"هذا عار هذا عار، الدوار في خطر"،شعار صدحت به صباح أول أمس عشرات الأصوات ،خلال اعتصام نظمته ساكنة دواري أولاد الكرن تازاكورت وبوعيشة أمام منجم الدراع الأصفر بجماعة سعادة بمراكش، احتجاجا على ما اعتبروه مظاهر خراب ودمار رمتهم بها مخلفات المنجم المذكور. نساءا ورجالا،شيبا وشبابا غادروا بيوتاتهم المتواضعة، وانتظموا في اعتصام مفتوح وسط أجواء الحرارة التي كانت تنفثها في وجوههم سماء المنطقة. اعتصام امتد طوال ساعات( من العاشرة صباحاإلى الثانية زوالا)، أصرت خلاله الساكنة على إسماع صوتها،والجهر بكلمات"اللهم إن هذا منكر"، بعد أن طفح بهم الكيل ولم يعد في القلوب متسع للتحمل والاحتمال. تجمع الساكنة المحتجة أنه ومنذ الإعلان عن افتتاح الأشغال بالمنجم إياه خلال سنة 2003، والجميع يعيش إكراهات ومشاكل ما أنزلت بها الحقوق الدستورية من سلطان. الاستعمال المفرط والعشوائي للمتفجرات، أدت حسب شهادات السكان إلى إحداث جملة تصدعات وشروخ طالت جدران البيوتات والمنازل،وأصبحت تهدد بالانهيار فوق رؤوس قاطنيها في أية لحظة وحين. استنزاف مياه المنطقة بوفرة غير محسوبة أدى إلى تغوير الفرشاة المائية، وأصبح قطاع الفلاحة الذي يعتمده السكان مهددا بخطر الجفاف وندرة المياه، ما بدأت تظهر معالمه على مستوى العديد من الحيازات الفلاحية الصغرى،دون احتساب عملية تفريغ مخلفات المنجم بمجرى وادي تانسيفت، بما تختزله من كميات مواد سامة،أصبح معه استعمال مياه الوادي في عمليات السقي أمرا محفوفا بالكثير من المخاطر. وحتى تمتد مساحة المعاناة، فإن استعمال المتفجرات،وما تخلفه من ارتفاع منسوب الغبار ،الذي أصبح يغطي عموم المنطقة، قد امتدت تأثيراته لتصيب العديد من الأطفال والصغار بأمراض تنفسية مزمنة، ما يفسر حسب السكان، ارتفاع عدد الإصابات بأمراض معينة كالربو والحساسية، لتكون الخلاصة أن الأشغال التي تمتد على مدى ساعات اليوم بالمنجم قد أهلكت الزرع والضرع،وأصابت في مقتل البشر والحجر. في غمرة هذه الوقائع والحقائق، ظل بعض المسؤولين بالمنجم يصرون على إدارة الدهر لليد العاملة بالمنطقة،وتشغيل أشخاص غرباء عن المنطقة، حيث يؤكد أحد الشباب أن المنجم الذي يشغل ما يناهز 800 عامل،لا يحتضن سوى53 من أبناء المنطقة في إطار مبدأ الزبونية والمحسوبية الذي يعتمده بعض المسؤولين في تدبير اليد العاملة بالمنجم، فيما العديد من شباب المنطقة يعاني حالة بطالة مزمنة،بعد أن حاصرت التأثيرات السلبية المومأ إليها مجمل القطاع الفلاحي الذي ظل يعتبر المصدر الرئيسي في حياة الساكنة. انتهى السكان المعنيون إلى خلاصة مفادها" لا مالنا بقا،ولا وجهنا تنقا"فقرروا في لحظة يأس غامرة الانتظام في اعتصام مفتوح أمام أبواب المنجم لحين إيجاد حلول مقبولة ومعقولة لجملة المشاكل والإكراهات الآنفة. حلت السلطات المحلية ورئاسة الجهة وعناصر الدرك الملكي وكذا بعض مسؤولي المنجم ، بفضاء الاعتصام وانخرطوا في حوار ماراطوني مع ممثلين عن السكان، طرحت خلاله جميع أسباب نزول الاعتصام،حيث أكد خلاله بعض السكان أن الاعتصام المذكور يأتي في سياق"مجبر أخوك لا بطل"،وأن السيل قد بلغ الزبى ،ومن ثمة ضرورة إيجاد مقترحات فعالة في إطار مبدأ"لا ضرر،ولا ضرار". بعد سلسلة نقاشات وحوارات، انتهى المجتمعون إلى التأكيد على ضرورة التزام إدارة المنجم بالحد من ظاهرة الاستعمال العشوائي للمتفجرات وتقنين العملية في حدود الضروري، مع وضع مقاربة لتنمية المجال والمنطقة، كذا الالتزام بإفساح المجال أمام شباب المنطقة،لإيجاد موطيء قدم ضمن شغيلة المنجم، حيث تم ضرب موعد لعقد اجتماع لاحق، بإدارة المنجم بحضور ممثلين عن جميع الجهات المومأ إليها،لتوثيق الاتفاق والالتزامات. بعد الوصول لهذه النتيجة، ترجلت الساكنة من على صهوة الاعتصام،وغادر الجميع اتجاه بيوتاتهم ،ولسان حالهم يردد الحكمة المأثورة" الله يجيب اللي يفهنا،ولا يعطينا". إسماعيل احريملة