعبي «لفقيه لي نتسناو براكتو، دخل لجامع ببلغتو..». فقبل حوالي سنة تفجرت فضيحة لها وجه أخلاقي وآخر قانوني، أبطالها مجموعة من «الفقها»، الذين أصبحوا في لحظة جشع ممن «يحبون المال حبا جما»، حيث وقعوا في المحظور بلجوئهم إلى الغش والتزييف من أجل الحصول بدون حق أو استحقاق على شواهد تزكية من مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمدينة فاس، تخول لهم أن يرتدوا بشكل رسمي عباءة الأئمة والخطباء. وتوفر لهم على الدوام راتبا شهريا. هذه الغاية الدنيوية لم تبرر وسيلتهم الموسومة بالذنب، مما أوقعهم في المتابعة القضائية.
فقد نظرت المحكمة الابتدائية أواخر السنة الماضية في ملف «غريب»، المتهمون فيه من الفقهاء وحفظة القرآن، ينحدرون أو يقطنون في أغلبهم بمناطق قريبة أو محيطة بمدينة فاس. أول من وقع بين أيدي مصالح الدرك بصفرو، هما فقيهان تم في بادئ الأمر الاشتباه في تورطهما في تزييف وثيقة إدارية بغرض الحصول على التعويض، الذي تخصصه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لأئمة المساجد. تلتهما سلسلة اعتقالات لأمثالهما من «حاملين كتاب الله»، اللذين وضع عدد منهم رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي عين قادوس بفاس، حيث أنطلقت أطوار المحاكمة في هذه القضية المثيرة أمام محكمة فاس منذ 11 أكتوبر من السنة الماضية.
الفقيهان «لي كنا كنتسناو براكتهم» على حد تعبير عامة الناس، اقترفا ذنبا ينطبق عليه الحديث الشريف «من غشنا فليس منا..» من أجل الحصول على نسختين مزيفتين لشهادة تزكية، تخول لهما العمل كإمامين، لكن أمرهما سينكشف ويتحول إلى فضيحة وتهمة مخجلة. فبعد التحقيق مع الفقيهين المتورطين في عملية تزييف شواهد إدارية، وإحالتهما على النيابة العامة، التي أمرت باعتقالهما، حيث صرحا في محضر أقوالهما أن زميلا لهما يقطن بمدينة فاس، هو الذي نصحهما باعتماد هذا «الأسلوب المحظور» بغرض الحصول على تعويض محدد في 800 درهم تصرفه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لأئمتها. وفي سبيل الاستفادة من هذا الأجر الهزيل تناسيا الفقيهان كل أوجه التقوى ليقترفا فعلا فادحا، ساعدهما في إخراجه من «النية» إلى «العمل» شخص يجيد استنساخ هذه الشواهد وتزوير بياناتها نظير مبالغ مالية. فقد اعترف هذا الشريك في «الذنب» أنه قدم تلك الخدمة للفقيهين عبر وساطة أحد الأئمة من معارفه، الذي لم يتردد هو الآخر في تجربة سابقة عن الاعتماد على التزوير لتحسين وضعه ماديا واعتباريا كإمام وخطيب.
هذه «الحصلة» التي تورط فيها الفقيهان والإمام الخطيب، لم يسلم من تبعاتها وعواقبها القانونية فقهاء وأئمة آخرون. فقد أفضى التحقيق في هذا الملف إلى اعتقال ومتابعة في حالة سراح عدد من حفظة القرآن. كما تم حجز بعض التجهيزات الإلكترونية، التي كانت بحوزة المتهم بتزوير هذه الشواهد أثناء مداهمة منزله. ولتأكيد شبهة الشواهد المزورة، ربط المحققون الاتصال بمسؤولين محليين لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمعرفة ضعية الفقيهين وصحة ارتباطهما بالوزارة، ومدى مطابقة المعطيات الواردة في الشهادتين مع لوائح أئمة الوزارة، حيث تبين بالدليل القاطع أن الوثيقتين تعودان لأشخاص آخرين في سنوات سابقة، مما قوى احتمال أنهما شهادتين مزيفتين. ووضع الفقيهان ومن سلك نهجهما غير السليم في مواجهة تهم «خايبة» تندرج كلها في خانة «النصب والاحتيال والتزييف والمشاركة في تزييف وثيقة إدارية...».
وبناء على متابعة النيابة العامة ضد الأظناء، وبناء على محضري الضابطة القضائية درك بنسودة بتاريخ 8 أكتوبر 2010، الذين يستفاد منها أنه بتاريخ 5 من نفس الشهر والسنة تم إيقاف الظنينين ي. ق وع. ف اللذان يعملان فقيهين بتعاونية الازدهار وأولاد امحمد وبحوزتهما شهادتي تزكية مزورتين يحملان على التوالي رقم 08/609 و 08/796، صادرتين عن المجلس العلمي المحلي بفاس بتاريخ 26 نونبر 2008، وتحملان توقيع رئيس هذا المجلس. وعند الاستماع إلى الظنينين من طرف الضابطة القضائية صرح الأول بأنه يعمل فقيها بتعاونية الازدهار يؤم بالمصلين في الصلوات الخمس مقابل راتب شهري قدره 800 درهم من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مع بعض المساعدات من طرف ساكنة الدوار. وأنه سمع بوجوب حصوله شهادة تزكية من المجلس العلمي بفاس للمحافظة على الراتب الشهري، وذلك باجتياز امتحان، حيث التقى رفقة شقيقه بالمسمى ع.ع إمام وخطيب بأحد مساجد ضواحي مدينة صفرو، الذي أخبرهما أنه باستطاعته مساعدتهما في الحصول على هذه الشهادة مقابل مبلغ مالي 2500 درهم لكل واحدة. وبتاريخ 21 شتنبر 2010 اتصل بهما المندوب الإقليمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وطلب حضورهما، حيث أخبرهما أن شهادتي التزكية مزورتين. وعند انتقال عناصر الدرك الملكي إلى المندوبية الإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمولاي يعقوب، تم إطلاعهما على شهادتي التزكية المحجوزتين من الظنينين، فتبين أنهما مزورتين وأن المجلس العلمي بفاس لم يصدرهما، وأن أرقامهما لم تندرج أبدا في سجلات الإدارة، وأنه للحصول على شهادة التزكية يجب على المترشح أن يتقدم بطلب للمجلس العلمي المحلي، ثم الخضوع لاختبار أمام لجنة مكونة من علماء وأعضاء المجلس. وبعد اطلاع عناصر الدرك الملكي على سجل المجلس العلمي المحلي بفاس، تبين لهم أن الرقم 609/08 الذي تحمله شهادة الظنين ي. ف هو لمراسلة استدعاء اختبار في الخطابة. أما الرقم 796/08 الذي تحمله شهادة الظنين ع. ف فهو رقم مجهول غير مسجل.
وعند الاستماع إلى الظنين ع. ع من طرف الضابطة القضائية، صرح أنه منذ 1990وهو يعمل كإمام وخطيب بالمساجد، وأنه عمل بالناضور وتازة وفاس واستقر به الأمر في السنتين الأخيرتين بأحد المساجد بدوار صنهاجة السفلى عمالة صفرو، وأن راتبه الشهري يصل إلى 2300 درهم تؤديه له وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأنه حصل على التزكية من المجلس العلمي بالناضور. وخلال لقاءات تكوينية ينظمها المجلس العلمي بتنسيق مع مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سمع بضرورة حصول الفقهاء والأئمة الممارسين بما يعرف بالشرط على شهادات صادرة عن المجلس العلمي. ونظرا لتوفره على شهادة التزكية من المجلس العلمي للناضور، ارتأى الحصول على شهادة مماثلة في الخطابة، حيث كان من اللازم الخضوع للامتحان، فتعرف على المسمى م. ش، الذي أخبره بأنه بإمكانه الحصول له على الشهادة دون الخضوع لهذا الإمتحان، وبالفعل مكنه منها مقابل مبلغ 2200 درهم، ثم توسط هو للظنين الأوليين مقابل مبلغ 2500 درهم للشهادة الواحدة.
وعند الإستماع إلى الظنين ر. ج من طرف الضابطة القضائية صرح بأنه منذ 2002 وهو يعمل فقيها بعدة مساجد إلى أن استقر به الأمر بمسجد دوار عين عبدون ضواحي تاونات، وأنه وصل إلى علمه بأن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تطلب شهادة تزكية للفقهاء أمثاله قصد الإبقاء على راتبهم الشهري المحدد في مبلغ 800 درهم. وخوفا من ضياع هذه المنحة ومن الرسوب في الامتحان بدأ يفكر في الحصول على هذه الوثيقة، فتوصل إلى الظنين ع.ق، الذي طالبه بمبلغ 3000 درهم للحصول على الوثيقة المطلوبة. وبالفعل حصل على الشهادة في الخطابة.
وعند الإستماع إلى باقي الأظناء من طرف الضابطة القضائية صرح ع. ق بأنه يعمل مرشدا دينيا بالسجن المحلي بفاس، ويؤدي خطبة وصلاة الجمعة لفائدة السجناء ويحفظهم القرآن الكريم وذلك بتعيين من المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأنه التقى بالمسمى ش وسأله عن إمكانية الحصول على شهادة التزكية في اختصاص الإمامة، فأخبره بأن ذلك ممكنا ودون اللجوء إلى الإمتحانات المطلوبة، وأن ذلك يتطلب استنساخ نسخة من شهادة تزكية أصلية بتقنية السكانير ويهتم هو بعد ذلك بترقيمها وإدخالها بسجلات الإدارة المانحة لتصبح صحيحة وسليمة مقابل مبلغ 200 درهم للوثيقة الواحدة، وطلب منه استنساخ العدد الذي يمكنه الحصول عليه ولو بلغ ألفا فتولدت لديه فكرة القيام باستنساخ مثل هذه الوثائق وتزويرها ما دامت ستدر عليه ربحا كبيرا، وجند لهذه المهمة عددا كبيرامن الوسطاء الذين كانوا يستقطبون له الضحايا وجلهم فقهاء ومرشدين دينين. وكان يطلب المقابل المادي الذي يتراوح بين 500 إلى 1500 درهم للزبون الواحد. وبدأ في البحث عن عناصر أخرى يضمها إلى شبكته، حيث تعرف عن طريق أحد معارفه المدعو عبد النور ، على المسمى محمد الذي له دراية بميدان المعلوميات، ونظرا لحاجته الماسة إلى المال فقد استدرجه هو الآخر وأصبح هو المزور الوحيد واقتنى له طابعة متعددة الوظائف ملونة وباتا ينسخان عددا من الوثائق مقابل مبلغ مالي. فداع صيته بين الفقهاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.