في الندوة الخامسة ل «الأحداث المغربية» المواكبة للنقاش العمومي حول الدستور الجديد، ترك المشاركون في الندوة خلافات الإيديولوجيا وانتماءاتهم الحزبية، وأقاموا مساحات للتلاقي في المواقف السياسية. حملت «أرضية الندوة» سؤالين، الأول يتعلق بالأجندة المقترحة لتنزيل الدستور الجديد، وأداء الأحزاب السياسية وعلاقاتها مع حركة 20 فبراير، بعد التحول الذي عرفته قوة تيار راديكالي، ديني بقيادة العدل والإحسان، ويساري يعبر عنه النهج الديموقراطي. القيادي بالحزب الاشتراكي الموحد والمؤرخ المصطفى بوعزيز، لا يحب الإجابة عن الأسئلة الآنية، فكل سؤال آني يستدعي في نظره العودة إلى التاريخ، لفهم مايجري، فالقيادي في الكتللة الديموقراطية في التسعينات، يقف عن أن الكتلة توقفت عند سؤال شرعية النظام السياسي، والحاضر اليوم يعلن أن اللحظة الاستثنائية والتحول الذي يعرفه المغرب، يفترض تحويل اللحظة الاستثنائية إلى لحظة تأسيسية، يكون الانتقال فيها بشكل جماعي نحو دولة، الشرعية فيها مبنية على شرعية شعبية. مداخل ذلك يجيب بوعزيز، وهنا يعود ليرتدي قبعته الحزبية، فالحزب الاشتراكي الموحد يريد دستورا جديدا بأسلوب جديد، وليس الآليات القديمة، وهذه الآلية الجديدة ليس سوى «تنظيم النقاش العمومي حتى لا نضع الشعب أمام مسرحية الاستفتاء» يقول بوعزيز. الحبيب الشوباني عضو الأمانة لحزب العدالة والتنمية، يتفق في أن اللحظة السياسية الراهنة لا تحتاج إلى التسرع، وفي قراءته للأجندة المطروحة لتنزيل الدستور الجديد،ومؤسساته، يعلن منذ البداية أن «التسرع ليس بريئا، ومن يرغب في التسريع لعله يرغب في نقل التحكم في القرار السياسي كممارسة من الوثيقة الدستورية، إلى الانتخابات، وكل محاولة لإرجاع المغرب إلى منطق التحكم ستكون محاولة بليدة، فالمطلوب اليوم كيف ننشأ دستور يؤسس لدولة الأحزاب السياسية». عادل بنحمزة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، فضل في قضية فتح النقاش العمومي التفكير بصوت عال مع باقي الضيوف، فهذا المطلب عبر عنه حزب الاستقلال في مذكرته الموجهة إلى اللجنة الخاصة لمراجعة الدستور، ويعود بنحمزة إلى المذكرة ليقرأ الفقرة التي يقول فيها حزب الاستقلال: « نؤكد في النهاية أن الحوار المجدي والمسؤول هو الذي سيفتح حول فصول الدستور وبنوده ونصه بعد إعداده فلسفيا وعلميا وتقنيا، وقبل عرضه على الاستفتاء للتأكد من التوجهات المقترحة بخصوص حالة الاستثناء، وحل البرلمان، وطريقة مراجعة الدستور، وتعميق الدور الدستوري للأحزاب السياسية». ومن جهة أخرى يطرح القيادي الاستقلالي السؤال : هل الحوارسينتج شيئا في الواقع أم أن هناك منطق «شاور ولا تدير برأيو»؟. ولأن رجل السياسة هو من يعتقد أن القضايا تكون لها عدة زوايا نظر، فبنحمزة يعلن أنه من غير المقبول، أن نمارس سادية في هدر الزمن السياسي، ليس ضروريا التسرع، وفي نفس الوقت هناك وضع في الشارع، والنقاش لا بد من الخوض فيه بجرأة حول المسألة الانتخابية، كما أن زمن الاستفتاء على الدستور في شهر يوليوز صعب». الاتفاق بين الضيوف على ضرورة مرور الوثيقة الدستورية الجديد عبرالنقاش العمومي قبل الاستفتاء عليها، يوازيه الاختلاف حول حركة 20 فبراير، فينشأ تحالف في المواقف بين بوعزيز والشوباني، فيما يختار ممثل الاستقلال موقع المعارض. بوعزيز والشوباني، لا يتخوفان على حركة20فبراير من الانزلاق أو السقوط في أيدي التيارات الراديكالية، فهي فاعل سياسي جديد، التحقت به قوى سياسية، وبالنسبة لبوعزيز الصراع مع التوجهات الراديكالية سواء اليسارية أو الأصولية يجب خوضه من داخل حركة 20فبراير، بينما يفضل الشوباني أن يقول : «عدم الرشد لم يأت من حركة 20 فبراير فقط، بل أيضا الدولة أخطأت عندما استعملت العنف المعمم، والأمل في أن تلتقط الحركة أنفاسها ويتم احتضانها من طرف الأحزاب الديموقراطية المؤمنة بالتصدي السلمي للاستبداد والتحكم السلطوي». عادل بنحمزة جدد موقف حزبه الذي لم يختر المشاركة في الاحتجاجات، وفي تقديره أن سقف مطالب الحركة بقي إصلاحيا، غير أن التحدي المطروح في على الأحزاب الوطنية هو «كيف تغير المعادلة من داخل الحركة. سعيد جادلي ترقبوا التفاصيل الكاملة للندوة في عدد لاحق