تفجيرات بوسطن الأخيرة حركت المصالح الإستخبارية في عدد من بلدان العالم، وجعلتهم يلقون مجددا بشباكهم في محاولة لاستباق الأسوء، ولعل ذلك ما عجل باعتقال “الذئبان المنفردان” الجزائري المديوني والمغربي الجعواني، من طرف المصالح الإسبانية كل في منطقة بعيدة عن الأخرى، لكن تربطهم علاقة انتمائهما لفصيل “الذئب المنفرد” التابع للقاعدة وعضوي “إيكمي” أي الجيش الإسلامي بالمغرب الأقصى. الرجلان كانا يشتغلان في سرية وبعيدا عن الاضواء أو أية شبهة، فلا لحية تمتد ولا صلوات تقام في وقتها ولا حتى لباس يثير الإنتباه لانتمائهما، إنهما شخصان قد تعتقد انهما بعيدان كل البعد عن المتدينين، وهي وسيلة تمويه تستعملها “الذئاب المنفردة” للقيام بمهامها “الجهادية” والتي غالبا ما تكون لوجيستيكية وداعمة للعملية الأصلية. الإعتقال الفجائي لكل من الجعواني والمديوني جاء بعد تحريات وتحقيقات قامت بها الإستخبارات الإسبانية، وجاء اعتقالهما السريع في هاته الفترة بالضبط مخافة تنفيذهما لأية عملية أو دعم أية عملية، خاصة بعد تفجيرات بوسطن التي كشفت عن عمليات أخرى محتملة بمناطق مختلفة بالعالم، كما ان الجزائري المديوني كان قد أشاد بالعملية واعتبرها انتقام مما يعاني هالمسلمين في بعض مناطق العالم وخاصة في مالي، بعد التدخل الفرنسي بها لمحاصرة المجموعات المسلحة هناك. خاصة وأن المديوني لازال شابا في بداية العمر وله قدرات خارقة في المجال الإعلامي والتواصل، وقادر على اختراق مجموعة من المواقع والإفلاة من الرقابة الإلكترونية، مما كان يجعله يسهل التواصل بين أفراد تلك الشبكات الإرهابية. الجعواني المواطن المغربي الذي لم يمضي على تواجده بإسبانيا سوى سنتين، كان يقطن برفقة أشخاص ينتمون لجنسيات اخرى من بينهم إيكواتوريين، حاول لحظة اعتقاله الفرار من المنزل عبر النافذة لكنه لم يتمكن، في وقت قذف بثلاث هواتف نقالة من بين 60 هاتفا نقالا كان بحوزته لحظة مداهمة المنزل الذي يقطنه بمورسيا، وهو ما جعل المحققين يقومون بحملة تمشيطية للعثور عليهم، لاعتقادهم بكونهم يحملون كل ألغاز وأسرار المعني. حيث يقول المحققون الإسبان أن للرجلين “بروفايل” قريب جدا من زميليهما “الذئبان المنفردان” الذان قاما بعملية بوسطن، وأنه لم يكن مستبعد قيامهما بعملية ما في مكان ما بالمنطقة في هاته الفترة بالذات. مقابل ذلك، كشفت السلطات المغربية مؤخرا عن اعتقالات جديدة من بين عناصر تدعي أنهم ينتمون لشبكات سلفية وغالبيتهم من منطقة تطوان، امر نفته اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بتطوان، والتي أكدت اعتقال ثلاثة من العناصر المنتمون للتيار السلفي، موضحة انه لا علاقة لهم بأي نشاط محظور أو تيار إرهابي، وأن أحدهم يعتبر من المقربين من الشيخ عمر الحدوشي وهو لحسن أعكوك الهولندي الجنسية والمغربي الأصول، إضافة لآخرين وهما محمد الفرطاخ وهو معتقل سابق في ملف مرتبط بالإرهاب، وشاب ثالث يدعى عبد الواحد. وكشفت ذات المصادر في كون أسر المعنيين لا يعرفون لحد الساعة سبب اعتقال ذويهم ولا التهم الموجهة لهم، فقط تم إخبارهم باعتقالهم من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأنهم يخضعون للتحقيق بمقرها بالدار البيضاء. وكانت عناصر “الديستي” والفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قد قاموا بتفتيش دقيق لمنازل المشتبه فيهم، حيث جمعوا بعض الأوراق والوثائق والتسجيلات وغيرها من الامور التي يمكن اعتمادها في التحقيق، لكن دون إعطاء أية توضيحات او معلومات لأسرهم التي بقيت متفاجئة مما حدث، فيما هناك مصدر من اللجنة كشف عن كون إحدى العائلات أخبرت خلال إشعارها باعتقال إبنها، ان الأمر يتعلق بعلاقته مع بعض الشبكات الإرهابية من خارج المغرب وأنه كان يعتزم مغادرة أرض الوطن في اتجاه سوريا او مالي، وهو ما ينفيه بعض المقربني من اللجنة المحلية للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، التي تعتزم تنظيم وقفات احتجاجية اليوم الجمعة بأبواب بعض المساجد بالمنطقة، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مجريات التحقيق معهم. وارتباطا بذلك تخوض السلطات الفرنسية والإيطالية حملات واسعة، في بحثها عن مشتبه فيهم ينتمون لتنظيم القاعدة، ويعتقد ان غالبيتهم ينتمون لخلايا نائمة او “ذئاب منفردة” تم تحريكهم وتجنيدهم مؤخرا للقيام بعمليات إرهابية، خاصة بعد التدخل الفرنسي في مالي، حيث ثبت من مجموعة معلومات مستقاة من هنا وهناك ومن تصريحات بعض المعتقلين بدول مختلفة، أن ترتيبات كانت تخص الإنتقام من ذلك التدخل تخص جل الدول المعنية به بما فيها المغرب، فرنسا، إسبانيا وإيطاليا.. مصطفى العباسي