كلهم أحيلوا خلال أول أمس على النيابة العامة بتيزنيت: عصابة متكاملة من ثمانية أفراد سقطت في يد العدالة، يتابع الناس قضيتها منذ يوم الخميس بهذه المدينة لحظة بلحظة، العقل المدبر لهذه الشبكة، ضابط أمن مزيف اشتغل لمدة نادلا بمقهى، وعمودها الفقري شرطيان يعملان بسلك الأمن، أحدهما مفتش شرطة بزي مدني، والثاني حارس أمن بالزي الرسمي.وقد قابل السكان المحتشدون أمام المحكمة خروجهم يوم أول أمس باستهجان واستنكار، ونعتوهم ب” الشفارة”. كون رجلا الأمن والضابط المزيف شبكة للنصب والاحتيال على الميسورين المتزوجين ماديا ، باستعمال فتاة مثل طعم الصنارة للإيقاع بهم في وضع محرج، ومن ثم ينطلقون في طلب الملايين من أجل طي الملف. يقطن الأمنيان والضابط المزيف بنفس الشقة لكونهم غير متزوجين. وإلى جانب هؤلاء اعتقل أربعة آخرون اعتبروا ذروعا خلفية لجمع المعلومات عن الضحايا من بينهم، سمسار، ونادلة مقهى، وصاحب محل لبيع أجزاء السيارات، ومتهم آخر بدون مهنة. آخر ضحاياهم الذي تجرأ على فضح الضابط المزيف يعمل تاجرا بساحة المشور، ترددت يوم الأربعاء على محله التجاري، كريمة اشتغلت نادلة بعدة مقاه، وظلت تراوده على نفسه في كل مرة مرت بجوار متجره، وبعد محاولات مكنها من الدخول إلى” السدة” بالمحل، فأزالت ملابسها، وأبقت على الثياب الداخلية، ليدخل عليهما الضابط المزيف والشرع في تصويرهما. دخل منتحل صفة الشرطي مع التاجر في مفاوضات طالبه خلالها بستة ملايين سنتيم لطي الملف، فأمده بتسبيق 3 آلاف درهم، واعدا بإكمال الباقي في اليوم الموالي، وفي مساء نفس اليوم أطلع التاجر أحد أصدقائه بما وقع مبرزا حاجته لجمع المبلغ، غير أن الصديق استنكر ” تصرف الشرطة” وشجعه على التبليغ، ولم يترددا في الاتصال برئيس المنطقة الأمنية، وبتنسيق مع نائب رئيس الأمن الإقليمي، ورئيس الشرطة القضائية المعين حديثا، تم وضع خطة للإيقاع بالضابط المزيف يوم الخميس الأخير قرب الملعب البلدي، حيث جرى اعتقاله متلبسا بتسلم ما تبقى من الملايين الستة موازاة مع الزيارة التي يقوم بها وزير العدل والحريات إلى المحكمة. حجزت الشرطة القضائية جهازي اللاسلكي، والأصفاد، وسيارة الضابط المزيف، فأخضع إلى تحقيق أولي أكد من خلاله أنه يشتغل بإمرة زميليه في العمل محمد وياسين برتبة مفتش وحارس أمن. على الفور تم إحضارهما، ولم يقاوما الإنكار بعد اعتراف الضباط المزيف بعديد من قضايا النصب التي جمعتهما، كما اعترفت كريمة بالعلاقة الجنسية التي تجمعها بالمفتش محمد إلى جانب مهام الاستدارج التي يوكلها بها الضابط المزيف ورجلي الأمن. الأبحاث كشفت عن تورط أربعة آخرين في مهام النصب فجرى اعتقالهم، وإحالة الجميع أول أمس على النيابة العامة، كما استدعي ثمانية ضحايا لم يبلغوا بما جرى لهم، وتوبعوا في حالة سراح بكفالة مالية قدرها ألفي درهم بتهم التحريض على الفساد.فيما لم يتم استدعاء ضحايا يشغلون مناصب إدارية وسياسية مهمة من أجل احتواء الوضع. تعرف الشرطيان على الضابط المزيف داخل مقهى حيث كان يعمل نادلا، استخدماه مخبرا في أمور تخصهما، لابتزاز الناس،وليس لتوفير الأمن للمدينة، وسرعان ما بدأ النادل يجني الأموال من هذه الصفة ليقرر التخلي عن مهنته والتخصص في اصطياد الضحايا، وجمع المعلومات عن الحياة الخاصة للميسورين. اقتنى الضابط المزيف سيارة، وحصل على جهازي راديو لا سلكي يفيد أنه اقتناهما من سوق مرجان الممتاز، كما حصل في ظروف غامضة على أصفاد ذات صنع ألماني، وعلى شارة للأمن، وآلة تصوير، تلك هي أدوات عمله، التي يقوم بالنصب عليها بحضرة الشرطيين أو في غيبتهما. ومن أجل البحث عن الضحايا، استعان رجلي الأمن والضابط المزيف بكريمة فتاة اشتغلت نادلة بمقاهي المدينة، كريمة في الثانية والعشرين من عمرها ممشوقة القد والقوام، اشتغلت مع الضابط المزيف بالمقاهي وتعرف عليها زميلاه في النصب، فعملا على جلبها لاستدراج عشرات الضحايا. فبعد أن يحدد الضابط المزيف الضحية وغالبا ما يكون تاجرا، تعمل كريمة على استدراجه، تتأنق وتترصد به، وتزوره بمحله التجاري، وتشعره برغبتها في مقاسمته الفراش، وما أن تدخل محله حتى تزيل عنها جلبابها لتظهر بملابسها الداخلية، وفي تلك اللحظة يقتحم الضابط المزيف الخلوة، ويشرع في تصويرها عارية برفقة التاجر. يشعر الضحايا بالذعر، فيقوم الضابط المزيف بطرد كريمة ليدخل في مساومة معه ، ويخيره بين ” شراء عرضه” أو تقديمه للعدالة، وإذا ما وجد صعوبة في إقناعه يقوم الضابط المزيف بالمناداة على مفتش الشرطة وحارس الأمن فيأتيان بصفتهما المهنية، فلا يجد التاجر من أمر سوى الخضوع للابتزاز فيقايض حريته وعرضه بمبلغ نقدي يتراوح بين 20 ألف و60 ألف درهم. مهمة الضابط المزيف، والسمسار، وبائع أجزاء السيارات، وباقي الموقوفين تمثلت كذلك في جمع المعلومات عن الحياة الخاصة لميسورين، فيتم الترصد إليهم إلى غاية ضبطهم متلبسين بجلب فتاة، ليتم إبلاغ رجلي الشرطة العاملين بسلك الأمن بتيزنيت، وبسرعة ينتقلان إلى الشقة حيث يوجد الضحية ويطرقان الباب، أو يحاصرانه داخل سيارته، ويقدمان نفسيهما بصفتهما ضابطين للشرطة القضائية. يحاصرانه دون أن يعطى لهما إذن بذلك، ودون إشعار رؤسائهما، والنيابة العامة بذلك وانتظار أوامرها. شخصيات بارزة بالإقليم، من بينها سياسيون ومدبرون للشأن العام، أوقفوا من قبل الشرطيين مهتدين بإيفادات المخبرين الموقوفين. يتابع سبعة في حالة اعتقال بينهم المتهمة كريمة، فيما توبعت زميلتها في حالة سراح، بتهم تكوين عصابة إجرامية والنصب والاحتيال،وانتحال مهنة ينظمها القانون،والشطط في استعمال السلطة، والسرقة، كما يتابع ثمانية من ضحاياهم في حالة سراح بكفالة بتهم التحريض على الفساد. إدريس النجار/ محمد بوطعام