في حركة العدل والإحسان لا يعتبرون ما يرونه في المنام، مجرد أحلام، بل حقيقة واقعية يُضلّلون بها الناس. وهذا واحد منهم يقول إنه رأى النبي رؤيةَ العين، نهارا، في جنازة سيدة، ورأى معه جبريل والملائكة والصحابة، إلى غير ذلك من التهيُّؤات والهَذيانيات التي لها تفسيرات في معالجات الطب النفسي. ولسنا بصدد تفسيرات علم النفس، نسأل عن رأي عالم في الدين، هو الدكتور عبد المنعم بن الصديق. قبل قراءة جواب العالم الجليل، شاهدوا الفيديو التالي:
د. عبد المنعم بن الصديق: سُئلت غير مرةٍ عن تلك المنامات والرؤى التي يقصها أصحابها، حتى أنها أصبحت “موضة“، فهذا يرى جبريل عليه السلام، وذاك يرى الرسول وأزواجه، وهذه ترى موكباً من الملائكة، وتلك تحكي أنها رأت ربَّ العزة يخاطبها أو يخبرها أنه يجالس شيخها.. إلى غير هذا من المنامات والرؤى.. التي تدلُّ كما يقول أصحابُها على صلاحهم وصلاح أصحابهم أو مَن تُرى لهم.. مستغلينها في الدعوة إلى الله وإلى طريقهم التربوي. وأقول: إنَّ مثل هذا الكلام وحكاية هذه المنامات، هو دليل على نقصٍ علميٍ كبير عند هؤلاء الإخوان. وعملٌ لا يصلح لشيءٍ، بل ضررُه أقوى وأكبر من نواحٍ متعددة. ولعل بعض علماء المغرب كتبوا في الردِّ على أصحاب هذه الرؤى مرشدين لهم وناصحين. وأقول مختصراً: إن الاعتماد على الرؤيا والمنامة هو نوعٌ مِن الزلل في التربية السلوكية، وجهل بقواعد السلوك. حتى أن العارفين قالوا إن الذي يعتمد على الرؤيا صاحب بطالة. يعني أن نفسه تميل إلى العجز والكسل والاتكال، ومريضة بمرض الشهرة والشهوة الخفية. ثم إن الذين يلمزون التصوف بهذا السلوك، فلمزُهم مردود عليهم، لأن الصوفي الحقيقي لا مكان للرؤى في قلبه، بل كان يتعوذ بالله إن حكى أحدٌ له رؤيا عنه، لأنه كان يراها استدراجاً ومكراً شيطانياً يفتنه عن ربه ودينه، فلا يعتمد عليها، ولا يلتفت إليها. والخطير في الأمر هو أن بعضهم كان يستحل أفعالا ويقول لقد رأيت رؤيا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أو يقول لي.. إلخ. كما سبق وسمعت الكثير منها من العديد من الشباب ذكوراً وإناثاً. بل صرَّح لي أحدهم أنه اخترع منامات ورؤى لهذا الغرض التشهيري، عن حسن نيةٍ منه ظناً أن هذا سيشجع على الإصلاح. فلما أعلمتُه بخطئه وأنَّ هذا من جملة الكذب، وأنه من الأعمال التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنَّ صاحبه يكلفه الله تعالى يوم القيامة أنْ يعقد شُعَيْرَتين مع بعضهما. إضافة إلى أنه أمرٌ خطير يؤدي كذلك إلى التلاعب بالدين وأحكامه، ولو كان لهؤلاء الإخوان عالم ناصحٌ لهم لما أقدموا على هذا العمل القبيح. وهذا من العيوب الكبيرة التي توجد في الجماعات الإسلامية المغربية، حيث ينقصهم التوجيه العلمي الشرعي، ويفتقدون بين صفوفهم علماء أكفاء يوجهونهم التوجيه الشرعي السالم من الخطإ والزلل. وحتى إذا تقدم أحدٌ لهم بنُصحٍ اعتبروه عدواً لهم، وحسبوه “رجلَ سلطة“ يريد النيل من “نضالهم“، كما وقع لي مع بعضهم سابقاً. وأخبرني والدي رحمه الله تعالى أنه لما كان بمصر رفقة أشقائه، كان يرتاد بيتهم جماعة كبيرة من أعضاء الجمعيات والهيئات والجماعات الدينية، يتزودون بالمعرفة الدينية، ويستشيرونهم في أمورهم وبرامجهم حتى تكون موافقة لحكم الشرع، ولا يأتيها الانتقاد من أحد.