تحذيرات المغرب للمنتظم الدولي من الأخطار التي باتت تشكلها التنظيمات الإرهابية بالساحل والصحراء على دول المنطقة لم تصل إلى أسماع مسؤولي منظمة حلف شمال الأطلسي إلا بعد مرور سنتين، فأول أمس لم يخف مسؤولو «الناتو» في لقاء مع وفد إعلامي مغربي بمقر هذه المؤسسة العسكرية ببروكسيل بأن المخابرات المغربية نبهت في وقت سابق للخطر المحدق في دول الساحل وتنامي وجود القاعدة هناك. أحد مسؤولي الناتو لم يتردد في الكشف عن تغافل الحلف عن هذه المعلومة التي كلفت فيما بعد تدخلا عسكريا فرنسيا في مالي، في الوقت الذي أكد فيه مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى قال "للأحداث المغربية" إن درجة التعاون اليوم مع الحلف كبيرة وهم يستندون على خبراتنا في الارض وفي الميدان". إجماع مسؤولي الناتو على أهمية التعاون مع المغرب، وبعدما أبزره مسؤولو هذه المؤسسة شدد عليه كذلك السفراء الثلاثة الدائمون لايطاليا والبرتغال وفرنسا، وذلك من خلال التأكيد على أن المغرب في حاجة كبيرة لمد الحلف وتزويد بما يراه المغرب كسبيل للارتقاء بمستوى التعاون، "نحن نريد من المغرب، عبركم، قولوا لنا كيف تريدون منا أن نتعاون". السفراء الدائمون لدى الناتو الممثلون لايطاليا وفرنسا والبرتغال لم يخفوا أيضا بكون المغرب واحدا من أنشط الدول المتوسطية في الحوار مع الحلف الأطلسي، خاصة في ظل المواجهة مع الارهاب وتدفق المهاجرين، حيث قالوا خلال اللقاء، إن المخابرات المغربية فسرت بشكل مستفيض ورسمت مستقبل مالي حتى قبل أن تندلع الأزمة في مالي للحلف بشكل كاف قبل سنتين. مع أن الحلف تغافل المعلومات التي تقاسمها معه المغرب، مرجحين أن يكون المغرب يعول على دعم للناتو في ملف الصحراء، إلا أن هذه التحاليل، يقول مسؤولو الناتو ساعدتنا في فهم الوضع هناك". طيلة اللقاء الذي دام يوما كاملا للوفد الاعلامي المغربي مع عدد كبير من مسؤولي الناتو، لم يكف مسؤولو هذا الأخير عن التنويه بالمغرب. السفراء الأوربيون الدائمون لدى حلف شمال الاطلسي الممثلون لثلاث دول أوربية هي ايطاليا والبرتغال وفرنسا، إضافة لأحد مساعدي السكرتير العام للحلف، لم يخفوا اهتمامهم بالمغرب. "المغرب عنصر أساسي للتعاون مع الحلف ومع الاتحاد الاوربي في ظل التحديات التي تواجه الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط القادمة من الجنوب، نحن نطلب من المغرب دوما أن يمدنا بما يفيدنا في فهم ما سيحدث في المنطقة وذلك قصد مواجهة تهديدات الإرهاب وفهم الإسلام السياسي". وإذا كان المغرب شريكا استراتيجيا للناتو، فإن مستويات التعاون قوية بينه وبين هذه المؤسسة العسكرية، حيث كشف مسؤول بالحلف الأطلسي، من جهة أخرى، أن المغرب شارك في العملية العسكرية التي قادها الناتو بليبيا ضد القذافي، وذلك من خلال تقديمه لمعطيات ساعدت الناتو على فهم أفضل لخصوصيات المجتمع الليبي، بحكم أنه كان موجودا في اللجنة التي كانت تتخذ القرارات بخصوص العمليات التي كانت تجري في ليبيا في سنة 2011 للإطاحة بنظام العقيد القذافي. وليس هذا فحسب، فلم تقتصر المساعدة التي قدمها المغرب لمنظمة حلف شمال الأطلسي بخصوص ليبيا على الدعم السياسي لوحده، بل أكثر من ذلك كشفت دبلوماسية إيطالية مسؤولة بالحلف بأن المغرب «فتح أجواءه لطائرات الناتو أثناء العمليات التي كانت تجري في ليببا».