أثار نشر رسالة تحت عنوان «الذئب المنفرد في المغرب الأقصى» في المنتديات والمواقع الجهادية عبر الإنترنت منتصف الشهر الماضي استنفارا أمنيا كبيرا في المغرب أسفر حتى الآن عن اعتقال 3 خلايا إرهابية من طرف السلطات المغربية في ظرف 3 أسابيع، آخرها اعتقال مراد عيبوس، الذي يشتبه في كونه كاتب الرسالة. غير أن رسالة ثانية نشرتها المواقع الجهادية أول من أمس، ومنسوبة أيضا ل«الذئب المنفرد في المغرب الأقصى»، نفى فيها هذا الأخير تعرضه للاعتقال من طرف الأمن المغربي. وتروج الرسالة لأسلوب جديد في العمليات الإرهابية يعتمد على العمل الفردي. ويصف «الذئب المنفرد» نفسه في الرسالة بأنه «يتجول في الطرقات، ويركب القطارات وسيارات الأجرة»، وأنه «ينظر إلى الناس وهم ينظرون إليه ولكنه لا يثير انتباه أحد». وأضاف أيضا أنه «ذئب منفرد لا يثق فيه أحد، حتى أقرب الناس إليه». وأشار «الذئب المنفرد» إلى أن هدفه من خلال الرسالة هو التشاور مع «الجهاديين» حول الأهداف ذات الأولوية لضربها في المغرب بعد أن اختلطت عليه الأمور، الشيء الذي أثار جدلا بين المشاركين في المنتديات الجهادية حول الأهداف المحتملة لمثل هذه العمليات في المغرب، وطرحت خلالها عدة اقتراحات منها شخصيات حكومية ومقرات السفارات والمؤسسات الأجنبية. وعلق عبد الحق الخيام، رئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في المغرب على خطة «الذئب المنفرد»، قائلا إنها مستنبطة من عملية تفجير مقهى أركانة الإرهابي الذي أودى بحياة 14 شخصا معظمهم سياح فرنسيون نهاية أبريل (نيسان) الماضي في مراكش. وأضاف الخيام، في تصريح صحافي عقب اعتقال مراد عيبوس، المشتبه في كونه مصدر رسالة «الذئب المنفرد»، أن عادل العثماني المتهم بتفجير مقهى أركانة تصرف بشكل انفرادي. وقال الخيام «على الرغم من أن العثماني كان ينتمي إلى خلية إرهابية كل أفرادها كانوا متفقين على تنفيذ عمليات إرهابية، فإنه قرر بمفرده وأعد عبوته الناسفة بنفسه، ونفذ عمليته دون أن يطلع بذلك أيا كان حتى أعضاء خليته الإرهابية أنفسهم». ويقول عبد الله الرامي، الخبير المغربي في شؤون الإرهاب، إن استراتيجية الاعتماد على العمليات الإرهابية الفردية ليست جديدة بل كان لها دائما دعاتها ومنظروها والمدافعون عنها في صفوف «القاعدة». غير أنها أصبحت بعد مقتل أسامة بن لادن توجها رسميا ورئيسيا داخل التنظيم الإرهابي وأطلق عليها اسم «الذئب الفردي». وأضاف الرامي أن الضربات التي تلقتها «القاعدة» مؤخرا ومقتل عدد من زعمائها، وتفكيك الكثير من الخلايا المحسوبة عليها، رجح كفة المدافعين عن هذا النوع من العمليات داخل التنظيم، التي تجعل الإرهابيين الفرادى أقل عرضة لضربات الأجهزة الأمنية ورقابتها. وقال الرامي إن المدافعين عن هذا الخيار داخل تنظيم القاعدة أصدروا مؤخرا كتيبا حول أهمية هذه الاستراتيجية تضمن الكثير من العمليات التي قام بها أفراد مستقلون بمبادرة منهم كنماذج عن هذا التوجه بهدف ترسيخه داخل تنظيم القاعدة. وأضاف الرامي أن الجهاديين المغاربة كانوا سباقين إلى تبني هذا التوجه الجديد، وهو الشيء الذي أكدته عملية أركانة في مراكش، وكذلك رسالة «الذئب المنفرد»، والجدل الذي أثارته في المنتديات الجهادية. وأوضح الرامي أن صاحب رسالة «الذئب المنفرد في المغرب الأقصى» لم ينشرها بشكل مباشر على الإنترنت، وإنما عبر واسطة، لأن الشخص الذي وضع الرسالة في المنتديات الجهادية، والذي يلقب نفسه بالعائد، صرح أنه نقلها عن «الذئب المنفرد العائد إلى عرينه». وأضاف الرامي أن هذا التعامل عبر وسطاء يستعمله «الجهاديون» كثيرا بهدف إخفاء آثارهم والتشويش عليها ليتعذر اقتفاؤها من طرف الأجهزة الأمنية. وقال إن الجديد في هذه الرسالة أنها طرحت مسألة اختيار الأهداف للنقاش على الشبكة. لكن، يضيف الرامي، يصعب معرفة إن كانت هذه الرسالة مجرد ضربة في الهواء، أم مجرد دعاية وتسويق لهذا النمط الجديد، أم أن الرسالة صادرة فعلا عن شخص على أهبة الاستعداد لتنفيذ عمل إرهابي. وكيفما كان الحال فالرسالة في حد ذاتها، والنقاش الذي خلقته، وتفكيك الأمن المغربي لثلاث خلايا تستجيب لمواصفات «الذئب المنفرد» في فترة وجيزة، إضافة إلى عملية مقهى أركانة، كلها مؤشرات على مدى خطورة الوضع.