بحلول ربيع كل سنة, تشد زاوية الركراكيين بجهة الصويرة الرحال لتقوم بجولة واسعة أو ما يسمونه ب`"الدور", عبر تراب الشياظمة, تدوم 38 يوما, وذلك على 44 مرحلة, وتنتهي بمتم شهر أبريل. وتنقسم هذه الجولة, الاستثنائية والفريدة من نوعها في المغرب, إلى مرحلتين تهم الأولى الجانب الساحلي للشياظمة (الساحل), بينما تهم الثانية شرق جبل لهديد, حيث تقام بهذه المناسبة الاحتفالات ويقام سوق بالقرب من الأماكن والأضرحة التي يزورها الركراكيون.ويزور الشرفاء الركراكيون 44 ضريحا, منها سبعة تقدم على أنها لأسلافهم, الذين, ووفقا للرواية الشفوية, "استقبلوا في مكةالمكرمة من قبل رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسام, حيث حملهم مسؤولية نشر الإسلام بين البربر الذين يقطنون المنطقة التي تسمى حاليا الشياظمة".وبعد عودتهم, قام الركراكيون بجولة في منطقة الشياظمة, وهو التقليد الذي دأبوا على إحيائه إلى غاية اليوم, كما كتب, في هذا الصدد, جورج لاباساد في مؤلفه "نظرة على الصويرة". وذهب بعض الباحثين إلى أن الشرفاء الركراكيين يتوخون من خلال هذه الجولة الرمزية منح "بركة" أسلافهم لسكان هذه المنطقة وجلب الخصب للمنطقة, وفي المقابل الحصول على تبرعات نقدية وعينية من السكان المحليين أو الزائرين.ويجلب الركراكيون للحقول "البركة" وهي "نوع من القوة, السلطة أو القوى الخارقة التي يمكن أن تحول البشر والأشياء وتحقق العجائب والمعجزات" (ريمون جاموس - 1985).وحسب الباحث عبد الكبير نامير فإن الركراكيين يحرصون على تقديم "البركة" أينما حلوا, فهي مفيدة للحرث والزرع وشفاء للمرضى ولخصوبة المرأة.وقال هذا الباحث الصويري, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, إنه يتم تقديم هذا "الدور" في بعض الأحيان "على أنه نوع من الحج, إلا أن هذا المصطلح لا يترجم في الواقع ما يحدث في هذا "الدور" مما يعطيه فرادته العميقة".وأضاف الباحث نامير "هناك حج, في الواقع, عندما يسافر الناس للأماكن المقدسة للبحث عن (البركة), أما بخصوص "الدور" فعلى العكس من ذلك فالاعتقاد الشعبي السائد, والذي يعود تاريخه إلى العصور القديمة, منح للركراكيين القدرة, من خلال رقياتهم, على طلب المطر في السنوات العجاف, فمن التقاليد التي دأب على اللجوء إليها وضع دمية بيضاء بالحقول تسمى (عروسة الشتا)".وأشار الباحث إلى أنه لذلك تعود تسمية رئيس فرقة ركراكة بأقرمود "العروسة", حيث يعتبرونه محليا النقيب الشرعي لجميع الركراكيين.وخلال تحركه في إطار "الدور" على صهوة فرس أبيض, مرتديا ملابس ناصعة البياض, يرمز النقيب في المعتقدات الشعبية إلى جلب "أمطار الربيع الخصبة".أما بالنسبة ل`"الخيمة" الشهيرة ل`(الدور), فقد أوضح الباحث أن هذه الخيمة المقدسة تأوي ممثلي الزاوية. وترمز الخيمة ذات اللون الأحمر والمحمولة على ظهر الجمل إلى عنصر أساسي آخر لهذه الجولة الربيعية وتمثل الزوايا الاثني عشر للركراكيين وهي : آيت باعزيز ورتنانا وتاوريرت وبولعلام تالمست وتيكتين وأغيسي ومرزوك ومرامر ولوكرات ومزيلات وسكياط.وأوضح الباحث أن مقدمي هذه الزوايا يستقرون في هذه الخيمة لاستقبال زوارهم وتقديم البركة لهم, وهؤلاء أنفسهم يتقدمهم مقدم الخيمة الذي لا يجب الخلط بينه وبين المقدم الكبير.وأشار إلى أن هذا الأخير لا يتبع "الدور" في مجمله لكنه يشرف عليه من بعيد. كما أنه يلعب دور مخاطب السلطات. ويعين بظهير ويحمل لقب نقيب الركراكيين.وتعد الصويرة واحدة من مراحل هذه الجولة التي بدأت في 20 مارس الماضي, حيث يستقبل الحجاج كل عام من قبل جمهور غفير, وتنظم مسيرة في هذه المناسبة إلى "مزار" الركراكيين الذي يعتبر عادة نقطة انطلاق موكبهم الديني (شمال مدينة الصويرة) وإلى المسجد-الضريح بالمدينة القديمة.ونجم هذا الموكب بامتياز هو "العروسة" الذي هو في واقع الأمر ابن مقدم الركراكيين الذي يرتدي جلابة وبرنسا أبيض ويمتطي فرسا أبيض.وعلى طول مسار الموكب ترافق فرق كناوة من المدينة "العروسة" الذي يتقدم على أفراد الشرفاء الذين يحملون صندوقا خشبيا يحتوي على الهدايا التي يحصل عليها الركراكيون.