وجدت ربيعة وفاطمة نفسيهما تطرقان باب الدجل والشعوذة من أجل إيجاد وسيلة تساعدهما علىالإنجاب بدافع تحقيق أمومتها، حيث باعهما المشعوذون الوهم ودفعوهما للقيام بأشياء لا يتقبلها العقل، تعود بالضرر عليهما صحيا ونفسيا، ليتبخر أملهما في تحقيق أمومتهما في نهاية المطاف. تكاد الدموع تنهمر من عينيها وهي ترى أما تحتضن طفلها بين يديها والفرحة تتطاير من عينيها. تسرح بمخيلتها بعيدا متمنية أن تتخذ مكانها، وأن ترزق بطفل يؤنس وحدتها ويكون لها سندا في الحياة بعد أن يتقدم بها العمر وتعصف بها السنوات. «بوبريص»لعلاج العقم خمس سنوات من الزواج لم تثمر شيئا، ولم تستطع ربيعة خلالها إنجاب طفل يناديها بكلمة ماما، الكلمة التي يهتز فؤادها لسماعها عندما يوجهها أحد الأطفال لأمه، والتي تتمنى، بل وتبذل قصارى جهدها من أجل سماعها في يوم من الأيام. هذا الوضع الذي تعيشه ربيعة ذات الثلاثين سنة، أرقها وقض مضجعها مع توالي سنوات الزواج، خاصة عندما تحاصرها الأسئلة من والدي زوجها عن الأسباب التي تؤخر عملية الإنجاب، لأنهما يستعجلان رؤية أحفادهما. بالرغم من رضى زوجها عن عدم إنجابه وتقبله للوضع، إلا أن ربيعة سكنتها الوساوس وطغت على تفكيرها، وجعلتها لا تعرف طعم الراحة بسبب هذا المشكل، فبدأت تتحرك لمعرفة سبب تأخر عملية الإنجاب. كان الأطباء أول باب طرقته ربيعة، فتنقلت بين العديد منهم متبعة وصفات العلاج التي كان كل طبيب ينصحها بالحرص على إتمامها والسير في المشوار إلى نهايته، لأنها لا تعاني من عائق عضوي يمنعها من التمتع بمشاعر الأمومة التي حرمت منها. لكن طول المدة كان سببا في امتناعها عن الاستمرار في استعمال وصفة علاج هذا الطبيب، والانطلاق من الصفر مع طبيب آخر تتداول الألسن أخبارا عن براعته في علاج حالات العقم. خوف ربيعة من تخلي زوجها عنها والبحث عن زوجة أخرى تستطيع إسعاده بإنجاب أطفال يحملون اسمه، ورغبتها في تجنب الانتقادات والكلام الجارح الصادر في حقها من طرف عائلة زوجها، دفعها إلى تجريب كل ما تتداوله الألسن عن أي شيء يحقق لها أمنيتها. لم تستسلم ربيعة لليأس بالرغم من أنها أغلقت باب الأطباء، وفتحت باب المشعوذين والدجالين، الذين نصحتها صديقاتها بالاستفادة من الخدمات التي يقدمونها علها تجد ضالتها عندهم. لم تكذب ربيعة خبرا، وبدأت تتردد على الكثير من «الفقها» الذين يصفون لها وصفات من الأعشاب و«الحجابات» التي يقنعونها بفعاليتها وقدرتها على مساعدتها على الإنجاب. قامت ربيعة تجريب كل تلك الوصفات إلا أنها لم تؤت أكلها، ومع ذلك ذلك استمرت في التنقل بين المشعوذين آملة إيجاد ضالتها عند أحدهم، لكن حظها العاثر أوقعها بين يدي مشعوذ كان السبب في تحطيم كل أحلامها بأن تصبح أما في يوم من الأيام. بعد حديث مطول مع المشعوذ حاول من خلاله معرفة الوصفات التي جربتها، حاول إقناعها بعلاج غريب أثار دهشتها وشككها في قدرته على مداواتها، كان العلاج بإيلاجها لصغير «بوبريص» في مهبلها حتى تتمكن من الولادة. لم تقبل ربيعة بالعلاج في البداية، لكن إحدى صديقاتها أقنعتها في النهاية بضرورة تجريب هذه الوصفة، مادامت لن تخسر شيئا بعد أن طمأنتها بنجاعة هذا العلاج الذي جربته الكثير من النساء. اتجهت ربيعة صوب أحد العشابين الذي وجدت عنده ضالتها، وعملت على تطبيق الوصفة كما شرح لها المشعوذ، لكنها بعد قيامها بذلك أحست بآلام على مستوى رحمها وآصابها نزيف حاد، اضطرها للزيارة الطبيب الذي وجد رحمها ملتهبا جدا. عانت ربيعة من الالتهابات والنزيف لمدة طويلة، أكد لها بعدها الطبيب انعدام إمكانية الإنجاب، بعد أن أصيبت بتشوهات ناتجة عن الخربشات، التي تسبب فيها صغير «البوبريص» بأظافره، وانكشف أمرها أمام زوجها الذي كان يجهل ترددها على المشعوذين، وتحولت محاولة إيجادها لعلاج للعقم إلى مشكلة كبيرة أثارت الشك بينها وبين زوجها. الأعشاب سببت لها التهابا حادا كانت تبحث عن أي خيط تتبعه من أجل إيجاد علاج للمشكلة التي منعتها من الإنجاب، بعد أن فشلت كل الأدوية والوصفات الطبية، التي وصفها لها الأطباء الذين ترددت عليهم طوال سنوات زواجها. لم تكن فاطمة تستطيع التفكير بشكل منطقي، فكثرة الآراء والنصائح كانت تدفعها إلى تغيير طبيبها في كل مرة، قبل أن تتم العلاج الذي وصفه لها. كل الأطباء الذين زارتهم فاطمة أكدوا لها أن إصابتها بالبرد في الرحم هو السبب الوحيد، الذي يمنعها من الإنجاب وأن متابعة العلاج كفيلة بالقضاء عليه. كل من علمت بهذا الأمر من قريباتها ومعارفها، تنصحها بالتوجه إلى العشابة، لأنهم بفضل خبراتهم في الأعشاب وفوائدها يستطيعون إعطاءها الوصفة التي تقضي على البرد وتمكنها من الإنجاب. توجهت فاطمة إلى إحدى العشابات بإيعاز من إحدى قريباتها، وحكت لها المشكلة التي تعاني منها، فوصفت لها مجموعة من الأعشاب التي تعمل على تحضيرها بنفسها وتبيعها للمترردات عليها بثمن باهظ. لم تكن فاطمة تهتم للثمن الذي تدفعه «للعشابة» لأنها كانت تأمل في وضع حد لمعضلة عدم الإنجاب التي تسببت لها في العديد من المشاكل مع زوجها، الذي لم يكن يتوانى في كل مناسبة عن إبداء رغبته في أن يكون له أطفال من صلبه يحملون إسمه. كانت الوصفات عبارة عن مسحوق من الأعشاب تتناول بعضه عن طريق الفم في حين تستعمل البعض الاخر عن طريق المهبل، لكن بعد استعمال تلك الوصفات بشكل مستمر من طرف فاطمة لم تلمس أي تغيير بل بدأت تحس بآلام على مستوى رحمها. فكرت فاطمة في أن هذه الآلام ربما تكون ناتجة عن كون العلاج بدأ يعطى أكله، لكن الألم كان يتضاعف يوما بعد الآخر مما جعلها تتوجه إلى الطبيب لمعرفة سببه، حيث ستفاجأ بأن تلك الأعشاب التي كانت تتناولها تسببت لها في التهاب حاد في الرحم. كانت فاطمة تريد علاج العقم والإنجاب، لكن الأسلوب الخاطئ الذي اتبعته حول وجهتها وأصبحت تبحث عن علاج للالتهاب، الذي تسبب فيه جهلها وسوء تدبيرها للأمور. لم تعالج فاطمة ولم تتمكن من الإنجاب، لكنها بالمقابل خرجت من التجربة بمشاكل أخرى أنستها مشكلتها الأولى وعلمتها الكثير. مجيدة أبوالخيرات