هما مراهقان اختارا التمرد على تقاليد المجتمع وعادات أسرتيهما، بحيث تصر لمياء على ارتداء الملابس التي يعتبرها الآخرون جريئة وتزيين جسدها بالوشم، بينما يمتنع ياسين عن حلاقة شعره ويحرص على أن يضع الأقراط في أذنيه، ما سيجر عليهما العديد من الانتقادات من طرف المحيطين بهما ووالديهما. تميل دوما إلى الاختلاف عن غيرها من الفتيات من حيث اللباس والحلة التي تظهر بها، بحيث تحرص على ارتداء الفساتين القصيرة، والسراويل الممزقة وغيرها من الملابس التي يرى فيها المحيطون بها جرأة زائدة، ويعتبرون أنها لا تتناسب مع مرحلتها العمرية. تضع وشما على جسدها لمياء التي لا يتجاوز عمرها السبعة عشر ربيعا، تتميز بطبعها العنيد الذي يطغى على شخصيتها، ويجعلها تصر على مواقفها، متجاهلة آراء الآخرين ونصائحه والديها. بدأت أولى بوادر التمرد والعصيان تظهر على لمياء في بداية مرحلة المراهقة، حين كانت لا تزال تتابع دراستها بإحدى المدارس الإعدادية، بحيث أصبحت تصر على التشبه ببعض نجمات الغناء من الأوربيات والأمريكيات، بعد أن أصبحت مدمنة على مشاهدة القنوات الأجنبية وما تعرضه من أغاني مصورة، تبرز من خلالها الفنانات كل ما تجود به أجسادهن من مفاتن. إلى جانب الملابس الجريئة، حرصت الفتاة أيضا في تلك السن المبكرة على تغيير لون شعرها باستمرار، ووضع مستحضرات التجميل التي كانت تجعلها تبدو أكبر من سنها، وتدفع في كثير من الأحيان عددا من أساتذتها إلى توبيخها بشدة قبل طردها من القسم. كانت التلميذة تتخلص من وزرتها المدرسية في نهاية كل حصة، بمجرد أن تتخطى قدماها عتبة بوابة الإعدادية، وذلك بهدف إظهار «البيرسينغ» الذي تضعه في سرة بطنها، بالإضافة إلى مختلف الملابس التي تحرص على اقتنائها بما يغدقه عليها والداها من أموال، رفقة صديقاتها اللواتي يتقاسمن معها نفس الهواية. لم يتغير الوضع حتى بعد أن أصبحت لمياء تدرس في المرحلة الثانوية، بحيث سيقودها بحثها الدائم عن الاختلاف والتميز إلى أحد صالونات التجميل المتخصصة في الوشم على الجسد، حيث ستقرر أن تضع أسفل ظهرها وشما شبيها بذلك الذي تضعه إحدى نجماتها المفضلات، وهو الأمر الذي سيكون سببا في نشوب شجار بينها وبين شقيقتها الكبرى التي لم تتردد في فضح أمرها أمام والديهما، اللذين سيطالبانها بإزالته، لكن الفتاة العنيدة ستصر على الاحتفاظ به. بالرغم من نمط لباس لمياء ومظهرها اللذين لا يروقان لأفراد أسرتها المحافظة، اتخذ والداها قرار التغاضي عن تلك الأمور، بعد أن استنفذا كل الحيل ووسائل الإقناع، آملين أن تكون سلوكاتها تلك مرتبطة بمرحلة المراهقة، وأن تتخلص تدريجيا منها «مللي تدير عقلها». يمتنع عن حلاقة شعره تمكن ياسين ذو التاسعة عشر ربيعا من اجتاز امتحانات الباكالوريا بتفوق، ويتابع اليوم دراسته بأحد المعاهد العليا، غير أن مظهره الخارجي يوحي لكل من يراه للوهلة الأولى بأنه شخص منحرف ومستهتر. ياسين لا يرتدي سوى السراويل التي تنزل أسفل الخصر وتظهر لباسه الداخلي، كما يحرص بشكل دائم على وضع الأقراط في أذنيه، وهو الأمر الذي يجعل منه موضع سخرية من طرف العديد من المارة في الشارع، دون نسيان بعض أصدقائه الذين يجعلون منه موضوعا للسخرية و«الشدّان»، بينما لا يمر عليه يوم داخل منزل الأسرة دون أن يسمع انتقادات والديه اللذين عبرا له أكثر من مرة عن عدم رضاهما عن «اللوك» الذي يظهر به، معتبرين أنه يضرب بتلك الطريقة عرض الحائط كل السنوات التي تعبا خلالها في تربيته. ياسين الفتى المدلل الذي ينتمي إلى أسرة فاحشة الثراء تقطن بأحد الأحياء الراقية بمدينة الدارالبيضاء، اعتاد أن يحصل على كل ما يطلبه من مال دون أن يسأل من طرف أسرته عن الغاية وراء طلبه. ينفق الطالب الذي يحرص على اتباع آخر صيحات الموضة كل الأموال التي يحصل عليها من والديه في شراء ما يحلو له من ملابس، غير أن معظم ما يشتريه لا يحظى بإعجاب والديه، خاصة أمه التي تنتقد مظهره باستمرار، خاصة شعره الطويل الذي يجعله في نظرها يبدو شبيها بالفتيات. حاولت الأم بشتى الطرق إقناع إبنها بضرورة حلق شعر رأسه، بحيث لم تتردد في أن تعرض عليه مبلغا مغريا من المال مقابل أن ينفذ لها ذلك الطلب البسيط لكن دون جدوى، بحيث كان ياسين يثور في وجهها ويردد على مسامعها عبارات من قبيل «نتوما ما كتفهمونيش!... الزمان ديالكم ماشي هو الزمان ديالنا»، في إصرار تام على أن يحافظ على مظهره، ويدافع إلى آخر لحظة عن حقه في اختيار لباسه ومظهره الخارجي حتى وإن كان ذلك يتعارض مع آراء والديه ومبادئهما.