«ربط المسؤولية بالمحاسبة، الحكامة الجيدة في تسيير المؤسسات العمومية، الديمقراطية التشاركية والمواطنة، مكافحة كل أشكال الفساد الإداري والمالي، ومقاربة النوع كلها مقاربات جديدة أسس لها دستور 2011، وجعلها مرجعية من شأنها أن تشكل مساحات جديدة تسمح للمواطنات والمواطنين»، هكذا استهلت بشرى عمراوي رئيسة جمعية حركة رهانات مواطنة بالخميسات كلمتها خلال ندوة موسعة تمحورت حول موضوع «أية تنمية محلية على ضوء التقرير المجلس الجهوي للحسابات»، التي احتضنتها غرفة الصناعة التقليدية بالخميسات. هذه المقاربات السالفة الذكر تسمح بتتبع وتقييم ومواكبة السياسات العمومية من خلال هيئات التشاور وتقنية العرائض وغيرها. ومن هذا المنطق، فالمجتمع المدني، كفاعل جوهري في مسلسل التنمية المحلية وكآلية رصد ومراقبة للسياسات العمومية الوطنية والمحلية، تضيف المتحدثة، يأخذ على عاتقه مناقشة ما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2011، ليس بهدف التنقيب عن مكامن الخلل في الاختلالات التي يعرفها التدبير المحلي لمدينة الخميسات كنموذج، ولكن بغية فتح نقاش عمومي محلي ووطني حول إعمال المقتضيات الجديدة للدستور من أجل بلورة نوع من التفكير الجماعي، الذي يساهم فيه الفاعل الرسمي المحلي وغير الرسمي. ومن خلال القراءة عامة في التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، تطرح «جمعية حركة رهانات مواطنة» عدة تساؤلات للنقاش مرتبطة أساسا بالمرتكزات الدستورية للسياسات المحلية، وكذا القاعدة الخلفية لكل تنمية محلية، وعن المرجع لتقديم مؤشرات النجاعة والفعالية، إضافة إلى مهام المجتمع المدني مع الدستور الجديد ومع ما راكمته الحركة المدنية المغربية من أجل حكامة محلية، تستجيب لتطلعات المواطنين، ناهيك عن كيفية إمكانية الانتقال من منطق التدبير المؤدي للتبذير، إلى منطق الحكامة المالية المؤدية للتنمية الشاملة، وعن الأولويات بالنسبة للحركة المدنية المحلية في رهانات المرحلة الحالية، دون إغفال المحاسبة والمسؤولية التي اعتبرتها المتدخلة أم الحاجات الاجتماعية، إلى جانب كيفية مرافقة تقرير صادر عن مؤسسة دستورية كالمجلس الأعلى للحسابات، في أفق حث صناع القرار المحلي للمزيد من تقعيد العدالة الاجتماعية وتثبت أسس مجتمع محلي متضامن. «الجماعات الترابية وسؤال الديمقراطية»، محور من محاور الندوة التي سلط محمد رقوش عضو الإتلاف المغربي للمحكمة الجنائية الدولية الضوء عليه من خلال معالجة الموضوع من النظرة التاريخية الشاملة للقوانين المنظمة للجماعات الترابية بالمغرب والقوانين المقارنة، مع التأصيل للتجربة الديمقراطية الوطنية التي انطلقت منذ السبعينيات. في الوقت الذي قدم خالد أورحو؛ منسق المرصد الجهوي لتتبع السياسات العمومية، «المرتكزات الدستورية للحكامة المحلية ومهام المجتمع المدني»، انطلاقا من السؤال عن جوهر المجتمع المدني، خلال مراحل سابقة إبان أن كانت فئات من المجتمع تلعب دور المعارضة خلال السبعينيات، في إشارة إلى سنوات الرصاص الدموية التي طبعت جزءا من مراحل المغرب آنذاك، مذكرا في ذات الوقت بدور المجتمع المدني في الوقت الراهن بعد الدستور الجديد ودينامية الحوار الوطني، مطالبا بخلق فضاءات محلية للتشاور وتبادل الأفكار وتقوية القدرات. «المالية المحلية بين التبذير والحكامة الجيدة»، محور تناوله محمد براو رئيس مركز الأبحاث والدراسات حول الرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد، الذي قدم تعريفات للحكامة الجيدة أو الرشيدة حسب تفضيله لهذا التعبير، مستحضرا بالمناسبة بعض الخلفيات القانونية والنصوص المنظمة، كشف من خلالها علاقة الحكامة بالديمقراطية وأهمية التقييم والتقويم. طارق السباعي عن الهيئة الوطنية لحماية المال العام، شدد في تدخله على ضرورة التصدي ل«نهب المال العام في الصفقات العمومية»، مركزا على أجهزة المراقبة التي تراقب المال العام، مبرزا الخلل الكبير في تفعيل التقارير وعدم خروجها إلى العموم مع ما يصاحب ذلك من خرق الحق في الوصول إلى المعلومة، رغم ما نص عليه الدستور الجديد، ما يجعل الأجهزة القانونية معطلة لغياب القوانين التنظيمية..، مستدلا ببعض نماذج اختلالات تبذير المال العام بالصفقات العمومية في العديد من الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية. وأوصى المشاركون في ختام هذه الندوة بضرورة خلق تنسيقية أو لجنة محلية لتقوية دور المجتمع المدني، ولعب أدواره الدستورية والتنموية، أو”نخبة مدنية” للقطيعة مع التاريخ السياسي السلبي بإقليم الخميسات. مع تنظيم ورشات دراسية تقنية وتكوينية للجمعويين لتقوية القدرات. وضرورة المساهمة الفعلية للمجتمع المدني لتأطير الناخبين لخلق نخب منتخبة قادرة على التسيير الجيد. والبحث عن سبل تأهيل العنصر البشري بالجماعات الترابية، والتعاون مع لجان المراقبة والتفتيش التي تقوم بأدوار تقويمية مهمة وليست كآلية سلبية كما يراها البعض.