بعد توالي استنطاق 10 متهمين في قضية “اكديم إيزيك” أمام أنظار المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية بالرباط منذ الجمعة الأخيرة حتى صباح الأمس الإثنين, لم تدم جلسة الأمس سوى مدة يسيرة ليتم رفعها من طرف القاضي الزحاف بعد البلبلة التي رافقت مثول المتهم رقم 11 من بين 24 متهما متابعا في الملف. على عكس المرات السابقة التي كان فيها القاضي الزحاف متسامحا ومتساهلا إلى أبعد الحدود مع المتهمين تاركا لهم المجال مشرعا لتمرير الشعارات التي تمجد أطروحتهم الانفصالية أمام الحضور بقاعة المحكمة, ستعرف بداية جلسة الإثنين تحولا نوعيا عندما تدخل القاضي لوقف تحوير قضية جنائية راح ضحيتها 11 فردا من القوات العمومية إلى “محاكمة سياسية” من طرف المتهمين مستغلين وجود العشرات من المراقبين المغاربة والأجانب. فبمجرد سرد القاضي للائحة طويلة من السوابق العدلية للمتهم عبد الله لخفاوني ، تفرقت بين التهريب والهجرة السرية وتهريب الجعة, حتى بدأ المتهم على غرار المتهمين العشرة الذين سبقوه بالمراوغة والحديث بخطاب سياسي عوض الإجابة عن أسئلة القاضي وهو ما رد عليه القاضي الزحاف بحزم هذه المرة بالقول: “لست منبرا لتمرر علي خطابك السياسي”. تصريح القاضي الزحاف أغضب هيئة الدفاع التي هددت بالانسحاب, خصوصا بعد أن تم صرف المتهم بعد رفضه الإجابة والاستعاضة عنها بالخطاب السياسي. غير أن تدخل ممثل النيابة العامة وطلبه من هيئة المحكمة عودة المتهم لخفاوني حتى يطرح عليه الدفاع أسئلته، هدأ من الوضع المتشنج بعض الشيء. على أن القاضي برر تغيره نحو الحزم مع المتهمين وتوجيه أوامره لهم بالبقاء في صلب موضوع الدعوى العمومية ، ناتج عن تخوفه من الإرهاق الذي طالهم وتسبب في تغيب اثنين منهم لحد أمس, واحد أغمي عليه بسبب التوتر العصبي وآخر بسبب الإسهال. ليهتدي القاضي إلى تلاوة بيان ترجم إلى الفرنسية, الإنجليزية والإسبانية على الحضور يبين فيه حيثيات التشنج الذي وقع: “المحكمة تبت في الدعوى العمومية وتستفيض في استجواب المتهمين ولا علاقة لها بمطالبهم المرتبطة بأفكار هم يؤمنون بها, والمحكمة ليست منبرا سياسيا ولا نقابيا. هي جهة تبحث عن تطبيق القانون والمحاكمة العادلة حسب الوقائع والأفعال وتبحث هل المتهمون مذنبون أولا يوم 8 نونبر 2010″ يوضح القاضي الزحاف. بعد هذا البيان سيتم رفع الجلسة لعقد لقاء بين هيئة المحكمة ودفاع المتهمين على انفراد للتشاور من أجل أن تعود الأمور إلى مجاريها المرتبطة فقط بالنظر في حيثيات الأفعال المنسوبة للمتهمين في أحداث محددة في المكان والزمان. المتهم لخفاوني الذي كان سببا مباشرا في توقف الجلسة صباح الأمس الإثنين, لم يرد الإجابة عن أسئلة القاضي الزحاف رغم أنه أمام قاضي التحقيق نفى أن يكون تعرض لأي تعذيب من قبل الضابطة القضائية, ويتابع لخفاوني بتهمة العنف- في حق رجال القوة العمومية أثناء مزاولتهم لمهامهم -المفضي للموت بنية إحداثه طبقا للفقرة 5 من الفصل 267 من القانون الجنائي. على أن المتابع في حالة سراح محمد الأيوبي متهم بكونه من زود كل من عبد الله لخفاوني, التاقي المشضوفي, محمد باني, عبد الجليل لعروصي بالسيارة رباعية الدفع التي دهست قوات الأمن أثناء تفكيك مخيم إكديم إيزيك يوم 8 نونبر 2010. بينما كانت هيئة المحكمة قد استمعت إلى عشرة متابعين آخرين إلى حدود ليلة الأحد الأخير بتهم تتعلق بتكوين عصابة إجرامية, العنف في حق رجال القوة العمومية أثناء مزاولتهم لمهامهم، المفضي للموت بنية إحداثه أو المشاركة في ذلك والتمثيل بجثة بالنسبة للمتهمين محمد البشير بوتنكيزة وسيدي عب دالله أبهاي. ومن المتوقع أن تستمع هيئة المحكمة إلى شهود الإثبات التسعة الذين طالب بحضورهم وكيل الملك بالمحكمة العسكرية وشهود النفي الخمسة الحاضرون بطلب من دفاع المتهمين ابتداء من يومه الثلاثاء. مصطفى بوركبة