تمكن عبد الإله ابن كيران من إنهاء تواجد القيادي الاستقلالي كريم غلاب ضمن دائرة متخذي القرار في البرلمان، بعد فوز لمرشح الأغلبية الحكومة رشيد الطالبي العلمي في الدور الأول ودون حاجة تذكر لدورة ثانية برئاسة مجلس النواب. قصة الأيام العصيبة التي عاشتها الأغلبية الحكومية بعد إعلان كريم غلاب نفسه مرشحا لانتخاب رئاسة مجلس النواب عصف بها الانضباط الكبير لنواب الأغلبية الحكومية الذين فرضت على بعضهم إقامة شبه جبرية ليلة الخميس في الرباط العاصمة. انشقاقات نواب المعارضة ساهمت أيضا في إضعاف حظوظ كريم غلاب الذي كان يعول على توحد صفوف المعارضة نصرة له، الشيء الذي بدا يوم الجمعة الماضي صعبا للغاية بعدما تبين انقسام الاتحاديين فيما بينهم. أربع ساعات طويلة من الفرز. عبد الواحد الراضي كان الأكبر سنا من بين النواب الذين حضروا ولهذا عهد له برئاسة الجلسة التي دامت أربع ساعات كاملة. إعلان أسماء المرشحين لم يكن بطعم المفاجأة، لا يوجد سوى اسمان هما: الطالبي العلمي وكريم غلاب. مصطفى المنصوري الرئيس السابق للتجمع الوطني للأحرار الذي كان قد أعلن في وقت سابق نفسه مرشحا لرئاسة مجلس النواب قبل أن ينسحب، جلس جنبا إلى جبب مع مرشح الأغلبية الطالبي العلمي وزيادة في الهدنة بين الرجلين تبادلا العناق أمام كاميرات المصورين. نواب العدالة والتنمية كانوا أول من نودي عليهم للتصويت. كالعادة، كان نواب "المصباح" أكثرا انضباطا في الحضور، إذ لم يتغيب سوى أربعة نواب من بينهم ثلاثة كانوا خارج أرض الوطن. نواب التجمع الوطني للأحرار الذين فرض عليهم المكتب السياسي قضاء ليلة الخميس في الرباط، لم يتغيب منهم أي أحد، وهو ما عد توحدا كبيرا من لدن التجمعيين خلف مرشح الحزب لنيل منصب رئيس مجلس النواب. في واجهة المعارضة التزم نواب الأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري بما وقعه الأمناء العامون لأحزابهم بتزكية كريم غلاب لرئاسة مجلس النواب، الاستقلاليون، لم يتفاجؤوا بالتفرقة التي سادت وسط نواب الاتحاد الاشتراكي، فقد كانت التباشير الأولى للجلسة تشير إلى أن الأزمة بين رفاق الزايدي والنواب المساندين لإدريس لشكر قد وصلت لمدى لا يمكن أن يتراجع فيه للوراء. الزايدي جلس في الخلف في غير المكان الذي عهد أن يجلس فيه فيما كان إدريس لشكر جالسا في مقدمة نواب الحزب. ستتجلى الفرقة في التصويت على رئيس مجلس النواب، الاتحاديون لم يعطوا أصواتهم كاملة للمرشح المفضل عند كاتبهم الأول، بل إن هناك من أراد أن تكون رسالته واضحة وصوت بورقة كتبت فيها عبارات سب وقذف في حق الكاتب الأول، وهو ما أثار سخط الحضور والنواب على حد سواء. في المحصلة لم يحصل كريم غلاب على أصوات المعارضة مجتمعة، مع الغيابات وانقسام نواب الاتحاد الاشتراكي فيما بينهم، تلقى غلاب أولى الصفعات، ففي مقابل انضباط نواب الأغلبية الحكومية خاصة بين التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنيمة لم يكن من حل لكريم غلاب سوى الإيمان بأن المعركة، التي قال إنه سيخوضها لآخر رمق قد انتهت منذ البداية، وهذا الذي حصل بعد أربع ساعات من فرز الأصوات تعالت النتجية، التي أعطت لرشيد الطالبي العلمي 225 صوتا مقابل 147 لصالح غلاب. الطالبي العلمي يحقق فوزا كاسحا بانتهاء عملية الفرز المضنية التي أشرف عليها عبد الواحد الراضي، انتهى حلم كريم غلاب في العودة لرئاسة مجلس النواب. الفرز مكن الطالبي العلمي من أصوات 225 برلمانيا مقابل 147 صوت للرئيس السابق للمجلس كريم غلاب، فيما أعلن عن صوتين ملغيين، وفي هذا الاتجاه كشف مكلفون بلجنة الفرز، أن إحدى الورقتين حملت عبارات مسيئة للكاتب الأولى للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر فيما كانت الورقة الثانية فارغة. عبد الواحد الراضي الملاحظين على العبارات التي وصفت بالجارحة التي تضمنتها ورقة التصويت، التي استهدفت الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، والتي وصفت ب"غير أخلاقية ولا تمت بصلة للثقافة الديمقراطية". لم يخف عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، فرحته بفوز الطالبي العلمي. رئيس نواب "البيجدي". كان سعيدا جدا وجال قاعة الجلسات وبهو البرلمان ولم يكف في كل ساعات الجلسة عن إعطاء التصريحات الصحفية، معتبرا أن "حدث انتخاب رشيد الطالبي العلمي بمثابة عرس ديمقراطي جسد تماسك وقوة الأغلبية. الواقع أن بوانو لم يكن لوحده الرجل السعيد في يوم انتخاب الطالبي العلمي. كان نواب العدالة والتنمية فرحين بما تم تحقيقه في جلسة التصويت، "كانوا فرحين بانضباطهم وبقوة تحركاتهم وقوة فرض إيقاعهم على باقي النواب" هكذا وصف أحد الملاحظين فرحة نواب العدالة والتنمية بفوز الطالبي العلمي، ابن كيران مخاطبا غلاب: لا أدري هل بقي لك أي مستقبل سياسي بعد يوم واحد من انتصار أغلبيته بمجلس النواب برئاسة المجلس، عاد عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة لمهاجمة كريم غلاب. ابن كيران في لقاء حزبي بمهني حزبه اعتبر أن "معركة انتخاب رئيس مجلس النواب أكدت أن التلاعب والأوهام هامشها أصبح يضيق". ابن كيران خاطب غلاب بشكل مباشر بالقول "لا أعرف هل بقي لك مستقبل في السياسة، لكن عليك أن تحترم نفسك ولا تبعها لأصحاب الأوهام، لأن لك حزب سياسي، ولديك شخصيتك عليك احترامها". رئيس الحكومة لم يكتف بهذا بل قال إنه "كان على الرئيس السابق لمجلس النواب أن يخرج من مجلس النواب بطريقة مشرفة لأن أداءه لم يكن سيئا، لكن أن يتوهم قلب المعادلة ويدعي أن نواب الأغلبية سيصوتون لصالحه، ويخونون توجيهات أحزابهم، فهذا غير معقول وأتحداك أسي غلاب"، يقول بنكيران.