يحرص الأبناء في مرحلة المراهقة على الاهتمام بمظهرهم، غير أن اختياراتهم في ما يتعلق بالملابس والحلة التي يظهرون بها، لا تحظى في كثر من الأحيان بالتأييد من طرف الأسر التي ينتمون إليها، فتكون سببا في نشوب الخلافات بين الأبناء والوالدين. فيما يلي يتطرق الدكتور بنيشو إلى المشاكل الناتجة عن تدخل الوالدين في نمط لباس الأبناء ومظهرهم، والحلول التي من شأنها المساعدة على تجاوزها. اختيار المراهق لنمط لباس أو مظهر لا يتقبله المجتمع الذي يعيش بداخله مرتبط بالأساس بطبيعة الشخصية التي يتمتع بها، فهي تتميز بالضعف وسرعة الانفعال، ما يجعل المراهق تابعا للآخر ويتأثر به، بحيث يتصرف دائما حسب ما يراه ويسمعه عن طريق وسائل الإعلام الغربي بالخصوص، ولا تكون سلوكاته نابعة من قناعاته الخاصة. هاته المسألة تعكس الصراع الحضاري بين الآباء والمجتمع وبين الأبناء، وتدل أيضا على أن القوة الخارجية المتمثلة في وسائل الإعلام التي تروج «اللوك» الغربي الدخيل على الثقافة المغربية، أصبحت أكثر تأثيرا من المحيط الداخلي المتمثل في المجتمع والأسرة، بما يفسر التناقض الموجود حاليا بين الشكل والمضمون لدى فئة الشباب والمراهقين بالمغرب. الإدمان على الأنترنت الوسيلة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، يعتبر من العوامل المؤثرة بشكل غريب على هؤلاء المراهقين، والتي تتحكم في سلوكاتهم دون وعي منهم، فتجعلهم يتخلصون تدريجيا من الخجل والحياء، ويميلون إلى ارتداء ملابس لا تتماشى مع تقاليد وعادات مجتمعهم والأسر التي ينتمون إليه، كأن ترتدي الفتاة ملابس قصيرة، والشاب سراويل ضيقة، ويضع وشما على جسده. ينتج عن ذلك في غالب الأحيان نوع من الصراع بين الآباء الذين يتشبثون بالمبادئ والأسس التي تربوا عليها، بينما يرفض الأبناء الذين تأثروا بقيم وافدة من الخارج التخلي عن نمط اللباس والشكل الذي يحبون الظهور به بين الناس. تجاوز هذا الصراع بين الحضارات والأجيال يتطلب قيام كل وسائل الإعلام الوطنية بدورها في التقريب بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الغربية بشكل يضمن الحفاظ على خصوصية المجتمع المغربي وثوابته، وتقريب وجهات النظر والآراء بين الآباء والأبناء. أما بالنسبة لدور للآباء فهو يعتبر الأكثر صعوبة في ظل تعنت أبنائهم، لكن هذا لا يلغي ضرورة فتح باب الحوار، الذي من خلاله سوف يتمكن الآباء من تقريب الهوة بينهم وبين أبنائهم الذين أصبحوا ينفرون من تقاليد مجتمعهم ويقللون من أهمية ما يحدث بداخله، بينما يمجدون نمط حياة الغرب. لذلك فإن حدوث التواصل السليم بين الآباء والأبناء يبقى من الحلول التي من شأنها أن تعيد إلى أبنائهم المراهقين اعتزازهم بحضارتهم وثقافتهم. * اختصاصي في الأمراض النفسية والعصبية