منذ أزيد من سنة وسكان الجماعة القروية "إيميضر" التابعة لإقليم تنغير، يخوضون اعتصاما مفتوحا فوق جبل "البان"، للاحتجاج على إقصائهم وتهميشهم مقابل نهب الثروات الطبيعية بشكل غير قانوني من طرف إحدى شركات المعادن التي تستغل منجم الفضة المتواجد بالنفوذ الترابي للجماعة والذي يعد من أكبر مناجم إنتاج الفضة عالميا. شرارة الاحتجاج انطلقت الاحتجاجات بالمنطقة يوم 1 غشت 2011، بسبب النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب وأيضا تفاقم المشاكل الاجتماعية بما فيها البطالة في صفوف شباب الجماعة الذين سدت في وجههم أبواب العمل بالمنجم، كما أن الشركة المستغلة للمنجم ضاعفت استنزافها للثروات الطبيعية بشكل مهول بالإضافة إلى معاناة دواوير الجماعة من انعدام البنيات التحتية الحيوية ومعاناة معظم الدواوير من العزلة رغم الثروة المعدنيه الهائلة التي تتوفر عليها الجماعة، أدت هذه التراكمات إلى تبلور حركه احتجاجية أفرزت لجن تنظيمية منضوية تحت لواء حركة "على درب 96"، و هذا الاسم مستمد من التجارب النضالية لساكنة إميضر وخاصة الاعتصام الذي خاضه السكان سنة 1996 والذي تم تفريقه من طرف السلطات بالعنف دون الاستجابة لمطالب المعتصمين. تلاميذ المنطقة بدورهم انخرطوا في الحركة الاحتجاجية، وشاركوا طيلة السنة الماضية في الاعتصام فوق جبل "الألبان"، بعدما قرروا الامتناع عن الدراسة، وهو ما أدى بالنيابة الإقليمية للتعليم بتنغير إلى إعلان السنة الدراسية الماضية سنة بيضاء. وعلى إثر استمرار الاعتصام والأشكال الاحتجاجية، قامت السلطات باعتقال خمسة نشطاء من أبناء المنطقة، وذلك يوم 15 يوليوز الماضي، وتم الحكم عليهم بأحكام قاسية، بعدما وجهت لهم تهم تتعلق بتزعم الاعتصام ومنع اللاميد من الالتحاق بمدارسهم طوال السنة الدراسية الماضية ومنع وعرقلة المشاريع التنموية للدولة بالمنطقة. استنزاف ثروات المنطقة ويعود تاريخ اكتشاف منجم الفضة بهذه المنطقة إلى سنة 1969، وفي سنة 1988 قامت الدولة بتفويت استغلال المنجم لإحدى الشركات المتخصصة، هذه الشركة حسب إفادات سكان المنطقة، أعلنت حربها على كل الثروات التي يحتضنها مجال إميضر بدءا بالثروة المعدنية الباطنية (توسيع المجال واستغلال بشكل اكبر) حيث يلازم هذا الاستنزاف المعدني الحاجة إلى استنزاف الثروة المائية مما يفضي إلى استنزاف الثروة الفلاحية والنباتية. وشرعت الشركة المعنية في البحث عن الماء وحفر أثقاب بشكل غير قانوني تصدى لها الساكنة وانتهت باعتقال 6 أشخاص بالإضافة إلى التهديدات والمتابعات، وفي يوم 25 يناير 1996 ستدخل ساكنة إميضر في اعتصام مفتوح احتجاجا على الأوضاع المزرية والتهميش و الإقصاء المقصودين أمام الشركة، هذا الاعتصام سيستمر تحت ملف مطلبي واضح يؤسس لحقوق أساسية (التشغيل، التنمية ، الصحة، البيئة...) ويساءل قانونية استغلال الثروة المائية. في صبيحة 10 مارس من نفس السنة، ستتدخل السلطات المحلية لفض الاعتصام دون سابق إنذار فكانت الواقعة إعلان حالة طوارئ انتهت بعدد من المصابين واعتقالات لأزيد من 20 مواطن ستحكم محاكم ورزازات على 6 منهم ب سنتين سجنا نافذا و غرامات مالية، وتعذيب في السجون والتي ذهب ضحيتها المواطن لحسن اوسبضان الذي توفي في ظروف غامضة مثآترا بظروف الاعتقال والتعذيب، حسب أبناء المنطقة. سنة 2004، قامت الشركة بتوسيع المنجم ازدادت احتياجاتها إلى المياه الصناعية مما جعلها تقوم بحفر بئر كبير لضخ المياه من منطقة "تيدسا" بإميضر وفق اتفاقية "مشبوهة" مع مسؤولين محليين رفضتها الساكنة وقامت بالاحتجاج على ذلك سنة 2004، الشركة بدورها لم تلتزم ببنود الاتفاقية المذكورة ، التي امتدت لخمس سنوات انتهت في سنة 2009، ورغم ذلك استمرت الشركة في ضخ المياه بطريقة غير قانونية بعد رفض المجلس الجماعي وجمعيات المجتمع المدني تجديد هذه الاتفاقية بسبب الأضرار الكبيرة الناتجة عن استنزاف الفرشة المائية، حيث وصل تراجع صبيب بعض الخطارات الى نسبة 63% و نقص في المياه الصالحة للشرب. وقد تم ايقاف ضخ المياه من طرف الساكنة مع بداية شهر غشت من السنة الماضية ليبدأ الاعتصام منذ ذلك الحين. مطالب الساكنة وفي عام 2010 قاد المجلس القروي اعتصاما دام 15 يوما، قام خلاله بإيقاف تزويد الشركة بالماء وكذا منع سيارات عمال الشركات المناولة من الدخول إلى المنجم من أجل دفع الشركة للالتزام بالقانون والاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، وقد تم فض الاعتصام بعد الاتفاق على وعود اتضح أنها كاذبة فيما بعد ولم يتحقق منها شيء. ومن مطالب ساكنة المنطقة، ضرورة تقنين استغلال المياه من طرف الشركة و العمل على ترشيد وعقلنة استهلاكه والعمل على تغذية الفرشة المائية عبر إنشاء سدود تلية وكذا تعويض الفلاحين المتضررين من الاستغلال الغير قانوني للمياه طوال السنوات الماضية، بالإضافة إلى إعطاء الأولوية لتشغيل أبناء دواوير الجماعة العاطلين عن العمل المنجم، وتعويضهم على إقصائهم الممنهج طيلة 26 سنة الماضية، وإيجاد حلول ناجعة لمشكل الثلوث، خاصة أن الشركة تستعمل في عمليات إنتاج الفضة مواد كيماوية سامة ( السيانور، الميركور...)، وتطرحها كنفايات سائلة، غازية، وصلبة لها تأثير على البيئة.