احتجاجا على اعتقال بعض الشبان عاشت زايو على وقع إضراب إنذاري لمدة يوم، ومسيرة طافت شوارع المدينة الصغيرة، وإغلاق تام للمحال التجارية، بل وانسحاب الباعة المتجولين للانضمام لهذا الاحتجاج الذي يخرج بين الفينة والأخرى في أطراف المغرب للتذكير بأن نوعا من السلوك في التدبير قد أفاض كأس الغضب. الكلمات التي ألقيت في المسيرة اتجهت رأسا للمطالبة برحيل رئيس المفوضية الأمنية، ومحاربة الفساد الإداري المستشري. نفس المطلب هو الذي أخرج الأهالي بمدينة فجيج وغيرها من المناطق بشرق البلاد. وهو انعكاس للتدبير الأمني الذي يلي احتجاجات ذات طبيعة اجتماعية. “الحكاية بدأت يوم الجمعة الماضي حينما حاولنا الاستفسار كحقوقيين لدى عميد شرطة المدينة، عن مصير شاب اختطفته سيارة داخلها مدنيون، لكن قبل انصرافنا تدخلت قوات الأمن بعنف مخلفة إصابات”، الكلام لمصطفى منصور عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمدينة. التدخل الذي باشرته السلطات الأمنية، وصفته المصادر الحقوقية بالعنيف، وفي مدينة صغيرة عادة ما يتم الرد بشكل فوري، لا يحتاج لاجتماعات وتنسيق لتأطيره. وهو ما انعكس في اليوم الموالي، إذ اندلعت أحداث عنف، وتم استعمال الحجارة في تبادل للرشق، والنتيجة كانت تعميقا للجرح، حيث تم اعتقال سبعة شبان، ليتم تقديمهم الإثنين المنصرم للمحاكمة. التهم الثقيلة التي وجهت للموقوفين، لخصها محضر التقديم في “التجمهر المسلح وإهانة القوة العمومية والتهديد بالتصفية الجسدية”، واتسم تقديم المتهمين بحضور عدد كبير من المحامين والمواطنين. تم تأجيل الجلسة للثاني عشر من هذا الشهر، دون أن يخفف ذلك من حدة الاحتقان التي عاشتها المدينة، حيث استمرت الفعاليات الحقوقية بالمدينة في جمع الدعم للمعتقلين، ليتجسد الحشد بمسيرة غاضبة يوم الثلاثاء الماضي، جمعت آلاف المتظاهرين للتنديد بالاعتقال الذي طال ما بات يعرف في المدينة ب«معتقلي 2مارس». لم تهدأ المدينة، ولم يتم تسجيل أي مبادرات من السلطة المحلية ولا المركزية، فخرج سكان زايو يوم أمس إلى الشوارع في مسيرة ثانية. وفي الوقت الذي تحاول جمعيات من مدن مختلفة التوجه نحو المدينة للدفع بالاحتجاج إلى أبعد مداه، مازالت السلطات بالمدينة لم تبادر للتخفيف من حالة الاحتقان، الذي تسبب فيه اعتقال الأشخاص المذكورين. احتقان تسبب فيه قبل ذلك عدم تدخل السلطة للنظر في مطالب السكان الاجتماعية التي كانت موضوع وقفات واحتجاجات منذ أكثر من شهر. زايو وقبلها فكيك وجرسيف وتازة، هي عناوين لمدن يعيش أهاليها عزلة ونقصا مهولا في التنمية المولدة لفرص الشغل، وشباب المنطقة لا يجد منافذ أخرى سوى إغراءات التهريب، الذي يتحول مع مرور الوقت إلى مصدر إغناء لمافيات تختفي وراء شبان يغامرون بأنفسهم، ليجدوا أنفسهم في مواجهة عناصر أمنية مجبرة على فرض القانون. وفي الخاتمة تكون المواجهة الحتمية، وخلف الستار مافيات مستفيدة من التهريب، وسلطات غير مبدعة في توفير البديل. والنتيجة أحداث ينجح «شياطين الأنترنت» في إيصالها إلى موسكو وقطر وواشنطن، قبل أن تصل إلى أقرب نقطة في البلد. عبد الكبير اخشيشن/ م محياوي