بين من يحتل موقعه في الحكومة ومن يضمن مقعده في البرلمان دون مسؤوليات محددة، تقاسم قادة العدالة والتنمية الأدوار مرة أخرى في التعليق على الخطاب الملكي الصارم الذي ألقاه الملك في ذكرى ثورة الملك والشعب. عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة أعفى نفسه من كل تعقيب وهو الذي كان قد أشاد قبل أسبوعين فقط وفي تصريح دام 3 دقائق ونصف بخطاب الملك في ذكرى عيد العرش. في كل مرة يجد فيه جديد الأزمات ينوب عبد الله باها، وزير الدولة في حكومة عبد الإله ابن كيران والعلبة السوداء في حزب "العدالة والتنمية" عن صديقه رئيس الحكومة. باها ابتعد عن الصدام مع القصر مكتفيا في تصريح أدلى به للقناة الثانية على التذكير بنصائح الملك للفاعلين السياسيين حين نهاهم عن نهج ثقافة النزاع والتركيز على ثقافة التعاون. ومن جانبه محمد رضا بنخلدون عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، ورئيس قسم العلاقات الخارجية بالحزب وعضو الأمانة العامة للحزب، قال إن الخطاب الملكي يدعو إلى الاهتمام بالموارد البشرية، التي لا يمكنها النجاح إلا بنجاح المنظومة التعليمية". ما أخفاه هؤلاء القادة أو ما داروه عن الأعلام تكلف به النواب البرلمانيون الأكثر جرأة والأكثر إثارة للجدل. عبد العزيز أفتاتي، برلماني الحزب في مجلس النواب قال إن حرمة الملك والتوقير الواجب لشخصه، لا يمنع من الرد على كلامه مادام "كلام رئيس الدولة ليس قرآنا". أفتاتي، في تصريحه لوسائل الإعلام قال :"إن أزمة التعليم المغربي هي جزء من تركة مريضة ورثتها الحكومة الحالية عن الحكومة السابقة"، مضيفا أن الحكومة الحالية لم تقدم أي مشروع تعليمي جديد كبديل عن المشروع الذي تبنته الحكومات السابقة والذي ما زال العمل به جاريا حتى الساعة، متناسيا إعلان وزير التربية الوطنية محمد الوفا الذي أعلن عن فشل تام للبرنامج الاستعجالي في جلسة برلمانية في لجنة التعليم والاتصال بمجلس النواب. و في المقابل قال أفتاتي إنه لو كان مكان ابن كيران لأحدث ثورة في التعليم قوامها تعميم التعليم وتشجيع التعليم العمومي بداية بالتعليم الأولي". في الخلاصة قال عبد العزيز أفتاتي إنهم في العدالة غير معنيين بالانتقادات التي جاءت في خطاب الملك في ذكرى ثورة الملك والشعب، من جهة لم تأت الحكومة ببرنامج بديل عن الحكومة السابقة ومن جهة أخرى ، وعلى حد قول أفتاتي دائما، »فالعدالة والتنمية تعتبر نفسها غير معنية بالانتقادات الملكية التي دعت لاعتماد نقاش بناء بدل الجدال العقيم وتصفية الحسابات السياسية الضيقة«، يقول أفتاتي "نحن نعتبر أنفسنا غير معنيين بهذه الانتقادات، لأن كل ما نقوم به هو فقط نقاش بناء ومسوؤل غايته المساهمة في تقويم الأوضاع وتصحيحها". في نفس سياق انتقادات قادة العدالة والتنمية لما جاء في الخطاب الملكي، النائبة البرلمانية آمنة ماء العينين كتبت على جدار صفحتها على الموقع الاجتماعي عبارة "أخيرا، حكومة ابن كيران مسؤولة أيضا عن فشل منظومة التعليم في المغرب، في ظل سنة و نصف قوضت هذه الحكومة كل منجزات المغرب التاريخية في هذا القطاع بل عملت على التراجع عن المنجزات غير المسبوقة التي خلفها اخشيشن وزير الحزب السلطوي في الحكومة السابقة. كل ما هو إيجابي في هذا البلد، نسبته معروفة، أما ما هو سلبي فينسب بالضرورة لحكومة حديثة لم تمنح الوقت لتتنفس فأحرى أن تعمل و تنتج". امحمد الهيلالي عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية والرجل الثاني في حركة التوحيد والإصلاح وعضو مكتبها التنفيذي ومسؤول القطاع الشبابي في الحركة، أرجع انتقادات الملك الصارمة لحكومة عبد الإله ابن كيران لانتقام المحيط الملكي من العدالة والتنمية. الهيلالي كتب هو الآخر على جداره "الفايسبوكي" أن أبرز خلاصة يمكن الخروج بها من الخطاب الملكي هي أن مؤامرة كبيرة تدور ضد الملكية وضد حلفائها الديمقراطيين الحقيقيين. "فالخطاب، يكتب الهيلالي، المتضمن لعبارات قاسية على حكومة لم تكمل عامها الأول في التدبير، يبين أن هنالك محاولة للانتقام من شخص أفشل مخطط حزب »البطانة» في إسقاط الحكومة بالوكالة وهذا الشخص هو محمد الوفا، من خلال النقد اللاذع لسنة من النجاح في إرجاع الحرمة للدرس والمدرس، قبل أن يعتبر أن هناك محاولة للإيقاع بين الملكية والإسلاميين بالمغرب دائما في محاولة لاستدعاء المصرنة ومحاولة لإحياء مخطط قديم جديد، وفي النهاية فالإسلاميون واعون بكل تلكم المخططات وهم لن ينجروا لأي نزاع أو تنازع مع الملكية حتى وإن كان الخطاب الملكي قاس في كثير من عباراته". كل هذه التصريحات المتراوحة بين الرزانة والنضج كما جاء على لسان عبد الله باها ورضا بنخلدون، وبين البوليميك والمزايدة مثلما جاء في تصريحات برلمانيي الحزب، لم تكلف رئيس الحكومة المعني الأول بالخطاب الملكي عناء تقديم توضيحات أو تصريح يحدد التوجه الرسمي للحكومة والحزب تجاه الانتقادات الملكية لأسلوب وأداء حكومة ابن كيران