ينظر البعض إلى المراهقة كمرحلة مخيفة لما يحدث فيها من تغيرات جسدية ونفسية وسلوكية، والبعض الآخر ينظر إليها بمنظار التفاؤل والأمل المتجدد .. فكيف نكتشف أسرار المراهقة؟ وكيف نغوص في أعماق المراهقين؟ كيف نحقق الأمان النفسي؟ وكيف نحول تلك الطاقات المتوقدة في أعماق النفس، إلى إبداع وانطلاق نحو الآفاق الجميلة؟ المراهقة مرحلة من مراحل الترقي النفسي والعاطفي والجسدي المستمر نحو الكمال والرشد، وهي مرحلة تتسم بالتغير الداخلي في مظاهر النمو النفسي والفسيولوجي والعقلي والاجتماعي. كما تتسم بوجود صراعات نفسية داخلية وخارجية، مما قد يجعل هذه المرحلة مرحلة مخيفة إذا لم نعرف كيف نتعامل معها. المراهقة والبلوغ هناك فرق بين المراهقة والبلوغ، فالبلوغ يعني قدرة الإنسان على الإنجاب وذلك باكتمال الوظائف الجسدية والجنسية لديه، ولا يعني النضج الجسدي بالضرورة النضج النفسي والعقلي والانفعالي، ولذلك، فإن عدم التوافق بين النضج الجسدي والنضج الانفعالي والنفسي قد يضع المراهقة والأسرة في حرج وسلوكيات قد يفهم منها الانحراف. وللمراهقة ثلاث مراحل: المرحلة الأولى: (11/14 عاما)، وتتميز بالتغيرات الحيوية السريعة. المرحلة الثانية: (14/18 عاما)، ويكتمل فيها التغيير الحيوي. المرحلة الثالثة: (18/21 عاما)، ويظهر فيها الشباب أكثر نضجا واستقرارا. الخلاف بين المراهق والأسرة يسعى المراهق بحكم النمو الفسيولوجي والنفسي إلى الخروج من دوائر السيطرة وإظهار مفهوم القدرة، وهذا أمر طبيعي يجب أن يدركه الوالدان والأسرة، ويسمحوا لهذا الشعور بالخروج من مخرج مناسب، ولكن دون إفراط أو تفريط حتى لا يخلقا التوتر النفسي للمراهق وتضخيم تلك الأحاسيس ومحاولة إثبات صحتها .. وهنا تظهر بعض المشاعر: - خوف الأسرة والوالدين على المراهق. - الخوف الزائد من أصدقاء السوء. - المبالغة في النصح بطريقة الأمر والنهي. - اعتبار المراهق قليل الخبرة ومتهورا ومثار النقد في ما يعمله. - اتهامه بالتمرد ورفض النصح. - أنه منفصل عن الأسرة ويعيش في عالمه الخاص. - الاستغلال السيئ للإمكانات المتاحة له كالجوال والأنترنت.. مشاكل المراهقة التحولات الهرمونية والجسدية لها تأثير على نفسية المراهق بين الاستغراب والانفعال وردات الفعل، خصوصا لدى الإناث عند ظهور الدورة الشهرية وما يصاحبها من خوف وانزعاج إذا لم تكن تلك الفتاة مهيأة لتقبل هذا التغيير. أما مشاكل المراهقة فتختلف بطبيعتها من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى مجتمع؛ فالبيئة الاجتماعية والحضارية والقيم المستقاة من محيط المدرسة والأسرة والمجتمع تشكل مفهوم المراهقة لدى المراهق وتصبح سلوكياته وشخصيته. وجود برامج تربوية ورياضية وترفيهية وثقافية تناسب احتياج المراهق وتتسم بالمرونة في ظل ثقافة واعية للأسرة متوافقة ومتكيفة مع هذه المرحلة تطور إمكاناته نحو النضج والرشد. إن عدم فهم هذه المرحلة أو محاولة ممارسة الضغوط فيها من خلال تطبيق قوانين صارمة قد تؤدي إلى نشوء أزمات تنعكس سلبا على النضج الانفعالي للمراهق وإلى ظهور التمرد والعدوانية ومحاولة إثبات الذات من خلال الإخلال بتلك النظم وتكسيرها والانقلاب عليها. وكذلك، فإن إعطاء المراهق كل وسائل الحرية المطلقة دون ضوابط ودون إشراف ومشاركة قد يخلق عند المراهق وعيا وإدراكا بحكم تكوينه النفسي والفسيولوجي في الاندفاع نحو إشباع الغرائز والشهوات والانحراف في عالم المتعة، وبالتالي تضخيم الأحاسيس والمشاعر السلبية على حساب المثل والقيم والرشد الناضج. إن للمراهقة أنماطا مختلفة، فهناك المراهقة السوية والخالية من المشكلات، والمراهقة العدوانية التمردية، والمراهقة الانعزالية والانغلاقية. أهم مشاكل المراهقة، هي: - الصراع النفسي الداخلي: صراع بين احتياجات الطفولة ومتطلبات مرحلة الرجولة أو الأنوثة، وبين الاستقلال والاعتماد على النفس، وبين الطموحات أو التهاون في أداء الواجبات، وبين القيود الاجتماعية والفلسفات الخاصة والاحتياجات الغرائزية، والصراع بين أنماط التفكير بين الآباء والأبناء. - التمرد وإثبات الذات: وهو الانفلات من الرغبات والمواقف المفروضة من الوالدين، وتأكيد الذات والوجود، ولذلك ينشأ التمرد والمعارضة والمخالفة والعناد وربما أحيانا العدوانية. - السلوكيات المزعجة: وهي محاولة لتحقيق مقاصد ذاتية على حساب المقاصد العامة كالعناد والصراخ والسب والسرقة والمجادلة والخروج المخل من المنزل أو الهروب من المدرسة. - الانزواء أو العزلة: قد يكون ذلك مؤشرا على عدم قدرة المراهق على إثبات ذاته وتحقيق الاستقلال فيلجأ إلى العزلة وتحقيق الذات من خلال أحلام اليقظة والتصرفات المعزولة. - اللجوء إلى الألعاب والروايات والأفلام: إن الألعاب والأفلام ذات الطابع العنيف، واستخدام بعض المواقع التي تزيد من مفهوم القوة وإثبات الذات وفرض السلطة لتحقيق أعلى النقاط، وأفلام العنف أو الأفلام الساقطة، تترك جميعها أثرا مباشرا على المراهق في محاولة التقليد والمحاكاة وتلوث فكره بفكر دخيل جديد يجعله في حيرة بين ما يعيشه وما يتعلمه. التعامل مع مشاكل المراهقين - إشراك المراهقين في الحوار والمناقشة، من خلال المدارس والبرامج التعليمية، وطرح المشكلات ووضع الحلول.. من شأنه أن يبني الثقة لديهم. - التعامل مع عوامل الخطورة بالأسلوب التربوي والأسري الشامل من خلال برامج تربوية وإرشادية منذ السنوات الأولى من العمر، وتدريب المدرسين والمدرسات المشتركين على تطبيق هذه البرامج في قالب تربوي مقبول به ومحفز ومثير. - تشجيع الأنشط الترويحية الموجهة والاشتراك في البرامج المختلفة. - تفهم احتياجات الشباب المراهقين النفسية ومحاولاتهم لإثبات وجودهم وإعطاء الفرصة لهم دون الضغط عليهم أو رفض آرائهم بل تقبلها وتعديلها والإنصات إلى مطالبهم والخروج من أسلوب الأمر والنهي إلى بناء الثقة والمشاركة وتبادل الآراء ونقل الخبرات. - استخدام نماذج من المراهقين والشباب وإظهارهم إعلاميا ونشر ثقافة جديدة يكون الشباب فيها هم أصحاب الفكرة والرسالة. - عمل أندية شبابية خاصة في الأحياء تمكن الشباب والمراهقين من تنمية قدراتهم الثقافية والرياضية والترفيهية. - إنشاء نواد للمبدعين والمبتكرين توفر لهم الإمكانات التدريبية والمادية التي تنمي مقدرة هؤلاء الشباب على تطبيق أفكارهم وتطويرها. - احترام الذات لدى المراهقين.