أمور كثيرة جرت في حياة فاطمة، مابين اليوم والأمس، منذ استشهاد زوجها في تخوم الصحراء قبل عشر سنوات، رحلة كلها تعب وصراع يومي لاتكاد تنتتهي فصوله بين دروب الإدارات والمصالح، بحثا عن الانصاف المادي والمعنوي. ففي يوم من أيام شهر مارس كانت مفاجأتها كبيرة، حين تلقت مايشبه الصفعة بدل الانصاف بمقر إحدى مقاطعات تمارة، كانت تردد بصوت واهن « بغيت غير شهادة السكنى لولدي، مابغاوش ايعطيوها ليا .. هذا حرام» الأم وهي أرملة شهيد، كان ذنبها الوحيد وهي تتقدم إلى المسؤول أن طالبت بوثيقة عادية تثبت أن إبنها يقطن بالفعل بالدوار الصفيحي، وهو مزداد بنفس الدوار المذكور منذ بداية الثمانينات، لكنها تعرضت « للتجريح والإهانة بالرغم من وضعها الاجتماعي المزري، وكونها أرملة شهيد، حيث أن إبنها لم يشمله الاحصاء لظروف مجهولة». واقعة قد تبدو مألوفة في قاموس أسر الشهداء والمفقودين والأسرى عبر مدن المملكة، بل وقد وتتشابه فصولها لدى أفراد هذه الشريحة من المجتمع. مأساة فاطمة هي من بين الحقائق التي لم يتغافلها تقرير مفصل حديث من المرتقب أن تقدمه الجمعية الوطنية الممثلة لهذه لفئة قريبا، فإذا كان تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، قد مكن من طي صفحة من تاريخ أليم، فإن الملاحظ، أن صفحة أخرى أهملت و لم تحظ بالعناية، إنها الانتهاكات المادية و المعنوية ذات الصلة بملف ضحايا حرب الصحراء. كم يساوي إذن استشهاد جنديين من أسرة واحدة ؟ يتساءل التقرير في إحدى فقراته، إنه ببساطة يساوي تعويضا عن واحد فقط بمبلغ مالي شهري لا يتجاوز 650 درهما لأبويه، أما بالنسبة للمعاش الهزيل لأرامل الشهداء فإنه لم يعرف إلا زيادة تبقى محتشمة و دون أن يتجاوز في مجموعه الحد الأدنى للأجور.(لايتجاوز 1800درهم) الأمر الذي يدفع الأرامل إلى العمل مضطرات في الضيعات الفلاحية ،والمعامل بالأحياء الصناعية، و أكثر من ذلك خادمات في البيوت. الحرمان من الحقوق قضية تبرز بوضوح من من خلال حرمان مجموعة من أسر الشهداء من التأمين الصحي بدون سابق إشعار مع الاستمرار في اقتطاع أقساط التأمين الصحي. المفقودون أو الذين لم يعرف لهم مصير، فإن التقرير قد سجل بخصوصهم، اعتماد الدولة سياسة التعتيم، فهي قد قدرت عددهم مؤخرا ب 452 مفقودا، في حين تذهب الجمعية إلى وجود حوالي 700 مفقودا استنادا إلى تقارير فروعها عبر التراب الوطني. التقرير يسجل من جاتب آخر حرمان 601 أسرة مفقود من تعويضات التأمين بعد إخبارهم باستشهاد ذويهم بتاريخ 01/06/2001 بمخيمات بتندوف.أما شواهد الوفاة المسلمة لأسرهم فإنها تفيد وفاتهم في مناطق نفوذ مغربية أثناء مزاولتهم لمهامهم العسكرية، رغم إعلان الدولة لفقدانهم لأكثر من عشرين سنة. حرمان الأبناء من صفة مكفول الأمة منذ فقدان الأباء حسب الظهير المنظم والتي تخول لحاملها عدة امتيازات من بينها : تعويض مادي سنوي حدد مع الحكومة الحالية في 15000درهم،الأولوية في المناصب في المؤسسات العمومية. ولم يتغافل التقرير بعد استعراضه لمجمل الخطوات التي قامت بها الجمعية بعض الملفات التي سوتها الدولة ،كتسوية مشكلة الراتب المضاعف بالنسبة للأسرى، والزيادة المحتشمة للأرامل وبلغة الأرقام، فحجم الضرر الجماعي الذي ينبغي جبره، نموذج:بطاقة مكفول الأمة . إذا علمنا أنها تخول لصاحبها الاستفادة من إعانة مالية تصل سنويا إلى خمسة عشرة ألف درهم ، فإذا احتسبنا فقط ثلاثة سنوات لمن يحمل هذه البطاقة ، فإن ما يوجد بذمة مؤسسة الحسن الثاني لقدماء المحاربين وقدماء العسكريين لفائدة هذا اليتيم هو 45000 درهم.