الثلاثاء الماضي 19 مارس الجاري، لم يكن يوما عاديا بالنسبة لرئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران. هذا مؤكد. والمسؤول الحكومي المغربي “الإسلامي” يحضر مراسيم تنصيب البابا ال266 في تاريخ المؤسسة الدينية الكاثوليكية الأكبر بساحة القديس بطرس بالفاتيكان، التي استقبلت 132 وفدا رسميا و31 رئيس دولة ومئات رجال الدين، لابد أنه استحضر أهمية اللحظة ورهبتها وقوتها . رئيس الحكومة المغربي مثل جلالة الملك في قداس تنصيب البابا فرانسيس الأول ، باسمه البابوي الجديد، فيما اسمه الحقيقي كما عرفه به آلاف الأرجنتيين الأوفياء هو خورخيه ماريو بورغوليو، في انسجام تام مع تشبع المغرب منذ القدم بقيم التعايش بين الأديان والانفتاح على الديانات السماوية ونصرة قيم السلم والتفاهم والتعاون والحوار بين الشعوب وأتباع الأديان الأخرى . وقبل ما يزيد عن الشهر، وتحديدا في 13 فبراير الماضي، حضر رئيس الحكومة ابن كيران افتتاح صلاة الفاسيين، المعبد اليهودي بفاس بعد تدشينه. وهو التدشين الذي حضره عدد من أعضاء الطائفة اليهودية بالمغرب .. الحدثان معا : قداس تنصيب البابا فرانسيس الأول وتدشين صلاة الفاسيين، فضلا عن الإعلان بتاريخ 25 فبراير الماضي عن إحداث معهد “الموافقة” لتكوين الكوادر والقادة الدينيين المسيحيين بالرباط، كأول معهد فريد من نوعه في بلد عربي مسلم، كل هذه الأشياء مجتمعة، تكرس سمعة المغرب بل حقيقة المغرب أرضا للتعايش والسلام والحوار بين الأديان.. وهي الحقيقة، التي لا بد من أن يؤمن بها ويساهم في صيانتها وتكرسيها أكثر فأكثر كل المغاربة، وفي مقدمتهم عبد الإله ابن كيران. لابد من أن يقر رئيس الحكومة أن المغرب المسلم، احتضنت أرضه ديانات سماوية أخرى كاليهودية والمسيحية. الحضور الجسدي لرئيس الحكومة سواء في قداس تنصيب البابا فرانسيس الأول أو بتدشين معبد صلاة الفاسيين لابد من أن يقترن كذلك بتشبع روحي وفكري بقيم التعايش والسلم بين الأديان والاحتضان .. صحيح أن جلالة الملك، بوصفه أمير المؤمنين ضامن لهذا التعايش وصمام أمان للاستقرار الديني بالمغرب، لكن عبد الإله ابن كيران مطالب بالتفكر والتشبع بهذ القيم بالنظر إلى أنه الأمين العام لحزب إسلامي لايختلف في مرجعياته وأدبياته عن باقي الأحزاب الإسلامية عبر دول العالم الإسلامي ذات النزعة التعصبية.. وأبشع ما قد يمكن أن يحدث هو تحويل كنيسة إلى مسجد والعكس صحيح.. واضطهاد من هم ليسوا على ديننا فوق أرضنا.. نبذ العنصرية المبنية على الدين يبدأ مع قبول ممارسة الآخر طقوسه الدينية بكل حرية وأريحية : جموع المصلين في الجوامع تقابلها جموع المصلين في كنائس متناثرة هنا وهناك في عدد من مدن المغرب.. ولا أروع .. تراث معيشي وفكري يتطلب التجند لصونه.