بعد حربه الضروس مع مصنعي الدواء، ينتظر أن يدخل الحسين الوردي وزير الصحة في حرب جديدة مع نقابة الأطباء. الوردي الوزير التقدمي الذي قال عنه رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران "إنه تعرض لإغراءات وترغيب وترهيب من لدن مصنعي الدواء" يستعد لطرح قانون ينظم مزاولة الطب في المغرب. المدونة الجديدة لمزاولة الطب طرحت بقوة العقوبات السالبة للحريات، والحرمان من مزاولة المهنة، والغرامات المالية، الثقيلة في وجه أطباء القطاع الخاص والعام المخالفين لببنودها مع استعانتها وإحالتها في الكثير من الأحيان على القانون الجنائي. مسودة المدونة التي حصلت "الأحداث المغربية" على نسخة منها منعت مزاولة في آن واحد مهن الطب أو جراحة الأسنان أو الصيدلة أو بيع العقاقير أو أي مهنة حرة أخرى ولو في حالة التوفر على مؤهلات أو شهادات تخول الحق في مزاولتها. المدونة اعتبرت في حكم الباطل، كل اتفاقية تسمح لطبيب بالحصول من مزاولة مهنته على ربح في بيع الأدوية من قبل أحد الصيادلة. المدونة الجديدة للطب المنتظر أن ترى النور في القريب العاجل، أقرت بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات، وبغرامة بين 5000 درهم إلى 50 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، وفي حالة العود، يرفع الوردي مبلغ الغرامة إلى الضعف ولا يمكن أن تقل عقوبة الحبس عن ستة أشهر،على مزاولة الطب بوجه غير قانوني في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 100، وهي المادة التي صنفت مزاولي الطب بدون سند قانوني في المشاركين بصورة اعتيادية أو تحت إشراف غيره ولو بحضور طبيب من الأطباء في إعداد تشخيص أو وصف علاج لأمراض أو إصابات جراحية أو خلقية أو مكتسبة أو حقيقية أو مفترضة وذلك عن طريق أعمال شخصية أو استشارات شفوية أو مكتوبة وبأي طريقة أخرى أو يقوم بأحد الأعمال المهنية المنصوص عليها في المسمية دون أن يكون حاصلا على شهادة تخوله الحق في التقييد في جدول هيئة الأطباء. مضافا إليهم كل طبيب يقوم بالأعمال أو الأنشطة الواردة في المدونة، دون أن يكون مقيدا في جدول هيئة الأطباء الوطنية أو يزاول طوال المدة التي يكون فيها موقوفا عن العمل أو محذوفا من جدول الهيئة ابتداء من تاريخ تبليغ قراري التوقيف أو الحذف إلى المعني بالأمر، ثم كل شخص حامل للقب قانوني يتجاوز حدود الصلاحيات التي يسندها إليه القانون. المدونة أجازت للمحكمة المرفوع إليها الأمر أن تقرر على سبيل عقوبة تبعية، منع المحكوم عليه من مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على سنتين . العقوبات الصارمة لم تقتصر على مزاولي الطب دون سند قانوني بل تعدتهم لتقرر غرامات ثقلية تصل إلى مليون درهم كل شخص طبيعي يكون مسؤولا عن فتح أو إعادة فتح مؤسسة تستجيب للتعريف بالمصحة المنصوص عليه في المادة 57 من هذا القانون أو يستغل هذه المؤسسة دون الحصول على الرخصة المقررة في نص المادة 63 من هذه المدونة أو يقوم بالتغييرات المشار إليها في المواد 66 و 67 من نفس القانون دون أن يخبر بها السلطة الحكومية المختصة أو دون أن يعير اهتماما لتعرضها على ذلك أو يمتنع من الخضوع للتفتيش المنصوص عليه في المادة 88 من نفس القانون. وتأمر المحكمة، علاوة على هذا، بإغلاق المصحة أو المؤسسة المماثلة لها التي تستغل دون الحصول على الإذن أو إذا كان المحل المذكور يشكل خطرا جسيما على المرضى المقيمين فيه لأجل الاستشفاء أو على عامة السكان. المدونة اعتبرت استعمال لقب طبيب من لدن شخص غير حاصل على شهادة طبيب بمثابة انتحال صفة طبيب المنصوص والمعاقب عليه في الفصل 381من من القانون الجنائي . مشروع المدونة وسعت دائرة العقوبات التي يقع تحت طائلتها الأطباء وأقرت أنه "يمكن أن يتعرض الأطباء المحكوم عليهم من أجل ارتكاب أفعال موصوفة بجنايات أو جنح ضد الأشخاص ونظام الأسرة والأخلاق العامة، زيادة على العقوبة الأصلية، إلى منع مؤقت أو نهائي من مزاولة مهنة الطب. وبناء على طلب من النيابة العامة، تعتبر الأحكام الصادرة في الخارج من أجل ارتكاب الأفعال المشار إليها أعلاه كما لو صدرت في المغرب لأجل تطبيق القواعد المتعلقة بالعود إلى ارتكاب الجريمة والعقوبات التبعية أو التدابير الأمنية" . وأقرت المدونة العقوبات المقررة في شأن مزاولة الطب بوجه غير قانوني على استعمال لقب دكتور"متخصص" من لدن شخص سواء أكان طبيبا أم لا لم يخول صفة طبيب متخصص أو لم يقبل عملا بأحكام هذا القانون لمزاولة التخصص الذي يستعمله. مسودة المدونة الجديدة للطب لم تجز للأطباء أن يثبتوا في اللوحة البيانية الموضوعة بمدخل محلهم المهني سوى أسمائهم العائلية والشخصية ومهنتهم وتخصصهم وشهادتهم الجامعية وفق الكيفية، والبيانات التي تحددها هيئة الأطباء الوطنية .