وجوه آدمية يائسة، غادرت بيوتاتها المتواضعة بجماعة بوروس بإقليمالحوز، لتلتحق بضفاف بركة أبدعتها فوضى المقالع، وتواطؤ المال والسلطة، لتسد كل منافذ الطرق في وجه السكان، وتجبرهم على خوض غمار احتجاج لم ينفع في إماطة الأدى عنهم. «هذا عار هذا عار، أولادنا تحت الحصار»، بهذا الشعار الذي جادت به شجون اللحظة، عبر المحتجون عن تنديدهم واحتجاجهم، بما تعرضوا ويتعرضون له من تطاولات، من طرف أحد المقاولين الذي رخص له باستغلال مقلع للرمال والأحجار بوادي تانسيفت، بالمنطقة الواقعة بين جماعتي الجعيدات وبوروس. طريقة استغلال المقلع، وعدم احترام النصوص القانونية المنظمة للمجال، في اطار تواطؤات مكشوفة، سمحا للأشغال أن تستغل رمال الوادي بعمق تجاوز 8 أمتار – حسب تصريحات المتضررين- ما خلف حفرة عميقة، يستحيل عبورها أو تجاوزها. ولأنه «ماكدو فيل زادوه فيلة» على رأي المثل الشعبي الدارج، فقد لجأ المستفيدون من المقلع، إلى حفر 10 آبار، لاستغلال مياهها في غسل الرمال، المستخرجة من الوادي، ومن ثمة صبها بعد عملية الغسل، في اتجاه الحفرة المحدثة، ما حول الفضاء ككل إلى بركة شاسعة، أصبح معها عبور المنطقة في عداد المستحيلات. احتج السكان لدى الجهات المسؤولة، وتعهد المقاول بإنجاز قنطرة، فوق المنطقة، كمنفذ عبور، قبل أن يكتشف السكان أنها مجرد وعود عرقوبية، لامتصاص الغضب، في انتظار انتهاء عملية استغلال المقلع، وبالتالي ظل الوعد المذكور، مجرد كلام ليل يمحوه النهار. وحتى تتسع مساحة المعاناة، فإن تغوير الآبار التي تم حفرها من طرف المقاولة على عمق ناهز 100 متر، عبر اعتماد آلة «الصوندا» ضدا على القانون المنظم للمجال، والذي لا يسمح بتجاوز عمق ال 50 مترا، قد أدى إلى جفاف آبار الفلاحين المتوسطة العمق، التي عادة ما يعتمدونها في توفير حاجياتهم من هذه المادة الحيوية. وضعية باتت تهدد مشروع غراسة 30 ألف هكتار من الصبار، الذي أعطى انطلاقته عاهل البلاد، مع محاصرة ساكنة 11 دوارا تضم أزيد من 700 نسمة، عبر قطع الطريق أمامها، وكذا تهديها بالعطش والجوع، بالنظر لما بات يهدد محصولات السكان الزراعية من بوار وضياع. الساكنة التي اعيتها الشكايات المقدمة في هذا الشأن، لعامل إقليم الرحامنة، ومسؤولي الحوض المائي وكذا المياه والغابات والمندوبية الجهوية للطاقة والمعادن والبيئة، لم تمنع من استمرار تفاقم الوضع، دون أن تحرك أي جهة ساكنا، وبالتالي اضطرار الساكنة لرفع صوتها بالتنديد والاستنكار، عبر تنظيم وقفات احتجاجية، في محاولة لكسر جدار الصمت المضروب على معاناتهم، واعتماد كل الجهات المسؤولة مواجهة تظلماتهم بسياسة «عين ماشافت، وقلب ماوجع». إسماعيل احريملة