تطوان مهددة بالعطش واقع لا يمكن التغاضي عنه أو إنكاره، منذ أكثر من أسبوعين وعدد من الأحياء والمناطق التابعة لها، تعيش انقطاعات للمياه بعضها يطول لأكثر من يومين، بل أصبح من المستحيل بالنسبة للمنازل المتواجدة في طوابق عليا، أو الأحياء المرتفعة التزود بالمياه، فالصنابير والرشاشات جفت ولم يعد بمستطاع الكثيرين حتى التزود بمياه الشرب، أما أخذ "دوش" فأصبح قضية حظ فقط وفق ما قد تجود به الرشاشات من مياه، الأمر مشترك بين تطوانالمدينة والمصايف التابعة لها انطلاقا من وادي لاو، لمرتيل فالمضيق والفنيدق، شح كبير في المياه الواردة من شركة أمانديس، هاته الأخيرة التي لم يتوقف رنين هواتفها الخضراء والصفراء كما يقول أحدهم، لكن لا أحد يجد جوابا ولا حلا للمشكلة المؤرقة للسكان كما الزوار. "حنا بلا ماء هادي اكثر من أسبوع، الماء مقطوع تماما كنعياو نعيطو لأمانديس حتى واحد مكيجاوب" يقول محمد أحد قاطني مدينة وادي لاو، محنة حقيقية يعيشها كما جيرانه بسبب انقطاع الماء عنهم، نفس الشيء بالنسبة لمرتيل وجل عماراته الشاهقة وحتى المنحنية، وحدهم قاطنوا الدور الأول والثاني قد ينعمون ببعض الماء، أما الباقون فلا حق لهم فيه إلا في آخر لحظات الليل أو بعض الأوقات التي تخف ذروة استعمال المياه، فيما تبقى مناطق أخرى بدون مياه نهائيا لا "بالليل لا بالنهار" يقول محمد، "رجعنا للعصر القديم كنسقيوا الماء وكنفتشوا على البيار باش نعمرو صطولا". مشكل التزود بالمياه ليس ظرفيا أو سطحيا كما كشف مصدر حسن الإطلاع، فالأمر خطير جدا وهنا كمن يحاول التغاضي عليه أو جعله سطحيا، إذ أن المواطنون يعانون حقيقة من مشكل ندرة المياه، وهناك من ضاع منه الموسم الصيفي الذي يجني منه بعض المال، بسبب عدم وصول المياه لمنزله، فقد وقفت الجريدة على بعض الحالات التي تم فيها كراء منازل، فاضطر الكاري لإعادة المال لأصحابه لعدم وجود المياه وانقطاعاتها المتكررة، ناهيك عن كون المشكل تعاني منه حتى بعض المركبات السياحية، خاصة تلك التي لا يقطنها "علية القوم" فيما هناك تزويد منتظم ودائم لتلك المركبات، التي ينزل بها من تعرف "أمانديس" أنهم لن يسكتوا إذا بقيت مسابحهم أو منازلهم بدون مياه. "إذا استمر الوضع على نفس الحال لأسبوع آخر فالمنطقة ستعاني خصاصا كبيرا من المياه، وقد تصل حد تهديد عددا من الأحياء بالعطش" يوضح مصدر حسن الإطلاع، فالإستهلاك القوي للمياه هاته المياه على مستوى منطقة تطوان ككل، جعل الخزانات تفرغ سريعا، فما تكاد تملأ حتى تفرغ وأحيانا قبل أن تتم عملية التطهير الكاملة بها، بل أن بعض الأحياء تصلهم المياه "سوداء" من قعر الخزان، وجهات اخرى تصلهم برائحة "دوا ديال الماء" كما يصفونه، حينما يصل شبه أبيض بروائح الكلور أو "الليخيا" كما يقول بعض السكان. فارتفاع أعداد الزوار الذي تجاوز كل التصورات على مستوى منطقة تطوان الكبرى، والحاجة للمياه لسقي المساحات الخضراء وملأ المسابح أحيانا، بل أن مجرد الإستهلاك العادي بما فيه كثرة استعمال المياه للإغتسال، كل ذلك أدى لهاته الأزمة "الصامتة"، خاصة وأن هنا كصمت رهيب بخصوصها من لدن الجهات المعنية. مع آخر أيام الصيف ستعيش المدينة أزمة "مائية" سبق وأن عاشتها منذ سنتين او ثلاث، لكنها قد تكون بحدة أكبر في حال استمر الإستهلاك بنفس الوثيرة لأسبوع آخر، وهو ما قد يحدث خاصة وان المنطقة ما زالت تعرف توافد المزيد من السياح من مغاربة الداخل ومغاربة الخارج، إذ تتوقع بعض المصادر أن يكون آخر أسابيع الصيف الجاري، أكثر استقطابا مما مضى من أسابيع من حيث عدد الزوار وارتفاع نسبة الإستهلاك، وهو ما يخيف الكثير من المواطنين الذين يعانون من ندرته حاليا وقد يفقدونه كليا.. مصطفى العباسي