فجر الدكتور رابح نجاري مدير مستشفى الرازي للطب النفسي ببرشيد قنبلة من العيار الثقيل في وجه المندوب الإقليمي للصحة من خلال رسالة جوابية بعثها إليه يُقر ويؤكد من خلالها ب«تدني الخدمات الصحية وسوء التغذية وسرقة التجهيزات ووفاة 14 نزيلا خلال السنة الفارطة، من بينها عملية انتحار، وأن المستشفى ساء حاله ولم يبق للمختصين إلا تصنيفه ضمن أطلال المدينة بسبب سوء التدبير». وكان المدير الجهوي للصحة بسطات، قد بعث مراسلة (عدد 349/14) إلى المندوب الإقليمي للصحة ببرشيد يستفسره حول تحقيق نشرته جريدة «الأحداث المغربية» بالعدد 5206 تحت عنوان «تردي وضعية نزلاء مستشفى الأمراض النفسية ببرشيد». وبدوره بعث المندوب الإقليمي مراسلة استفسارية لمدير مستشفى الرازي للطب النفسي، فأكد له مدير المستشفى صحة ذلك عبر رسالة جوابية توصلت الجريدة بنسخة منها، يؤكد من خلالها مدير المستشفى الدكتور رابح نجاري صحة ما جاء بالمقال الصحفي، وأن تراجع الخدمات للنزلاء يعود بالأساس إلى النقص المهول في الموارد البشرية، وأن سرقة التجهيزات سببها انعدام الأمن داخل المؤسسة. وتضيف "المراسلة" أن المؤسسة التي كانت في وقت ما أرقى مستشفيات الوطن، فسد رونقها وساء حالها ولم يبق للمختصين إلا تصنيفها ضمن أطلال المدينة، ودق ناقوس الخطر من أجل إنقاذها أو إعادة بناءها أو حذفها مقابل إنشاء وحدة للطب النفسي في إطار توسيع المستشفى الإقليمي، بعد أن صارت بدون سور يحميها، وهو ما جعلها غير آمنة. وأن المؤسسة تتوفر فقط على ثلاثة حراس منهم بوابين تابعين لشركة مناولة حتى البذلة لا يلبسونها، فهم غير قادرين على صد هجوم المنحرفين تحت جنح ظلام الليل وغياب الإضاءة الكافية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. فكم من مداومة استكملت بالشموع، وخير مثال العجز عن التصدي لمحاولة اغتصاب وقعت في المستشفى في واضحة النهار، مما ينم عن سوء التدبير في مجال الحراسة والأمن. و يضيف مدير المستشفى في مراسلته أن المؤسسة أضحت مرتعا للكلاب الضالة، حيث ما أن يدخل الأطر الصحية من الباب الرئيسي إلا و يلاحقهم عدد كبير منها، كما صارت مرعى غير مرخص للمواشي بفضل فضائها الشاسع المليء بالمساحات الخضراء والأشجار التي طالها الإهمال، ما جعل الموظفين يستنكرون الوضع الذي يشتغلون داخله، حيث لا يشعرون بالطمأنينة وهم يزاولون مهامهم. وقد عبروا عن تذمرهم وامتعاضهم من هذه الظروف عدة مرات، مما لا يساعدهم على العطاء، بل يجعلهم يحسبون ألف حساب كلما فكروا في المجيء إلى العمل. واستنكر الجميع حسب "المراسلة" حالة اللبس السائدة فيما يخص الحراسة الأمنية بالنسبة للمرضى المودعين بحكم قضائي أو بأمر من النيابة العامة. وفيما يخص بعض الحالات المرضية الاستعجالية العنيفة فرجال الأمن يرفضون تقديم مثل هذه المساعدات على اعتبار أنها ليست من اختصاصاتهم. ورجال الصحة يعتبرون أنهم في الأول والأخير يزاولون مهنة التمريض وليس الأمن. وأن هذه بعض من الأحداث التي يعيشونها يوميا، حتى أصبح بعضهم يهاب المجيء إلى العمل، على الرغم من حبه و تقديره لمهنته وللمرضى الذين يشرف على رعايتهم، وأنهم كأطر طبية في الأمراض النفسية أصبحوا يعانون منها نفسيا، وأن هناك سخط ضمني على الحالة التي آل إليها العمل داخل هذا المركز ألاستشفائي ككل. و حول سوء التغذية، فقد أكد مدير المستشفى عبر مراسلته للمندوب الإقليمي للصحة أن مشكل التغذية من بين المشاكل الصعبة داخل المستشفى. فالتغذية المقدمة للمرضى أقل ما يقال عنها أنها كانت إلى حد قريب جدا رديئة. أما الشركة المشرفة على التغذية التي أسفرت عنها عملية طلب العروض مؤخرا، ما هي إلا تلك الشركة التي كانت بالأمس القريب تسدي هذه الخدمة، ولا تتوفر فيها الشروط القاعدية المعتمدة في برنامج اعتماد المستشفيات. وهو الأمر الذي لا يتيحُ تأهيلاً غذائيا لا للمستشفى ولا للمرضى أو للموظفين المحرومين من وجبة الفطور بعد المداومة الليلية. والأكل المقدم لهم لا يرقى إلى مستوى متطلباتهم. ويضيف مدير المستشفى أنه راسل مدير المركز الاستشفائي الإقليمي في هذا الشأن باعتباره صاحب المشروع. وأن إغلاق مطبخ المستشفى جاء إبان الاستعداد للزيارة، التي كانت مرتقبة للمقرر الأممي. وبخصوص تحويل قاعة السينما إلى مستودع، تضيف مراسلة المدير أن سنة 2007، تم تطبيق محتوى إرسالية السلطة الإقليمية، وذلك بترحيل النزلاء المتخلى عنهم وأغلبهم في أرذل سنوات العمر، حيث يتجاوز معدل أعمارهم الستين سنة، إلى المكان الذي تم إصلاحه لهم والذي يتسع لإيواء أكثر من 100 نزيل لم يبق به حاليا سوى 58 نزيلا، وأن عدد الوفيات داخل المستشفى خلال السنة الفارطة، بلغ 14 وفاة من بينها حالة انتحار. أما عن المساعدات التي يقدمها المحسنون والشركات للمستشفى، يضيف مدير المستشفى في مراسلته الجوابية للمندوب الإقليمي للصحة، أنها عديدة ولا يمكن حصرها، خصوصا عندما تطرق برنامج تلفزي وكذا وسائل الإعلام المكتوبة لوضعية المستشفى ومعاناة النزلاء، حيث تقاطرت المساعدات من كل الجهات ومن كل الأنواع. وأنه منذ تحمله المسؤولية، أوكل مهمتها إلى رئيس قطب الشؤون الإدارية، الذي لم يستطع إعداد مخطط جوهري لتدبيرها، الشيء الذي جعله يقحم المساعدة الاجتماعية التي التحقت بالمؤسسة مؤخرا للسهر عليها في إطار برنامج اعتماد المستشفيات الجاري. كما أن إدارة المستشفى لا تتوفر على لائحة بأسماء المحسنين أو بنوع المساعدات التي قدموها أو بأسماء الجمعيات الناشطة التي تعمل على المواكبة. وقد علمت جريدة «الأحداث المغربية» من مصادر مطلعة أن لجنة إقليمية تابعة لمندوبية الصحة ببرشيد، حلت خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل الفارط بمستشفى الرازي للطب النفسي قصد التحقيق حول ما تضمنته شكايتين وضعتهما طبيبتان بالمستشفى ذاته، تتهمان مدير المستشفى بإتلاف الوثائق الخاصة بتتبع حالات بعض النزلاء المصابين بداء السل، ما عقد من تتبع وضعية المصابين ومراحل علاجهم. وحسب ذات المصادر فإن اللجنة الإقليمية ستواصل التحقيق في نفس الموضوع خلال الأيام القادمة.