بعد داكار وأبيدجان، ليبرفيل تخصص بدورها استقبالا حاشدا لجلالة الملك محمد السادس . فمساء أول أمس حطت الطائرة الملكية بالعاصمة الغابونية ، آخر محطة ضمن جولة إفريقية لجلالة الملك قادته قبل الغابون إلى كل من السنغال والكوت ديفوار. على أرض المطار، كان الرئيس الغابوني علي بونغو أونديمبا، في الوقت الذي احتشدت خارج المطار جموع من الغابونيين والمغاربة المقيمين بهذا البلد ترحيبا بقدوم جلالة الملك. الحفاوة والترحيب بضيف الغابون الكبير سيظهران بشكل لافت عندما توجه قائدا البلدين إلى المنصة الشرفية لتحية العلم على نغمات النشيدين الوطنيين المغربي والغابوني، فيما كانت المدفعية تطلق 21 طلقة ترحيبا بمقدم جلالة الملك. بعد ذلك تابع القائدان عرضا عسكريا قبل استعراض تشكيلة من حرس الشرف أدت التحية لجلالته. هي ليست الزيارة الأولى لجلالة الملك لهذا البلد بل سبقتها ثلاث زيارات في سنوات 2002 2004 و2005 بالإضافة إلى زيارة خاصة سنة 2006 لكن على عهد الرئيس الراحل الحاج عمر بونغو الذي ينظر إليه كأحد أصدقاء المغرب المقربين، فيما يرتقب من أول زيارة على عهد نجله علي بونغو أن تمنح دفعة قوية للعلاقات بين البلدين خصوصا على الصعيد الاقتصادي لترجمة عمق العلاقات السياسية المتميزة التي ربطت البلدين على الدوام. «عندما يلتقي الأصدقاء يكون ذلك مناسبة لاستعراض مختلف العلاقات بينهم» على حد قول الوزير الأول الغابوني، مضيفا في تصريح صحفي أن الزيارة الملكية ستتيح فرصة لتقييم العلاقات بين المغرب والغابون وتعميق التشاور بينهما، في الوقت الذي أشار بهذا الخصوص إلى أن الأحداث التي تعرفها حاليا إفريقيا الوسطى ستكون إحدى نقاط جدول المباحثات بين الطرفين، ف« في كل مرة يكون هناك تحرك للجيش٬ وخسائر في الأرواح وعدم الاستقرار٬ نكون في حاجة للتشاور فيما بيننا» يشير الوزير الأول الغابوني وبالفعل، فبعد المباحثات التي أجراها جلالة الملك والرئيس الغابوني على انفراد، ترأس قائدا البلدين التوقيع على ست اتفاقيات للتعاون الثنائي في قطاعات مختلفة. ويتعلق الأمر الأمر باتفاقية للتعاون في مجال الصحة تقدم بموجبها المملكة المغربية دعمها لقطاع الصحة بالغابون٬ خاصة من أجل تطوير المعهد الوطني الغابوني للتكوين والعمل الصحي والاجتماعي٬ وتوفير مساعدة تقنية في مجال تدبير مصالح الصحة ومكافحة الأوبئة. كما سيضع المغرب ٬ بموجب هذه الاتفاقية ٬ رهن إشارة الغابون٬ حصة سنوية بكليات الطب لفائدة الأطر الطبية الغابونية في تخصصات من اختيارها. أما الاتفاقية الثانية فهي اتفاقية شراكة تهم تكوين العاملين في قطاع الصحة بالمعهد الوطني الغابوني للتكوين والعمل الصحي والاجتماعي٬ وتنص على مواكبة هذه المؤسسة من قبل معهد التكوين في مهن الصحة بالرباط. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين المعهدين في مجالات التكوين وتبادل التجارب وتطوير مشاريع مشترك في مجال البحث والعلاج. وتتعلق الاتفاقية الثالثة بالتعاون في مجال الوقاية المدنية٬ وخاصة أنشطة الوقاية وتدبير المخاطر الكبرى التي تشكل تهديدا حقيقيا لسلامة الأشخاص والممتلكات والبيئة. وتروم هذه الاتفاقية إرساء تعاون في عدة مجالات من بينها محاربة الكوارث التي مصدرها الإنسان٬ كالتلوث٬ والحوادث والحرائق التي تقع في المنشآت المصنفة في فئة حماية البيئة والمؤسسات التي تستقبل الأشخاص والبنايات الشاهقة. أما الاتفاقية الرابعة فهي عبارة عن بروتوكول للتعاون في المجالات التقنية ، و تنص على إحداث لجنة قطاعية مغربية غابونية تجتمع بالتناوب بالرباط وليبرفيل كل سنتين وتضع برامج ومبادرات للتعاون في هذا المجال. وستمكن من إقامة تعاون بين المختبر الرسمي للتحليل والبحث الكيميائي بالدار البيضاء ومختبر مراقبة الجودة بليبرفيل٬ وكذا بين مديرية حماية النباتات والمراقبة التقنية ومحاربة الغش والمديرية العامة للمنافسة والاستهلاك بالغابون . وفيما تهم الاتفاقية الخامسة الترخيص لإذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية بالبث بتعديل الترددات في الغابون . نصت الاتفاقية السادسة على وضع إطار للشراكة الاستراتيجية في مجالات التكنولوجيا وأنظمة الإعلام . جدير بالذكر أن الغابون تعتبر حاليا بلد جذب للرساميل الأجنبية في إفريقيا بفضل العائدات النفطية والمعدنية، تنخرط حاليا في مباشرة النهوض بالبنيات التحتية من طرق وموانئ وسدود، كما عبرت عن رغبتها في الاستفادة من الخبرة المغربية والمقاولات المغربية ، من أجل المساهمة في هذه الأوراش، وذلك فضلا عن استعدادها لتمهيد الطريق أمام المغرب لوضع موطإ قدم داخل المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا «سيماك» لتمكين المغرب من الاستفادة من هذه السوق التي تساوي حوالي 150 مليون مستهلك. و بلغة الإحصائيات ارتفعت صادرات المغرب نحو هذا البلد إلى 121 مليون درهم في النصف الأول من العام الماضي وذلك بزيادة 5 ملايين درهم بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2011، ليحتل الغابون الزبون الحادي عشر للمغرب بإفريقيا والثالث على مستوى المجموعة الاقتصادية والنقدية لإفريقيا الوسطى. في الوقت الذي ارتفعت قيمة واردات المغرب إلى أكثر من 100 مليون درهم. إلى جانب العلاقات التجارية، تعتبر الغابون حاليا من الوجهات التي تقصدها المقاولات المغربية في مجالات متعددة ، من قبيل الأبناك والاتصالات، حيث تحوز اتصالات المغرب اليوم غالبية الأسهم بشركة «غابون تليكوم»، في الوقت الذي قامت مجموعة «التجاري وفابنك» قبل خمس سنوات باقتناء «الاتحاد الغابوني للأبناك» بالإضافة إلى شركات أخرى ك«سيما غابون» فرع «سيما خشب الأطلس» ومجموعة «مناجم» التي تستغل منجما للذهب هناك منذ سنة .