في كل آخر ليلة من السنة، تكون الدارالبيضاء على موعد مع إجراءات أمنية استثنائية، لمواجهة نوع من الجنوح والإجرام تزداد حدته في الساعات الأخيرة من كل عام. حالة استثنائية تجعل الأمن في مواجهة تحدي تأمين المدينة وتيسير حركة الجولان فيها، لمواكبة الأجواء الاحتفالية التي تعرفها العاصمة الاقتصادية، بما تحمله من أمنيات للعام الجديد. طقس بارد بالدارالبيضاء، مساء أول أمس. أفواج من المواطنين ينتقلون إلى وسط المدينة، وكورنيش عين الذئاب، عبر وسائل نقل متنوعة نال ترامواي البيضاء نصيب الأسد من المسافرين. البعض منهم زين الساحات على قلتها، والبعض الآخر انشغل بابتياع الحلوى، والمثلجات، رغم انخفاض درجة الحرارة، أو الجلوس في المقاهي ومشاهدة هذا الرواج الاستثنائي، في آخر ساعات سنة 2013. شباب في العشرينات من العمر، «طوقوا» محلات بيع العطور والأكسسورات النسائية، بحثا عن هدية لأخت أو أم أو حبيبة، فيما فضل البعض الورود. أجواء احتفالية استثنائية، واكبها حضور أمني مكثف بالعاصمة الاقتصادية. حضور أمني نسوي بمقر ولاية أمن الدارالبيضاء، قرابة الساعة التاسعة ليلا، فرق للدراجين وفرق للصقور، والأمن العمومي، والقوات المساعدة، تستعد للانتشار وسط المدينة، وتمشيط النقط السوداء، حيث جندت ولاية أمن الدارالبيضاء لتأمين احتفالات رأس السنة أزيد من 4 آلاف شرطي بالإضافة إلى عناصر من القوات المساعدة. بأبواب ولاية الأمن وداخلها، انتشرت فتيات في مقتبل العمر، هن شرطيات متدربات تم جلبهن من المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة في إطار التعزيزات الأمنية. توزعن أيضا في مجموعة من المخافر والدوائر الأمنية بالدارالبيضاء، لأول مرة يؤمن حدثا مثل هذا، أضفى وجودهن نوعا من التغيير على التدخلات الأمنية، وأسند لهن تفتيش وتوقيف بعض المشتبه بهن. دشنت فرقة الدراجين أولى تدخلاتها بشارع محمد السادس، خلال الساعة العاشرة ليلا، حيث تم إيقاف شخص أربعيني، كان يحمل قنينات من الخمر للاستهلاك الشخصي، قبل أن ينتقلوا مئات الأمتار غير بعيد إلى شارع لالة الياقوت، هناك تم إيقاف شابين في العشرينات من العمر، بصدد محاولة سرقة شابتين، حاولا تنفيذ السرقة تحت تأثير الكحول، تم نقلهم إلى مخفر بنك المغرب لتحرير محضر في النازلة. مع توالي الساعات، بدأت وتيرة الضغط ترتفع، ليتم إيقاف، شابين من نفس الفرقة، على مستوى زنقة علال بن عبد الله، جرح جديد في المعصم، كان كافيا ليتم إيقاف أحد الشابين، سيما أنهما كانا تحت تأثير الكحول، للتحقق من هويتهما. كلبة ومخدرات وأسلحة بالمنطقة الأمنية الفداء، وبالضبط بمقر الشرطة القضائية، بزنقة ابن زيدون، كانت ترابط نساء وفتيات حاملات أغطية وأكل لأعزائهن المعتقلين، في انتظار أن يتم نقلهم إلى المحكمة بعد التحقيق معهم. داخل مقر الديمومة، كان رئيس الشرطة القضائية للفداء عبد الإله الصوتي، يجمع «غنيمته» من حملة أمنية ابتدأت من الساعات الأولى من صباح أول أمس الثلاثاء، والحصيلة كميات من الخمور عند عصابة نسوية، وأسلحة بيضاء، وعبوات من لصاق «السيليسيون»، وحبوب هلوسة. هذه المحجوزات اصطفت بشكل متجانس أمام عدسات المصورين، بالإضافة إلى كلبة سوداء من نوع «صطاف» تم تكميم فمها وإحكام ربطها، فيما كانت تجول بعينيها بين الحضور، شرطة وصحفيين، كما لو تحاول البحث عن مبرر لوجودها في مخفر الشرطة لأول مرة!، رغم شراسة هذا العرق من الكلاب، لكنها بدت هادئة مفضلة الاستسلام ومحاولة النوم، بعيدة عن صاحبها مروج حبوب الهلوسة التي ضبطت بحوزته. عصا الأم! دوريات أمنية متتالية، قادتها عناصر الشرطة القضائية للفداء، بمحيط مجموعة من الأحياء، كدرب الكبير، درب ميلان…، أسفرت عن توقيف مجموعة من الموقوفين أغلبهم شباب، متلبسين بحيازة خمور، أو مخدرات وفي حالة سكر، قبل أن تتوصل العناصر الأمنية بشكاية هاتفية، تتحدث عن وجود وكر لاستهلاك الخمور والمخدرات بزنقة الموناستير بقطاع الفداء، تم الانتقال إلى الزنقة المذكورة، وتوقيف 12 شخصا، من بينهم فتاتان داخل غرفة، وحجز كمية من الخمور، ليتم استقدامهم إلى مقر الشرطة القضائية. حركية الدوريات الأمنية، هاته كسرها، حضور امرأة في الستينات من العمر، تحمل عصا في يدها، يتبعها رجل في الأربعينات من العمر يترنح من فرط السكر، أمام دهشة رجال الأمن. دهشة تلاشت ما أن صرخت الأم:«أنا مريضة وفي السرطان، هاد المسخوط محني وشوهني مع الجيران!» وهي تشير إلى ابنها، قبل أن يعمل الأمن على احتجازه في حالة سكر وتحرير محضر في النازلة، مخافة أن يتطور ذلك إلى جريمة. إجراء لاقى استحسان الأم التي شرع لسانها في الدعاء للأمنيين، فيما كان نصيب الابن دعاء عليه:« أنا بغيت ليه 10 سنين ديال الحبس يغبر عليا!». احتفالية بالكنيسة مظاهر احتفال وفرح، بعيدة عن أجواء الاعتقال والتفتيش، عاشها أفراد من الجالية الإفريقية والأوروبية، بكنيسة «نوتر دام» بتقاطع شارعي 2 مارس والزرقطوني، بعد أن دقت أول ثانية في ساعة العام الجديد، تزين بمحيط الكنسية مجموعة من أفراد الجالية بملابس بيضاء وحمراء…، حاملين معهم الشموع، والورود، وهم ينشدون ترانيم مسيحية ترحب بالسنة الميلادية الجديدة، قبل أن يتفرقوا، والوجهة كورنيش عين الذئاب ،لاستكمال بقية السهرة، هناك كانت مظاهر الاحتفال أكثر حضورا. حركة دؤوبة للأسر على شارع لاكورنيش. باعة للورود والهدايا. أنغام تصدح بها النوادي الليلية، بعد أن جلبت نجوما مغربية وعربية لإحياء سهرة رأس السنة، بالإضافة إلى فرقة شعبية لكناوة، كانت تصدح بإيقاعها المغري بالرقص، في الوقت الذي فضل فيه بعض المحتفلين، بمتابعة كل ما يجري من شرفات المقاهي، والنوادي والحانات، أو تناول الحلزون ومائه الساخن، كحل لمواجهة برودة الطقس. كوكايين و«نورداز» مظاهر الاحتفال هاته لم تمنع البعض من الاحتفال على طريقته واستهلاك المخدرات الصلبة. ظهر ذلك من خلال التدخلات الأمنية، عندما تم إيقاف شابين في مقتبل العمر أحدهما كان يسوق سيارة فارهة، عثر بحوزتهما على أنبوب خاص بسجائر «السيكار» تم حشوه ب 13 غراما من الكوكايين العالي الجودة، كان الاثنان بصدد استهلاكها قبل الانتقال إلى ملهى ليلي بعين الذئاب للسهرة. حجز الكوكايين تواصل، بعد ذلك، إذ أوقفت الشرطة السياحية بالدارالبيضاء، بكل من شارعي أنفا والطاهر العلوي، 3 مستهلكين، ومزود للكوكايين، ومستهلكين ومزود للكوكايين، وتم حجز 3 غرامات من الكوكايين ومبلغ مالي، فيما تم البحث عن مزودين محتملين للمستهلكين الموقوفين. صيد ثمين، استطاعت الأمن التوصل إليه، بعد أن تم إيقاف مشتبه به، وجسه وقائيا، ليفصح عن حيازته ل 5 عبوات من عقار «نورداز»، كان بصدد ترويجها في أحد نوادي عين الذئاب الليلية. تحرش وسرقات بعين الذئاب، بعد الساعة الثالثة صباحا، واجهت فرق الشرطة السياحية والقوات المساعدة هناك ضغطا قويا. السبب جحافل الشباب ممن لفظتهم الحانات و الملاهي الليلية، كان بانتظارهم آخرون حضروا لمآرب أخرى في ليل عين الذئاب. عشرات من الشباب اقتنصوا خروج فتاة أو فتاتين أو عاملات الجنس من أحدى النوادي، وملاحقتهن ولمس أجزاء من جسدهن كالثدي والمؤخرة. حتى بعض الفتيات ممن كن بصحبة رجل، لم يسلمن من التحرش والعبث الجماعي والفردي بأعضائهن الحميمة، ومحاولة نزع ملابسهن، أو سرقة حقائبهن وهواتفهن. وضع لا تملك أمامه الضحية سوى الصراخ، والاستنجاد بالشرطة التي كانت قريبة لتتدخل مباشرة، وتجر الموقوفين إلى مخفر «كاليبسو» ثم إلى مقر الشرطة القضائية بأنفا لمواصلة البحث. عودة الهدوء بمقر ولاية الأمن، كان على الأمن التعامل مع العدد الكبير من المتهمين والمشتبه بهم في حالة سكر، والسبب نزاعات متعلقة بقضايا متعلقة بالسرقة العامة والعادية والسكر العلني والعربدة بالشارع العام. أبحاث واكبها متدربون من المعهد الملكي للشرطة، كانوا مميزين ببدلهم الزرقاء ورؤوسهن الحليقة. انتشروا أيضا في المناطق الحساسة أيضا بالمدينة كالفنادق والنوادي والقنصليات لتأمينها. شكل ذلك فرصة للمتدربين للاحتكاك فيما بينهم وبين زملائهم الذين سبقوهم في المهنة، والتعرف على أبجديات «السيرفيس»، واللقاء مع أصدقاء الأمس، في الوقت الذي بدأت خيوط النهار تتبين للعين المجردة، وتقل الحركة بالمخافر، وشرع رجال الأمن من المداومين في تبادل الأدوار مع زملائهم في المداومة الليلية في انتظار إحصاء الضحايا والموقوفين والمحجوزات… أنس بن الضيف