في أواسط تسعينات القرن الماضي، و قبل أن يتقلد منصبا ساميا في الدولة ، كان يحلو لأحد فقهاء القانون الدستوري أن يكرر على مسامع طلبته في مدرجات الكلية بأن « الأحزاب المغربية توجد في موقف محرج ، يطلب منها تمثيل المواطنين بمنطوق الدستور في حين أن أحد فصول الأخير يعترف للملك بالتمثيلية السيامية للأمة». حرج الأحزاب السياسية أنهاه المشروع الدستوري الجديد، و الفصل الذي لطالما طوق مسألة التمثيلية بهالة من اللبس، لن يبقى كما كان، غير المكان قبل المضمون، فقد شاءت الهندسة الدستورية الجديدة أن تسكن المساوات بين الجنسين عنوانه القديم: الباب الثاني الفصل رقم 19، و رأى المشرع الستوري أن يعيد ترتيبه وهو يستبدل الأمة بالدولة في الفقرة التي كانت تنص على أن « الملك هو الممثل الأسمى للأمة». على بعد عشرين رقما نص المشروع الجديد في فصله 42 بأن « الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة،وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة». قبل ذلك وبصريح عبارة فصله الثاني جدد المشروع منح السيادة للأمة« تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها«، ولها أن « تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم».».. عبارة لم تكن لتمنع الدستورالقديم من تكريس أولوية المؤسسة الملكية في ممارسة السيادة قبل البرلمان وقبل الحكومة على اعتبار أن الملك كان بحكم الفصل 19 هو «الممثل الأسمى للأمة « ، وما قد يوحي به من عدم إمكانية اقتسام تلك الممارسة مع أية مؤسسة دستورية أخرى إمكانية سيذكرها التاريخ السياسي للمغرب في مناسبات عدة، وهو ينقل كيف أن الفصل المذكور أتاح للمؤسسة الملكية علي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ممارسة السيادة دون أي تقييد دستوري . ما حدث سنة 1983 عندما أعلن الملك الراحل تمديد ولاية برلمان 1977 وتأجيل الانتخابات التشريعية إلى ما بعد الاستفتاء ، الذي قررته منظمة الوحدة الإفريقية بخصوص الصحراء المغربية، كان مثالها الأبرز وقائع يبدو أن الدستور الجديد سيقطع معها منهيا زمن ازدواجية تمثيلية الأمة، وأنه لم يعد بإمكان الأحزاب السياسية التسبب بأن قواعد اللعبة السياسية في المغرب لا تسمح بوجود وسطاء بين الملك والشعب ياسين قُطيب