لم يكتب لفاطمة وحياة أن يحققا حلمهما في الأمومة من بطنيهما، لذلك فكرت كل واحدة منهما في كفالة طفل يعوضها مشاعر الأمومة التي فقدتها، ويشغلها ويؤنس وحدتها، لكن هذا الحلم سيتكسر على جدار رفض أزواجهن السماح لهن بالتكفل بطفل، دون تقديم أسباب مقنعة لذلك، مما سيكون سببا في معاناتهما وظهور الكثير من المشاكل الزوجية. عاشت سنوات طويلة على أمل أن ترزق بطفل يؤنس وحدتها، ويضيئ حياتها المملة، لكن حلمها هذا اصطدم مع واقع أكده الأطباء بعدم قدرة زوجها على الإنجاب بصفة نهائية، ما جعلها تفكر في كفالة طفل يعوضها مشاعر الأمومة التي افتقدتها، إلا أن زوجها رفض موضوع الكفالة بشكل نهائي. والدته ترفض كانت صدمة فاطمة كبيرة جدا، عندما علمت بالخبر الصاعقة، عندما أكد لها الطبيب أن زوجها عقيم ولن يتمكن من الإنجاب، هذا الخبر الذي تكسرت حوله كل أحلامها في أن ترزق بطفل تعيش معه أمومتها، التي صارت متأكدة أنها لن تتحقق أبدا. حاولت فاطمة أن تقنع نفسها بتقبل هذا الأمر، وتعويد نفسها عليه، مع إخفاء مشاعرها عن زوجها حتى لا تحرجه، لذلك قررت الوقوف بجانبه، وتحسيسه أنها لن تتخلى عنه مهما كان الثمن، حتى وإن لم ينجبا أبدا. مرت السنوات تباعا لكن رغبة فاطمة الدفينة بين ضلوعها، مازالت متأججة، وحلم الأمومة مازال يدغدغها بين الفينة والأخرى، خاصة في المناسبات العائلية، التي يجتمع فيها إخوة زوجها ببيت والدتهم، وترى كل واحدة من زوجاتهم تهتم بأطفالها، وتحتضنهم وترى الفرحة التي تفتقد إليها في عيونهن. حاولت فاطمة بذل كل ما في وسعها من أجل إخفاء مشاعر الحرمان من الأمومة التي كانت تظهر عليها، كلما عاشت مثل هذه اللحظات وشاهدت الأمهات يعبرن عن مشاعرهن وفرحتهن بأطفالهن، وهو الأمر الذي كان يلاحظه زوجها الذي بدأ يحاول إبعادها عن مثل هاته الأجواء. بدأت فاطمة تفكر جديا في التكفل بطفل، يعوضها سنوات حرمانها، إلا أنها عندما طلبت من زوجها الأمر، انتفض في وجهها، واستشاط غضبا، وواجه طلبها بالرفض دون أن يبدي سببا مقنعا لذلك، ما جعل فاطمة تفقد أعصابها، وتستغرب من سلوك زوجها الذي ضحت من أجل الاستمرار معه، رغم أن الجميع يحملها مسؤولية عدم الإنجاب. ثارت الخلافات بين كل من فاطمة وزوجها بسبب رفضه فكرة التكفل بطفل، وبدأت المشاكل اليومية والصراعات تعرف طريقها إلى حياتهما الزوجية، لأنها كانت مصرة على معرفة السبب الذي يدفعه إلى رفض هذا الأمر جملة وتفصيلا، محاولا عدم السماح لها بإثارة النقاش فيه مرة أخرى. مازالت فاطمة تنقب خلف زوجها، محاولة معرفة سبب رفضه، لتعرف بالصدفة أن والدته وإخوته وراء ذلك، لأنهم حثوه على منعها من التكفل بأي طفل من خارج العائلة، إلى درجة أن أحدهم طلب منه التكفل بابنه، وهو الأمر الذي رفضه زوج فاطمة خوفا من المشاكل التي يمكن أن تنتج عن ذلك. اليوم ماتزال فاطمة تعيش على وقع الخلافات اليومية مع زوجها وهي ترى كيف حرمها من الأمومة مرتين الأولى عندما تبين أنه السبب في عم إنجابهما والثانية عندما رفض فكرة تبني طفل يعوضهما ما يفتقدانه. تعيش على الأمل تعيش حياة نفس مأساة التي تعيشها فاطمة، فهي أيضا لم تتمكن من إنجاب أطفال، خاصة أنها كانت منذ صغرها تحلم بالأبناء والأمومة وغيرها من المشاعر التي تفتقد إليها في حياتها الزوجية الآن، ما دفعها للتفكير في كفالة طفل يزين حياتها الأسرية، إلا أن رد فعل زوجها بالرفض سيكون صادما لها. قضت حياة ذات الثلاثين سنة ثماني سنوات من عمرها على أمل أن يأتي اليوم الذي تتمكن فيه من إنجاب طفل يملأ حياتها ويشغل وقتها، وتعتني به عله يعتني بها في آخر حياتها، عندما تشيخ وتفقد القدرة على القيام بأمورها بمفردها. ضاع حلم حياة في الإنجاب مع مرور السنوات في التنقل بين عيادات الأطباء الذين أكدوا لها خلوها من أي سبب يمنعها وزوجها من الإنجاب، لكن الأمل الذي كانت تعيش من أجله أيضا اندثر مع مرور الوقت، وتسلل اليأس إلى قلبها، وانحصر تفكيرها في التكفل برضيع بدل إنجاب طفل. بدأت حياة تطرح الفكرة على زوجها بالتدريج وتحاول جس نبضه، إلا أنها لم تجد منه إلا الرفض، لكن رفضه لم يزدها إلا إصرارا ورغبة في الإقدام على هذه الخطوة التي تعتقد أنها ستغير حياتها إلى الأفضل، وتزيد من استقرارها الأسري، خاصة أنها خائفة من زواج زوجها بأخرى، من أجل الحصول على طفل من صلبه. تسللت المشاكل إلى علاقة الزوجين، وبدأت الخلافات حول الموضوع تطفو إلى السطح بسبب الرفض الذي تعتبره الزوجة غير مقنع مادام زوجها لم يذكر السبب المباشر فيه، وبدأت تساورها الشكوك في ارتباط زوجها بامرأة أخرى. عانت حياة الأمرين من أجل معرفة السبب الحقيقي الذي دفع زوجها إلى رفض فكرة كفالة طفل، لكنه كان يثور ويغضب ويصيح في وجهها «هاد الموضوع غير حيديه من بالك» دون أن يكبد نفسه عناء التبرير وشرح الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ مثل هذا القرار. بدأت نية الزوج تتضح لحياة جلية من خلال أحاديثه مع أقاربه، عن تخوفه من تحمل مسؤولية طفل، وما يصاحبه هذا الأمر من تبعات ذلك عندما يكبر الطفل ويسأل عن والديه الحقيقيين، لكن حياة مازالت تعيش مع زوجها على أمل أن يغير رأيه في يوم من الأيام، أو يرزقها الله بطفل يبعث الفرحة في قلبها وفي حياتها بأكملها. مجيدة أبوالخيرات