استبد الإحباط بسميرة بعد فقدانها الأمل في العلاج عن طريق الطب، وسلكت طريق الوهم والشعوذة من خلال اللجوء لدجال استغل رغبتها في تحقيق أمومتها للحصول على المال، باستخدام دهائه وذكائه في بيع أمل كاذب لها بأن تصبح أما بالعديد من الوصفات كان آخرها أن تتبخر بمصران طفل رضيع. كانت الفرحة تتطاير من عينيها وهي تزف إلى زوجها الذي جمعتها به علاقة دامت لسنوات قبل أن يصبح مؤهلا للزواج بها، والعيش معا في بيت واحد يملأه الحب والود. كانت تحلم بأن تكون زوجة وفية وأما حنونا تسخر كل مجهوداتها لإسعاد زوجها وأطفالها الذين سيولدون عما قريب بعد أن قرب الزواج المسافات بينها وبين زوجها. قضت سميرة ببيت زوجها سنة كاملة لم تثمر عن جنين يوطد العلاقة بين والديه ويخلد الحب الذي جمعهما لسنوات قبل أن تتوج علاقتهما بارتباط شرعي، وهو الأمر الذي بدأ يبعث الشكوك والمخاوف في نفسها، لكونها لا تستعمل موانع الحمل لرغبتها القوية في عيش أمومتها، وإسعاد زوجها بمنحه طفلا من صلبه يحمل اسم العائلة. حاول الزوجان غض نظرهما عن الموضوع وعدم التفكير فيه، محاولين التسلح بالإيمان وبإقناع نفسيهما بأن الأطفال رزق من الله يؤتيه لعباده في الوقت المناسب. مرت السنة الأولى من دون مشاكل ، لكن سميرة بدأ القلق يساورها وبدأت رغبتها في ولادة طفل يغير معالم حياتها ويحول سكون بيتها إلى ضجيج جميل يستمتع به الزوجان ويزيد من ارتباطهما ويقويه، خاصة بعد الاستجوابات المحرجة التي تتعرض لها بشكل مستمر من طرف أفراد عائلتها ومعارفها حول أسباب تأخرها في الإنجاب. كانت سميرة تجد نفسها عاجزة عن تقديم سبب مقنع وجواب شاف يغلق باب هذا الموضوع، لكنها كانت تحاول قدر الإمكان أن تظهر أنها وزوجها يؤجلان ذلك إلى حين، ليتمكنا من الاستمتاع بحياتهما قبل أن يتحول الأطفال إلى عائق يحول دون ذلك. كانت تتألم في قرارة نفسها حين ترى قريناتها وهن يحملن أطفالهن بين أيديهن ويلاعبنهم، لأنها تعلم بينها وبين نفسها أن كل تلك الأعذار لا تعبر عن الحقيقة لا من قريب ولا من بعيد. بدأت سميرة رحلة البحث عن العلاج بالتنقل بين عيادات الأطباء الذين أجمعوا على خلوها من أي مرض يعترض سبيل إنجابها، ويرجحون أن العائق يمكن أن يكون من جانب الزوج الذي كان يرفض مرافقتها لإجراء الفحوصات، لإيمانه بقدرته على الإنجاب. عيل صبر سميرة في غياب النتائج التي كانت تنتظرها من الوصفات الطبية التي حرصت على تطبيقها بحذافيرها وأيقنت أنها لن تنجب أبدا بعد ذلك، لكن والدتها لم تفقد الأمل وفتحت بابا آخر للبحث عن وسيلة تمكن ابنتها من الإنجاب، فاهتدت عن طريق إحدى جاراتها إلى فقيه بضواحي مدينة أزمور معروف بقدرته على فك «عكس» النساء اللواتي لا يستطعن الإنجاب. مصران الإنجاب! استطاعت الأم إقناع ابنتها بالتنقل معها إلى الفقيه دون علم زوجها، علها تجد ضالتها عنده. هذا الأخير الذي تمكن من طمأنتها حيث حدثها عن الكثير من النساء اللواتي طرقن بابه وعدن وهن راضيات عن النتيجة، إلا أنه حرص على أن الأمر يتطلب الكثير من الصبر والمال. سميرة التي كانت تتمنى الإنجاب سخرت كل ممتلكاتها وأموالها في سبيل تحقيق حلمها، ولم تكن تبخل على الفقيه بأي شيء، مقدمة وعودا بجزل العطاء له «إلا تقضى ليها الغرض». بعد المرور من عدة مراحل تطلبت تنقل سميرة إلى الفقيه عدة مرات، بدأ الإحباط يتسلل ثانية إلى الزوجة العاقر، لكن الفقيه كان يستخدم ذهاءه في الحفاظ على زبونته مادامت تدفع المال، ليقرر في نهاية المطاف أن زبونته تعاني من نوع مستعص من العكس لا يفيد معه إلا «بخور» من نوع خاص. أوصى الفقيه سميرة بضرورة الحصول على «مصرانة ديال» طفل رضيع، لاستعمالها كبخور لفك العكس! لم تكذب الزوجة الخبر وبدأت رفقة والدتها رحلة البحث عن «المصرانة» إلى أن علمت أن إحدى قريبتها حامل على أبواب الوضع، وذهبت إليها مستعطفة إياها من أجل تسليمها إليها بعد أن تسقط من الرضيع حتى تتمكن من الإنجاب. طبقت سميرة الوصفة، وسلمت للفقيه مبلغا ماليا كبيرا بعد أن طمأنها أن بإمكانها الإنجاب منذ تلك اللحظة، لكن بعد مرور عدة أشهر عادت إلى الفقيه لتعرف الخطوة التالية التي يجب أن تقوم بها، لأنها لم تلمس أي نتيجة بعد. كانت صدمة سميرة كبيرة حينما لم تجد الفقيه في العنوان الذي كانت تذهب إليه فيه، وأخبرتها إحدى القاطنات بالحي أنه هرب بعد أن انكشف أمره وكثر الكلام عنه في المدينة بأكملها. عادت سميرة بخفي حنين بعدما خسرت كل شيء، أملها في أن تصبح أما وأموالها التي سلمتها بيديها لمشعوذ استغل جهلها ورغبتها في تحقيق أمومتها، وسلب منها مبالغ مهمة من المال دون أن تحصد أي نتيجة تذكر. مجيدة أبوالخيرات