أعطيت يوم الخميس 21 مارس الماضي الانطلاقة الرسمية لفعاليات الموسم السنوي ل«الشرفاء الركراكيين»، الذي سيتواصل إلى غاية الثامن من ماي المقبل. وتشمل هذه الجولة التي تعرف ب«الدور» مرحلتين تهم الأولى مجموع تراب منطقة الشياظمة. أما الثانية فتجري شرق «جبل لحديد»، حيث يجري تنظيم طقوس دينية قرب كل واحدة من الزوايا التي تجري زيارتها خلال الموسم . ويعتبر هذا الموسم الأطول زمانا بربوع المغرب، الذي دأبت ساكنة المنطقة على تنظيمه لعصور خلت. كما يكتسي أبعادا دينية وثقافية واقتصادية، حيث يحج إليه زوار مغاربة من مدن مختلفة وأجانب. «الأحداث المغربية» التقت بحفيد نقيب زوايا ركراكة «عبد العزيز لمقدم» بزاوية بن احميدة بمنطقة بير كوات، حيث أكد أن موسم شرفاء ركراكة السنوي ينطلق من زاوية علي بن بوعلي بجماعة سيدي علي لكراتي، ثم إلى سيدي امحمد بن عبد الجليل بزاوية تالمست، وخروج الخيمة الركراكية من زاوية بن احميدة وتوجهها إلى الوالي الصالح سيدي عيسى بوخابية، مرورا بعدة زوايا لتصل إلى مدينة الصويرة يوم الأربعاء 3 أبريل الجاري. بعدها يتم التنتقل إلى سيدي مولاي بوزرقطون، ثم إلى زاوية سيدي بولعلام بسيدي حمو احسين وسيدي موسى وسيدي علي بن معاشو، ليكون ختام الموسم بقيادة الشياظمة الجنوبية. يعرف اليوم الأول من «الدور» خروج ما يسمى بالعروسة ( مقدم طائفة زاوية أقرمود ) يمتطي فرسا ويصاحب مختلف محطات «الدور»، ثم يأتي إلى زاوية نقيب شرفاء ركراكة، حيث يتم خروج الخيمة التي تعتبر عند الشرفاء بمثابة مسجد متنقل تقام فيها الصلوات الخمس، ومجلس للذكر والوعض والإرشاد الديني. هذه الخيمة تصنع على يد حرفيين قلائل من نبتة توجد بضواحي دكالة، ويتم تجديدها كلما دعت الضرورة إلى ذلك. ولقد سمي الموسم السنوي لشرفاء ركراكة ب «الدور» لأن ركراكة عرفوا بتبعيتهم إلى الإسلام كما هو معروف تاريخيا، فكانت فكرة الدور بمثابة تحري سنوي من طرف ركراكة لهذه القبائل إن هي لا زالت على الإسلام أم لا. لون الخيمة بني وتحمل على ظهر جمل، ويقوم بعض الزوار ب «نتف» جلد وشعر الجمل، لكن شرفاء ركراكة يتبرؤون من هذه السلوكات، التي يعتبرونها دخيلة على «الدور»، ويستنكرونها بشدة. الخيمة التي تخرج من الزاوية تنتقل عبر 13 زاوية أساسية في الموسم. وهناك زوايا كبيرة وأخرى صغيرة، حيث ينطلق الموسم مع فصل الربيع. هذا الموعد ليس اعتباطيا بل له دلالاته الرمزية، ففصل الربيع فصل الصفاء واعتدال الجو، ومؤشر على الازدهار وعلى موسم فلاحي جيد. وبخصوص الذبيحة فتكون لأولاد الزاوية وتوزع عليهم. الموسم لا يزال يحتفظ بعاداته وتقاليده المتجدرة في الزمان وفي التاريخ. أما تمويل الموسم فيتم عن طريق الهبات والصدقات والزيارات، والزائر الذي يزور موسم ركراكة من جميع أنحاء المغرب يلتمس الدعاء من الأحياء وليس من الأموات ( الأضرحة )، حيث يقيم الشرفاء الصلوات والدعاء داخل الخيمة، التي تتحول إلى منبر للدعاء والإرشاد من قبل المجلس العلمي المحلي بالصويرة بتنسيق مع هيئات نقيب ركراكة، حيث يعمل الشرفاء على مأسست الموسم، لأنه موسم ديني صرف. وعن الرواج الاقتصادي فالموسم يساهم في خلق انتعاش تجاري تستفيد منه الساكنة طيلة مدة الموسم. فيوم «الصفية» يخصص للبيع والشراء وقضاء الأغراض. واليوم الموالي يخصص للعبادة والأنشطة الدينية والدعاء وممارسة الطقوس الدينة. الموسم يعرف بعض الظواهر التي يعتبرها الشرفاء دخيلة، منها أن بعض الدخلاء يمسكون بعصا ويهشون بها على المواطنيين من أجل الشفاء، هؤلاء الدخلاء لا ينتمون لهذه المنطقة نهائيا، وهمهم هو الحصول على المال بأية طريقة. حفيد نقيب الشرفاء يلتمس من جميع أبناء وأحفاد الشرفاء الركراكيين من داخل المغرب أو من خارجه «العمل على النهوض بهذا الإرث التاريخي والديني، والنهوض به إعلاميا والحرص على هذا المنتوج الثقافي والديني والمحافظة عليه، والعمل على تلقينه إلى الأبناء، لأنه موروث يشرف قبائل أمازيغية كانت سباقة إلى اعتناق الإسلام في المغرب». ويضيف نقيب ركراكة أن مؤسستهم أحدثت بظهير إسماعيلي، حيث تم تنصيب الولي الشيخ سيدي امحمد بن احميدة من طرف مولاي إسماعيل بموجب ظهير يكون هو نقيب ركراكة وكبيرهم، وهو الذي يأخذ الزكاة والأعشار من قويهم وغنيهم ويدفعها إلى ضعيفهم وفقيرهم. وهو الذي يستشار في جميع أمورهم، ويعتبر بمثابة المحاور الرسمي اتجاه السلطة. والنقيب يورث من الأب إلى الابن . الصويرة : محمد معتصم