مديرية الضرائب تفتح شبابيكها نهاية الأسبوع لتمكين الأشخاص الذاتيين المعنيين من التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية    تساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    رأس السنة الجديدة.. أبناك المغرب تفتح أبوابها استثنائيًا في عطلة نهاية الأسبوع    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    بيت الشعر ينعى الشاعر محمد عنيبة الحمري    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    الفقيه أحمد الريسوني... الهندوسي: عوض التفكير المقاصدي، الرئيس السابق للإصلاح والتوحيد يخترع الخيال العلمي في الفقه!    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    البطولة الوطنية.. 5 مدربين غادروا فرقهم بعد 15 دورة    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    "الاتحاد المغربي للشغل": الخفض من عدد الإضرابات يتطلب معالجة أسباب اندلاعها وليس سن قانون تكبيلي    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    حملات متواصلة لمحاربة الاتجار غير المشروع في طائر الحسون أو "المقنين"    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    الحبس موقوف التنفيذ لمحتجين في سلا    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "البام" يدعو إلى اجتماع الأغلبية لتباحث الإسراع في تنزيل خلاصات جلسة العمل حول مراجعة مدونة الأسرة    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يروج الاسلاميون لأفكارهم بالرؤى الملفقة والأكاذيب والخرافات؟


احتيال ونصب «ديني» لإستقطاب المريدين والمقاتلين
نزول النبي عليه الصلاة والسلام لأخذ روح واحدة من الأتباع. ملائكة تدعم فئة على حساب أخرى. رؤية تنظر لمستقبل انتخابي. مقاتلين يتجاوزن أماكن لم يسبق لبشر أن خرج منها سالما... مجموعة من القصص التي تتجاذب أطرافها فئتين، الأولى تعدها من الكرامات ، والثانية تعتبرها أكاذيب تتغذى على حقائق دينية محرفة.ما بين الفئتين تنجرف صفوف من المصدقين الذين يتحولون إلى مريدين، أو أتباع، أو مقاتلين مسلوبي الإرادة أمام أصوات ترسم لهم خريطة تحركات عكس التيار.
«أود إخباركم أن السيدة فاطمة الزهراء بيننا اليوم داخل ميدان رابعة العدوية، كما أن النصر حليف لنا بإذن الله، بعد أن رأيت يوم أمس أن نورا ينزل من السماء على الميدان، وأن الرئيس مرسي يصلي بنا صلاة التراويح وعلامات النصر بادية على وجهه» تقول إحدى المنقبات بحماسة وهي توجه كلماتها من منصة رابعة العدوية بمصر للجموع المطالبة بإعادة رئيس "الشرعية".
شيوخ الميادين يشحنون الأتباع بأضغاث الأحلام
استقبلت الجموع الرؤيا بالتكبير والتهليل، ليفسح المجال من جديد لرؤيا أخرى على لسان أحد الشيوخ الذي استغل حماسة الحاضرين ليجعل من الأحلام حججا واهية تبث أملا كاذبا في صفوف المنتظرين، « إن رؤية جبريل عليه السلام داخل مسجد رابعة العدوية لم تكن عبثا، بل هي من المبشرات بنصر قريب، وأزيدكم أنني أتلقى كل يوم عددا من الرؤى التي يرويها لي عدد من الإخوة والأخوات عن قرب النصر، وقد تضافرت كل الروايات بكون الرئيس مرسي سيصلي بنا التراويح، كما أن إحدى الطالبات أخبرتني صباح اليوم، بأنها رأت الرئيس يواجه مجموعة من الأمواج العالية، وكلما أفلت من واحدة، وجد أخرى أعلى منها، إلى أن تمكن بإذن الله من تجاوزها وعلامات النصر بادية على وجهه» يقول الرجل الذي خانه المنطق، وتفلتت منه الحجة ليجد سنده الوحيد في بعض الأحلام التي تترجم أماني المستيقظين داخل ميدان الإعتصام.
مقابل الميدان المحتفي بنزول جبريل، وجدت روايات أخرى لمصريين يتحدثون عن ما أسموه، " كرامات الحسين التي هزت عرش مرسي فرعون مصر الجديد". يتعلق الأمر بالمصريين الشيعة الذين لم يتقبلوا مقتل زعيمهم حسن شحاته خلال إقامته لطقوس منتصف شعبان، التي يوليها الشيعة أهمية خاصة، «لقد رأيت السيدة فاطمة الزهراء تستقبل روح الشهيد، وتهم بنزع حجابها.. إن شاء الله سينتقم الله من هؤلاء الطغاة الذين استحلوا دمائنا»، تقول إحدى المصريات على إحدى صفحات الشيعة على الفيسبوك، حيث تشتد الحرب الكلامية.
ولأن الزهراء نزعت حجابها، كان لزاما نزول اللعنة على الفئة التي سترى شعرها، وذلك وفقا للروايات التي يتناقلها الشيعة، والتي تفيد أن انتهاك ستر الزهراء يمكنه أن يلحق العذاب بمخالفها، لأنها المرأة التي يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها. ولأن الزهراء غضبت لمقتل الشيخ شحاته الذي أخذ على عاتقه إحياء مراسيم شعبان وفقا للمنهج الحسيني، كانت النتيجة سقوط نظام بأكمله حسب ما يردده بعض الشيعة المصريين والعراقيين الذين اعتبروا أن تضافر أدعيتهم خلال شهر شعبان كانت كفيلة بصنع المعجزات، وهو ما يطرح التساؤل عن سبب إحجام هؤلاء في الإستناد على ورقة المعجزات لإيقاف حمام الدم الذي يغرق العراق معقل الفكر "الحسيني".
السيدة زينب تستغيث بمليشيا جيش المهدي
ولأن المعجزات محرك أساسي لمشاعر الشيعة منذ قرون، كان حضورها بارزا خلال الحرب داخل سورية، حيث يعتبر البعض أن وجود مقامات مقدسة داخل الأراضي السورية، مبرر لوجود مقاتلين من حزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني، وما تردد عن وجود بعض قوى جيش المهدي ومنظمة بدر من العراق، وذلك من أجل الدفاع عن مقام "العقيلة زينب"، شقيقة الإمام الحسين. التواجد الكثيف للشيعة داخل سوريا، وإن كان يستند في العمق على رؤية استراتيجية تهدف إلى حماية سوريا على اعتبارها اللحمة الرابطة بين ايران ولبنان حزب الله، وهو ما حول الثلاثي إلى رمز ممانعة حسب الرواية الفارسية المتسترة خلف الترجمة السورية اللبنانية، إلا أن حطب هذه الحرب يعتمد على أتباع لا يلتفتون كثيرا للغة الإستراتيجيات المتكلفة، ليصبحوا أدوات طيعة تنجذب لروايات خارجة عن المألوف.
«الله أكبر، هاي معجزة ودعوة لكل العراقيين من أجل الدفاع عن هذا المقام المبارك» يقول أحد الزوار العراقيين خلال تواجده داخل مقام السيدة زينب بسوريا، الواقع تحت سيطرة مقاتلي الرايات الصفر من لبنان. يحمل الرجل بين يديه ما يعتبره دليلا على المعجزة، وهو بمثابة قرص من التربة الحسينية، يسجد فوقه الشيعة خلال الصلاة. يشير بسبابته داخل القرص لمشاهدة ملامح مقتدى الصدر التي رسمت داخل التربة الحسينية. يدقق في التفاصيل ويشير إلى العمامة، وكف الإمام الموضوع على خده، في إشارة إلى حزنه على مآل أوضاع الأمة. يكبر الرجل ويهلل بعد كل تفصيل من تفاصيل هذه المعجزة، التي يرى فيها دعوة من السيدة زينب إلى نصرة مقامها داخل سوريا من طرف مليشيا جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر !!
الملائكة تحارب إلى جانب الجيش الحر
«المدد» الرباني ليس حكرا على طائفة دون أخرى داخل سوريا. للسنة أيضا رواياتهم عن جند الله الذي يقدم لهم العون خلال حربهم على من يصفونهم ب"الصفويين"، أو "الرافضة" الداعمين للجيش النظامي السوري، والشبيحة الموالية للأسد.
«لقد وصلتني رواية متواترة عن الثوار داخل سوريا، تفيد وجود العديد من المعجزات، ومن أهمها أن أحدهم ذكر لي أن جنود الأسد جاؤوه بجثة ولده، ثم طلبوا منه أن يدلهم على هوية الرجال الذين يمتطون خيولا بيضاء، ويحاربون معهم، وقد كان الجنود يسألون الثوار كل مرة عن هوية هؤلاء، فيقولون لا نعرفهم .. ربما هم من الملائكة. ومن المعجزات أيضا أن الجيش قام بإطلاق الرصاص على خزانات المياه داخل درعة، حتى يموت المجاهدون عطشا، لكن بعض الإخوة أخبروني أنه بعد مرور ثلاثة أيام من العطش والتسبيح، تشققت السماء بالماء حتى كدنا نغرق من شدة انفتاح السماء بالماء علينا، فشربنا وارتوينا» يقول شيخ من مشايخ إحدى الفضائيات الدينية التي تحاول استقطاب المتعاطفين مع "الثوار السنة" ضد "القوات العَلَوِِية".
من لم تقنعه رواية الفرسان الغامضين فوق الجياد البيض، يجد المزيد من هذه الخرافات في فيديو تحت عنوان، "كرامات خص الله بها الثوار السوريون رغم أنف المشككين"، ويظهر الفيديو رجلا ملتحي بزي أبيض، يتوجه نحو جثة شاب ملقاة وسط الشارع، لا يستطيع أحد الوصول إليها بسبب إطلاق النار المتبادل بين الموالين للنظام والجيش الحر. وسط تكبير المتواجدين تمكن الرجل بزيه الأبيض من حمل الجثة بيد واحدة، والسير بها وسط الرصاص باتجاه رفاقه الذين أخذو تسلموا الجثة.
كان من الممكن ترجمة التدخل كمبادرة من رجل شجاع، لكن مروجي الشريط أضافوا العديد من العبارات التي تحصر الحادث في إطار الأمر الخارق الذي لا يصدقه عاقل، كعبارة «انظروا إلى مكان خروجه من مكان تواجد الشبيحة»، في إحالة أنهم لم يتمكنوا من رؤيته. «أنظروا لثيابه الشديدة البياض»، في إحالة إلى الهيئة التي كان يدخل بها جبريل على رسول الله، حيث لم يكن الصحابة يعلمون مكان قدومه، ويستغربون شدة بياض ملابسه. في نهاية الفيديو ظهرت عبارة «أنظروا له كيف يحمل الشهيد بيد واحدة، ويمشي بدون إنحناء دون أن تلمسه رصاصة»، وتحيل العبارة على طبيعة المتدخل الذي لا يلمسه سوء، قبل أن يختتم المشهد بعبارة، هذا كل ما يثبت وجود الملائكة وظهورها في سوريا لتدافع عن أهل الحق !!
دم برائحة المسك.. لتثبيت المقاتلين
الاستناد على روايات خارج إطار المألوف لتخدير عقول المستمعين وكسب تعاطفهم، ليس بالدعوة الجديدة ، فقد سبق لغير العرب أن خبروا هذه "الخوارق" في مرحلة الوقوف الأفغاني بوجه الإتحاد السوفياتي، «الشهداء العرب يحضون باحترام بالغ من طرف سكان توره بوره.. الناس هنا تتحدث عن وجود قبور لشهداء دفنوا وراء المجهول، فوق الجبل الأبيض "كوه سفيد" الذي يغطيه الثلج طيلة السنة، والذي تواتر السكان المحليين بأنه المكان الذي لم يتمكن بشر على مر التاريخ من الصعود إليه، أو العودة منه سالما، لكن المجاهدين تمكنوا من ذلك وهم صائمون، زحفا على بطونهم مدة ثلاثة أيام، وكل زادهم بضع حبوب قاسية من الذرة، والثلج والأعشاب .. إنهم أبناء الصحابة، وهم صور حية علي جهاد الرسول وكراماته» يقول أحد اساتذة المدارس الدينية بباكستان ممن عايشوا المقاتلين العرب الذين قيل إن دمائهم تفرز رائحة المسك، وأن الرصاص يعجز عن اختارق أجسادهم في الكثير من المعارك، أو مصادفته للطعام والماء داخل أماكن قاحلة لا وجود للحياة فيها، أو إرواء عطش 80 مقاتلا بواسطة إبريق ماء صغير، وغيرها من القصص الغير قابلة للتصديق، والتي تجعل المستمع يتسائل، لماذا سيخص الله هؤلاء الناس بأشياء لا يختص بها غيرهم ؟ !
يتولى الجواب أحد القادة الميدانيين الملقب بأبو معاذ الخوستي من فلسطين، و ذلك خلال شرحه لزملائه سبب اختصاص المقاتلين العرب والمسلمين بما اعتبره "كرامات" لم يختص بها الصحابة زمن النبي، « الكرامات في هذا الدرب مهمة، والصحابة ليسوا بحاجة لمن يثبتهم لأن معهم الله والرسول المعلم، أما نحن مساكين نحتاج لمن يشجعنا ويؤازرنا لذلك رائحة الشهيد التي كالمسك تثبتنا، لنعرف أننا على الحق ، كما أن الصحابة كانو ا أكثر إيمانا منا ولا يحتاجون لكرامات تثبتهم، على عكس المتأخرين الذين هم أقل ايمانا» يقول أبو معاذ الذي انضم إلى لائحة "الشهداء" تحت لواء الأفغان.
2006 .. سنة القومة المتعثرة
الكرامات لا تحصر داخل دائرة الموت ودعوات الجهاد فقط، بل هناك من يقحمها في حسابات سياسية، «نحن في معركة لا شأن لنا بها، بل هم من يتحدثون عن مواجهة بين السلطة والعدل والاحسان، نحن لم نواجه أحد.. حنا غادين في مجالسنا وشغلنا، حنا ما ديناها في حد.. مادخلنا ليكم في انتخاباتكم ولا فداك العجب ديالهم، عومو فبحركم، حنا قلنا ليكم راكم غادين الهاوية مبغيتوش تسمعوا هاداك شغلكم.. لقد أخبرناكم بما ستكون عليه سنة 2006، لكنكم لم تقتنعو، لذلك نحن لا نواجه أحد، بل هم من يريدون مواجهتنا، هم من يعيشون الحرج لأن مواقفنا تحرجهم» يقول فتح الله أرسلان العضو في جماعة العدل والإحسان خلال كلمة ألقاها على أتباع الجماعة بخصوص تحذير المغاربة من قومة 2006 التي قال عنها الراحل عبد السلام ياسين «ستكون خطوة كبيرة في اتجاه ما عملنا من أجله منذ سنوات طويلة، وهي مرحلة مهمة .. يعلم الله كيفاش غادي تكون» يقول الرجل الذي حدد في أحدى خطبه ما يجب أن تكون عليه تحركات الأتباع الذين توحد بينهم لغة الرؤى والأحلام، « الدولة الإسلامية لن تقوم بالمخيمات التي تقام فيها الأناشيد، يجب أن يكون الحديد في يدنا وأن نوجهه إلى نحر أعدائنا، ليعلم الله من ينصره ورسوله».
ولشرح أكثر لهذه الخطوات، لم يجد الرجل حرجا في الإستناد إلى النموذج الإيراني، « ما العمل.. لماذا نجلس في بيت من بيوتنا مدة من الزمن بعد أن استأنسنا أننا جماعة مكونة من الآلاف.. لنخرج للشارع، ونخلق فوضى، ولابد أن يأتي يوم يقع فيه داخل بلاد المسلمين كما وقع داخل إيران، هذا شيء نحن ذاهبون له لا محالة شاء من شاء وأبى من أبى».
ثقة الشيخ بحتمية ما سيقع خلال 2006، شكل مرجعية توهم البعض أنها تستند على معطيات مادية، غير أن الأطر البارزة بالجماعة كفتح الله أرسلان، يحاول إغفال سيناريوهات الرغبة في التغيير من منطلق الخروج على الثوابت المتعارف عليها، ليهرب إلى حقل الرؤى والأحلام، مدعيا أن الأمر يرتبط برؤية متواترة لمجوعة من "الإخوة والأخوات" داخل الجماعة، الذين اقتنصوا في لحظة مشاهدة ما ستؤول إليه الأوضاع خلال السنة الموعودة التي انتظرها السذج بكثير من الصبر. الأمر لا يتعلق بعلم الغيب كما يقول القيادي في العدل والإحسان، « هاد الشي داير بحال الأحوال الجوية، إلى قلنا ليكم شفنا الشتا، لا يعني حنا اللي كنهبطو الشتا، لكن غير قلناها ليكم.. هذا ما رأيناه في عالم الرؤيا، ونحن نصدق عالم الرؤيا، لذلك خذوا احتياطاتكم لمواجهة ما يقع، لكن البعض أول الأمر بأننا نحن من سيفتعل المشاكل، وهذا خطأ، يدعون أننا سنضعف النظام، وسنتآمر، لذا يفكرون في ضربة استباقية..» يقول القيادي الذي يرى أن دور الجماعة في نقل هذه الرؤيا يعد من باب الإخبار فقط، دون معرفة بالتفاصيل، غير أن بقاء الحال على ما هو عليه بعد تاريخ 2006، دفع أطر الجماعة إلى الشعور بالحرج، والتملص من فكرة القومة معتبرين أنهم تحدثوا عن تغييرات عامة دون تحديد ملامحها، التي كانت في البداية دعوة صريحة إلى تحديد ساعة الصفر، لإقامة الخلافة الإسلامية الموعودة !!
وتلعب «الأحوال الجوية» حسب وصف أرسلان دورا أساسيا في تطويع أتباع العدل والاحسان والمتعاطفين، من خلال اللعب على الوتر الحساس وهو «المقدس» الذي لا يمكن لهم أن يخالفوه أو ينكروه ليجدوا أنفسهم في النهاية ضحية أكاذيب وتهيؤات تستثمر في «السياسي» متخذة من الجانب الدعوي الذي يقحم فيه الأتباع حصان طروادة لتحقيق أهدافها.
حضور النبي والملائكة جنازة الأتباع
تتبع خطابات أبرز قيادات الجماعة التي تستند على عالم الأحلام، يدفع للتساؤل عن نوعية الأتباع الذين كشفت العديد من التسجيلات عن تماهيهم مع هذا الخط، الذي يفصل أتباع الجماعة عن عالم الواقع إلى عالم آخر تحصل فيه مشاهدة الرسول والملائكة يقظة، «شاهدت النبي داخل المسجد رفقة للاخديجة، كان بيده ظرف أعطاه لها، وطلب منها أن تناوله للمرحومة، كما شاهدت جبريل ينزل من السماء رفقة عدد كبير من الملائكة، وبعده نزل الصحابة، وقد كانت المرحومة ترتدي لباس عروس رفقة أبي بكر الصديق» يقول أحد المنتمين للعدل والإحسان خلال سرد مشاهداته، التي تلتها مشاهدات أخرى لأعضاء تمكنوا من رؤية النبي ينزل لأخذ روح أحد الأتباع، مما يعكس فكرا خرافيا لا سند له داخل الثقافة الإسلامية، التي لم يثبت فيها أن النبي ظهر بعد موته حقيقة، حتى لأقرب أصحابه، فلماذا اختار الظهور بين أصحاب الشيخ عبد السلام ياسين.
أهمية الرؤية داخل الجماعة، يترجمها وجود وزير خاص بالرؤى والمشاهدات، الذي حاول الدفاع عن أهمية هذه الرؤى من خلال إستحضار مشاهدة أحد المريدين خلال أحد مجالس الجماعة المنعقدة يوم الأحد 3 دجنبر2005، حيث قال« لقد رأى بعض الإخوة النبي يرد على منتقدي الجماعة وهو يقول لا تسمعون لهم، فسينظرون أي منقلب ينقلبون، وقِفوا بباب هذا الرجل، أي سيدي عبد السلام، فعنده تقضى الحوائج الكبرى، أو تدرون ما معنى الوقوف بالباب، معناه المحبة والأدب والاتباع والافتقار والذل والانكسار». بهذا الشكل إذن لا يمكن لأي من الأتباع أو المتعاطفين أن يرتاب في خطاب الشيخ أو يعارضه لأنه في لا وعيه يعتقد أنه سيتعرض للعقاب الالهي لمخالفته لتعاليم النبي.
وقد تصدى العديد من العلماء المغاربة لهذه الإدعاءات، كالراحل اسماعيل الخطيب أستاذ بالقرويين، الذي قال « لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كما يقال يأتي بجسده وروحه إلى الناس بعد وفاته، لكان قد جاء إلى موقعة الجمل عندما وقع النزاع الكبير في عهد معاوية، أو عند الحدث الكبير عند مقتل عثمان على اعتباره حدث مفصلي لما سيتعرض له المسلمين فيمابعد».
سكينة بنزين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.