تواجه «مهنة» الصحافة في المغرب في الآونة الأخيرة ضربات قوية وهجمات من الجميع، بمن فيهم المنتمون إليها. هل للأمر علاقة بمدونة النشر والصحافة التي يتم الإعداد لها؟ لابد من التأكيد في البداية على أن لا وجود للديموقراطية دون توفر صحافة حرة ومستقلة. الصحافة لها دور مهم في الكشف وتحقيق الشفافية وتوفير المعلومة للناس، والمعلومة هي أساس تكوين الرأي الذي يعبر عليه في اختيارات حاسمة في تسيير الشأن العام. الصحافة الحرة والمستقلة أساسية في مراقبة القائمين على تسيير الشأن العام، وأساسية في تحقيق عنصر حرية التعبير والتفكير الذي هو ركيزة الديموقراطية، وبدون تلك الصحافة سيسود استبداد الرأي الوحيد واستشراء السرية و«الكولسة» وغياب الشفافية والوضوح. من المعلوم أن مهنة الصحافة تعرف منعطفا حاسما، مع التطور التقني وثورة التواصل. لكن هذه الثورة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تغير الدور الذي أسست عليه رسالة مهنة المتاعب. إلا أن أخطر ما يمكن أن يعرقل قيام الصحافة بدورها هو حينما يتكالب عليها الجميع من سياسيين ولوبيات اقتصادية وصحافيين. التهديد الذي تواجهه الصحافة في بلادنا يظهر من خلال القوانين التي تنظمها أولا، ومن تعامل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين معها ثانيا. على مستوى القوانين، فما تسرب من مدونة الصحافة والنشر التي أعدتها الحكومة ينبئ برغبة في التحكم في القطاع ولجمه بقوانين فيها تراجعات مخيفة. بالتالي هناك نية في فرض رقابة قبلية على ما ينشر، مع لجم المهنة من خلال قواعد لعب اقتصادية خطيرة. يرتبط هذا العنصر بالرغبة في خلق صحافة على المقاس، بهامش تحرك مرسوم الحدود مما يضرب حرية الصحافة وحرية التعبير في الصميم. ينضاف إلى خطر الرغبة في التحكم في القطاع، ما يقوم به محسوبون على هذه المهنة من ممارسات تعطي الحق لمنطق التحكم والأبوية التي يرغب فيهما الفاعلان السياسي والاقتصادي. كل هذا الذي يحاك ضد استقلالية مهنة الصحافة لا يخدم البلد. فلا تنمية حقيقية ولا ديموقراطية دون صحافة حرة. فرجاء فكوا قيود صاحبة الجلالة واتركوها تتطور، ففي ذلك خير لمستقبل المغرب.