أكثر من أي وقت مضى, بات واضحا في الأسابيع الأخيرة انقسام مكونات الحكومة إلى معسكرين يتبادلان الاتهامات والاتهامات المضادة. في هذا الإطار, استغل نبيل بنعبد الله الأمين العام للتقدم والاشتراكية فرصة انعقاد دورة عادية للجنة المركزية لحزبه من أجل المنافحة عن تحالفه مع العدالة والتنمية ضد كل الانتقادات التي تكال للحكومة من داخل التحالف وخارجه. بنعبد الله وفي معرض حديثه أول أمس السبت بالرباط, أمام أعضاء حزبه سجل ضرورة الحرص: “على وحدة الصف داخل الأغلبية الحكومية، والكف عن أي نوع من أنواع الخطاب المزدوج، أو محاولة تحقيق ربح سياسوي ضيق، والتصرف على أساس أن الانتماء إلى الأغلبية الحكومية يُملي، بالضرورة، الالتزام والمسؤولية، مما لا يتعارض وحُضور البعد الانتقادي في حدوده المعقولة، البناءة والموضوعية”, في إشارة إلى الخرجات الإعلامية التي طالت الحكومة من طرف حزبي الاستقلال والحركة الشعبية. أكثر من ذلك, ذهب الأمين العام ل”التقدم والاشتراكية” بعيدا في دفاعه عن الحكومة الحالية أمام أعضاء اللجنة المركزية حين نفى طابع المحافظين عليها قائلا : “هناك إصرار مغرض لإقحام الحكومة في خانة المحافظين، ومن ثم الزج قسرا بحزبنا في غياهب تصنيفات تعسفية لا تستند على منطق سليم، ولا تصمد أمام واقع المشهد السياسي الفعلي” يوضح بنعبد الله. مقابل هذا النفي, سيقدم وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة ما يراه التوصيف الحقيقي للوضع الحالي: “الصراع السياسي القائم حاليا هو صراع بين من يحملون حقيقة هم الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد، وبين من يريدون بشكل أو بآخر أن يحافظوا على مصالح ومواقع وامتيازات، وحاولوا دفع الأمور في هذا الاتجاه عبر سعيهم إلى الهيمنة على المشهد بأساليب تحكمية بالية لا ننسى أنها منيت بالفشل الذريع والإخفاق المريع”. على أن هذه التوصيفات التي قدمها بنعبد الله أول أمس السبت بالرباط, ورغم بعض النقاشات الساخنة التي عرفها الاجتماع إلا أن بيان اللجنة المركزية سيتبنى مواقف وزير السكنى والتعمير وسياسة المدنية, حيث وقف على الاهتزاز الذي يعيشه الفريق الأغلبي بسبب : “عدم تقيد مكونات الأغلبية بالقدر الكافي بما هو منوط بها من مسؤولية إفراز صورة طاقم حكومي منسجم يبعث الثقة لدى الرأي العام الوطني والملاحظين الأجانب بمن فيهم المستثمرون”. غير أن الاهتزاز الذي اعترف به بيان اللجنة المركزية في دورتها العاشرة لحزب الكتاب, لم يمنع حزب علي يعتة من تقديم رؤيته على غرار ماقامت به باقي مكونات الحكومة منفردة من خلال مذكرات حزب الاستقلال, أو آراء حزب الحركة الشعبية, لذلك جاء بيان اللجنة محملا بالإجراءات التي يرى أنها كفيلة بإخراج الاقتصاد المغربي من أزمته. أولى هذه الإجراءات تهم الاستثمار, حيث طالب بيان اللجنة بإزالة كل العراقيل أمام الاستثمار من خلال تبسيط المساطر ومرافقة المقاولات والمستثمرين ومحاربة الرشوة. حزب نبيل بنعبد الله سيخوض بدوره في التوازنات الماكرواقتصادية التي شدد على تحقيقها دون المس بالتوازنات الاجتماعية. أما على مستوى الإصلاحات الهيكلية, فالحزب أبدى في بيان لجنته المركزية في دورتها العاشرة, معارضته “لأي تدبير يروم التحرير الشامل للأسعار وحذف صندوق المقاصة”, مقابل اقتراح وضع آليات لاسترجاع بعض الإعانات التي تستفيد منها, بدون مبرر كما قال, بعض الشركات والفئات الميسورة. ومن المجالات الأخرى التي تنتظر إصلاحا جذريا, قدم “التقدم والاشتراكية” رؤيته للإصلاح الضريبي وإصلاح أنظمة التقاعد وذلك من خلال ضروة أن يحقق الأول تحفيزا للاستثمار والإنتاج وتفعيل العدالة الاجتماعية والتضامن, وأن يكون الثاني وسيلة لتوسيع الاستفادة من نظام التقاعد بارتباط مع تشجيع المرأة في المساهمة في النشاط الاقتصادي والحفاظ على المكتسبات للمستفيدين والرفع من الحد الأدنى للمعاشات المعفي من الضرائب مع العمل على تحسين تدبير مردودية أموال المتقاعدين. مصطفى بوركبة