سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تفكيك شبكة غريبة ل«الفقهاء» متهمة بالنصب والاحتيال وتزييف وثائق وزارة الأوقاف مرشد ديني في السجن يصلي بالسجناء متهم ب«تزعم» الشبكة وخبراء إعلاميات أبرز مساعديه
«أدانت» غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بفاس عددا من «الفقهاء» ومعاونيهم ممن اتهموا بالانتماء إلى «شبكة» متهمة بالنصب والاحتيال وتزييف وثائق إدارية تتعلق بشهادة تزكية للحصول على المرتب الذي تصرفه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لأئمة المساجد في مختلف ربوع الوطن. وتحمل الوثيقة المزورة توقيعات توحي بأنها صادرة عن رئيس المجلس العلمي المحلي بفاس. صرح أحد الفقهاء الموقوفين لدرك بنسودة، الذي فكك هذه الشبكة، بأنه يعمل فقيها بإحدى التعاونيات الفلاحية بضواحي المدينة، وقال إنه يؤم المواطنين في الصلوات الخمس ويستفيد من راتب شهري قدره 800 درهم من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مع بعض المساعدات من طرف ساكنة دوار العبادة أولاد امحمد التابع لجماعة عين الشقف، وأشار إلى أنه سمع بوجوب حصوله على شهادتي تزكية من المجلس العلمي المحلي بفاس للمحافظة على راتبه الشهري، وذلك باجتياز الامتحان. والتقى الفقيه، حسب تصريحاته، رفقة شقيقه، بإمام آخر يعمل خطيب جمعة بأحد مساجد ضواحي مدينة صفرو، وأخبرهما بأنه بإمكانه مساعدة الفقيه «عبد الواحد.ف» للحصول على هذه الشهادة مقابل مبلغ 2500 درهم. وبعد إنجاز الوثائق المطلوبة تم إنجاز الوثيقتين دون أن يشك الشقيقان، حسب وقائع الملف، بأنهما مزورتان إلى حين طلب الشهادة من قبل مراقب المساجد لدى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وفي 21 شتنبر من السنة الماضية اتصل بهما المندوب الإقليمي للوزارة بمولاي يعقوب وأخبرهما بأن شهادتي التزكية مزورتان. وحضر «عمر. ع»، الفقيه الوسيط، واعترف بأنه هو الذي توسط للحصول على الشهادتين لكنه لم يكشف عن الشخص الذي قام بإنجازهما. وتبين للمحققين أن إحدى الشهادتين المزورتين هي في الأصل عبارة عن مراسلة اختبار في الخطابة لمترشح، أما الشهادة الثانية، فإنها تحمل رقما مجهولا غير مسجل. وصرح الفقيه الوسيط بأنه عمل في مساره المهني فقيها في الناظور وتازة وفاس واستقر في الأخير في مسجد دوار صنهاجة السفلى بعمالة صفرو. وقال إنه حصل على شهادة تزكية للإمامة من لدن المجلس العلمي للناظور، لكنه، ومن أجل الحصول على شهادة أخرى للخطابة توسط لدى شخص آخر مكنه منها مقابل 2200 درهم. وعمد بعد ذلك للتوسط للفقيه «عبد الواحد» مقابل 2500 درهم للشهادة الواحدة. وظهر فقيه ثالث في القضية يعمل فقيها بدوار عين عبدون في ضواحي تاونات، قال إنه بدوره حصل على شواهد مزورة للإبقاء على راتبه من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بعدما تخوف من أن يرسب في الامتحان في الخطابة، وذلك مقابل مبلغ 3000 درهم. والتقى بعد ذلك فقيه صفرو رفقة شخص آخر وطلبا منه أن ينجز وثيقة مماثلة للفقيهين الشقيقين «يوسف» وعبد الواحد مقابل مبلغ 5000 درهم. وصرح المتهم بتزوير هذه الشواهد بأنه يعمل مرشدا دينيا بالسجن المحلي بفاس ويؤدي خطبة وصلاة الجمعة لفائدة السجناء، ويحفظهم القرآن الكريم. وقد حصل «عبد السلام.ق» على هذا المنصب بتعيين من المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وأورد أنه التقى شخصا آخر أخبره بأنه من الممكن الحصول على شهادة تزكية في اختصاص الإمامة دون اللجوء إلى الامتحانات المطلوبة، وذلك عبر استنساخ شهادة تزكية أصلية بتقنية السكانير، وترقيمها وإدخالها بسجلات الإدارة المانحة لتصبح صحيحة وسليمة. والتقى مرشد السجن بإمام مسجد صهريج كناوة الشعبي بفاس والذي طلب منه تقديم طلبه قصد تعيينه مرشدا دينيا بالسجن، ولجأ من أجل الحصول على الشهادة إلى صديق له خبير في الإعلاميات، وقام بتزويرها ووضع اسم شقيقه عليها عوض اسمه، وأدخلها إمام مسجد صهريج كناوة في سجلات المجلس العلمي لتصبح صحيحة مقابل 200 درهم للوثيقة الواحدة. وطلب منه استنساخ أكبر كمية، وتولدت لديه فكرة استنساخ هذه الوثائق للحصول على المال. وجند لهذه المهمة وسطاء كانوا يستقطبون له الضحايا في أوساط الفقهاء والمرشدين الدينيين، وكان يطلب مبالغ تتراوح ما بين 500 و1500 درهم للزبون الواحد. وتعرف عن طريق شقيقه الذي يعمل بمدرسة للإعلاميات بفاس على خبير آخر في الإعلاميات بنفس المؤسسة، وبدأ هذا الأخير ينجز له الوثائق المزورة. وكان يمده بمبلغ 100 درهم نظير كل وثيقة. وتمكن من استدراج خبير آخر في الإعلاميات كان في حاجة ماسة إلى المال، وأصبح المزور الوحيد له بعدما اقتنى له طابعة متعددة الوظائف ملونة. وذاع صيت المرشد الديني في أوساط الفقهاء، وكان يقدم لهم نفسه على أن له علاقات نافذة وواسعة، إلى درجة أنه وعد عددا من الأشخاص بتوظيفهم في إدارة السجون، ومنهم أيضا مزوره الرئيسي الذي حصل على شهادة الإجازة من المدرسة العليا للتجارة وتسيير المقاولات والمعلوميات بفاس، ونال أيضا شهادة الماجستير في التسيير المعمق للمقاولات. وقال صاحب هذه الشهادة «يوسف.ح» إن المرشد الديني وعده بأنه سيقوم بتعيينه لدى إدارة مراقبة التراب الوطني في تعيينات جديدة بالمنطقة الحدودية زوج بغال، وذلك برتبة عميد فسلمه مبلغ 48 ألف درهم على دفعات. ولم يكتف المرشد الديني بتوريط هؤلاء الأشخاص كلهم، فقد امتدت شبكته إلى إطار بنفس المدرسة يعمل بقسم الإشهار. والغريب في ملف هذه «الشبكة» أن أحدهم صرح بأنه قضى رفقة المرشد الديني المتهم في القضية عقوبة سجنية في سنة 2008 بتهم تتعلق بالاتجار في المخدرات. وراعت المحكمة الأوضاع الاجتماعية للمتهمين في الملف. وقررت إدانة متهمين اثنين من أجل المشاركة في تزييف وثيقة إدارية تصدرها إدارة عامة لإثبات حق والحكم ببراءتهما من ذلك، وخفضت العقوبة المحكوم بها على 4 متهمين إلى 6 أشهر حبسا نافذا، وجعل العقوبة موقوفة التنفيذ لمتهمين اثنين.