مشهد أول من باحة استقبال مستعجلات مستشفى 20 غشت في ساعة متأخرة من الليل نهاية الأسبوع الماضي. ثلاثة جرحى في حالة خطيرة جراء إصابات مختلفة في حوادث سير مختلفة بمناطق مختلفة من المدينة. الثلاثة ينزفون دما، ومرافقيهم يصيحون في كل الاتجاهات بحثا عن منقذ. من أحد الأبواب الخلفية يظهر ممرض. يستعمل عبارات للتهدئة من روع الصائحين أكثر من التدخلات الأولية لإسعاف المصابين . ‘‘ فين الطبيب ؟؟؟ ‘‘ تصيح مجددا سيدة في الثلاثينيات من العمر بشكل أقرب إلى الصراخ الهستيري. الممرض يحدق فيها بعتاب من أسفل نظارتيه، ويعود لتهدئتها بعيارات واثقة . ‘‘ الطبيب غادي يجي دابا ‘‘. تمر دقائق طويلة لا يحضر بعد انقضائها الطبيب. تعود السيدة للصراخ، تنخرط معها مرافقات المصابين الآخرين. يختفي الممرض. يعود برفقة الطبيب الذي تبدو عليه علامات الاستيقاظ المفاجىء من النوم. بعد أخذ ورد ومعاينات أولية، يوجه نصيحة للجميع ‘‘ ديرو السكانير ورجعو عندي نشوفكوم‘‘. مشهد ثاني من مستعجلات المستشفى الجامعي ابن رشد غير بعيد عن مسرح المشهد الأول، وفي ليلة غير متباعدة زمنيا عن الليلة الأولى. شاب في الثلاثينيات يحمل بجهد جهيد زوجته بين ذراعيه، بحثا عن مولدة أو طبيب مولد. كما في المشهد الأول، لا أحد يظهر بعد مرور دقائق طويلة من وصول الشاب. تزداد تأوهات ألم الحمل الصادرة من دواخل الزوجة، ومعها تزداد نداءات الشاب عن مسعف. يتأخر الإسعاف. الشاب يرغي ويزبد. يسب كل شيء وكل المسؤولين. يحمل زوجته مجددا ويقرر الذهاب إلى مستعجلات العقيد بوافي. مشهد ثالث في مستعجلات سيدي عثمان. شبان يحملون مصابا في رجله اليمنى بانتفاخ ظاهر، قد يكون ناتجا عن كسر، كما كان يتداول على ألسنتهم. المصاب كان يقود دراجته النارية بأحد أحياء سيدي عثمان عندما اصطدم بسيارة أجرى من الحجم الكبير في أحد المنعطفات. كما في المرات السابقة، يتأخر الممرضون في الحضور، وحتى عندما حضر أحدهم، لم يكن في تصرفاته أي شيء من قبيل الاستعجال. بعد قليل حضر طبيب مداوم، وطلب من مرافقي المصاب حمله إلى غرفة الأشعة. هناك، انتظر الجمع ثلاثة أرباع الساعة تقريبا ليحضر الممرض المسؤول عن غرفة الأشعة وحامل مفاتيحها. طالب الأخير بمبلغ 90 درهم مصاريف الصور. المصاب كان يحمل في جيبه مبلغ 23 درهم فقط. تطوع الشبان الثلاثة، وأكملوا المبلغ، ففتح باب الغرفة وشغل جهاز التقاط الصور بالأشعة السينية. ممرض بأحد هذه المستشفيات أكد للأحداث المغربية بأنه من غير الواجب انتقاد أداء المسؤولين عن المداومة،لأن قلة الموارد البشرية وعدم جهزية الكثير من الآليات والمعدات الطبية، لا يسمح بتدخلات استعجالية في المستوى. المصدر ذاته، قال أنه بالمقابل وجب لتنويه بدور المستعجلات وباقي أقسام المستشفيات، التي تواجه يوميا المئات من الحالات بصورة ناجعة، مطالبا وزارة الصحة بالعمل على توفير كل حاجيات المستعجلات قبل إصدار أحكام جاهزة. الحسين الوردي وزير الصحة في حكومة بن كيران، كان قد صرح مطلع هذه السنة بأن زوار المستعجلات في مجموع المستشفيات المغربية، ارتفع من مليون ونصف المليون زائر إلى 4.7 مليون زائر سنة 2012، وهو ما يعكس الاهتمام الذي أولته الوزارة لهذا الجزء الهام من العملية العلاجية، هذا على الرغم من أن عددا كبيرا من الزوار يقصد المستعجلات دون أن تكون حالته تستدعي الاستعجال، ما يشكل ضغطا كبيرا عليها. وتتوفر وزارة الصحة حاليا على 143 مستشفى تضم 118 قسما استعجاليا، كما تم اعتماد مبلغ 15 مليون درهم لتأهيل المستعجلات خلال سنة 2013.