بعد أن ظلت طيلة أربعة أشهرتمارس دور الطبيبة، مستغفلة بذلك إدارة وأسرة المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش، وجدت نفسها محاطة بأسلاك زنازن سجن بولمهارز، بعد أن أدانتها المحكمة بشهرين حبسا نافذا،لانتحالها مهنة ينظمها القانون. وكانت المعنية التي مازالت في منتصف عقدها الثاني قد اعتبرت أن مهنة الطب”ساهلة،غير اللي مابغا يتعاطا ليها”، وأن كسب صفة طبيبة لا يتطلب سوى وزرة بيضاء وبعض ما تيسر من “الجبهة والسنطيحة”. شرعت في طرق أبواب مستعجلات ابن طفيل، وفضاءات المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش بصفتها طبيبة داخلية،معززة شخصيتها الجديدة بالوزرة الخضراء المميزة للطاقم الطبي بالمستعجلات،وفوقها أخرى بيضاء دليل انتمائها لأهل الطب والصيدلة. كانت المعنية في غمرة تقمصها لدور طبيبة، تضفي على نفسها صفة الإنسانية وحب عمل الخير،عبر المبادرة بتقديم وساطاتها لتسهيل الخدمات الطبية لكل راغب ، خاصة بالنسبة للحالات التي تتطلب عمليات جراحية، تستدعي ظروف الاكتظاظ الخانق، ترتيبها ضمن مواعيد بعيدة الآجال. طبعا لم يكن المقابل المادي المطلوب، مقابل الوساطة سوى “بركة” لسد طمع زملائها الأطباء من الذين تفجرت أطماعهم بشكل لا يستقيم ومنطق “قسم ابيقراط”، وبالتالي التأكيد على منطوق الحكمة الشعبية” اللي تدزي،ما ترزي”. ظلت الطبيبة المزيفة، تتحرك في حرية مطلقة بفضاءات وأروقة المستشفى الجامعي، قبل أن تدفعها الرغبة في التغيير إلى شد الرحال صوب مستشفى ابن طفيل،التابع للمركز الاستشفائي ذاته. خطوة كانت بمثابة بداية نهاية النشاط الإجرامي للطبيبة المذكورة،حين انتبه إليها بعض العاملين وتقدموا نحوها لحظة تقمصها دور الزميلة . ” آش تاديري اهنا،ومع من انتي خدامة؟”. سؤال مفاجىء،أوقعها في »حيص بيص» من أمرها لم تملك معه سوى الشروع في النطق بكلمات متلعثمة لا تخلو من نبرات استعطاف وتوسل، وبالتالي انكشاف أمرها ، والتأكد بأنه لايربطها بقطاع الطب وأهله سوى”الخير والإحسان”، ليكون القرار محاصرتها إلى حين حضور عناصر الأمن، وإحالة الأمر برمته على العدالة التي قضت في حقها بالعقوبة المشار إليها. إسماعيل احريملة