تحولت الجلسة الافتتاحية للندوة الإقليمية حول الوقاية ومحاربة العنف ضد النساء, أمس الاثنين إلى مواجهة بين وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الإجتماعية بسيمة الحقاوي ومجموعة من ناشطات المجتمع المدني اللواتي حرصن على رفع لافتات احتجاجية بمجرد تحرك الوزيرة باتجاه المنبر بعد كلمة رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران. بحضور وفود عربية وأوروبية, بدأت المواجهة صامتة, إذ اكتفت النساء الجمعويات برفع احتجاجاتهن ومطالبهن في وجه الوزيرة دون النبس بكلمة وهو ما انعكس على طريقة إلقاء الحقاوي لكلمتها, فبدا عليها الضيق مما حذا بها للتعليق على اللافتات قائلة: “لا بد أن أقول لكم كلمة حول اللوائح المرفوعة أنني أشتغل وبكل إصرار على القضايا المرفوعة في اللوائح لذا أطلب منكن أن تسترحن, فنحن منهمكين على القضايا التي جئتن بها في اللافتات”. مطالبة الوزيرة للمحتجات, بشكل لبق, بتوقيف رفعهن للافتات التي أثارت المشاركين في الندوة الإقليمة, لم يلق آذانا صاغية, لتتوجه لهن في مسعى أخير: “أقول لكن إن الرسالة وصلت”. لكن خروج الحقاوي عن الكلمة المكتوبة والتعليق على محتوى اللافتات المرفوعة في محاولة للتخفيف من الاحتجاجات, سيدفع المحتجات إلى الرد بصوت عال هذه المرة ب “لا لإقصاء الجمعيات النسائية”, فما كان من الحقاوي سوى الاسترسال في كلمتها واللافتات مرفوعة في وجهها. وكانت الوزير المنتمية لحزب “العدالة والتنمية” الذي يقود الحكومة الحالية, قد استهلت كلمتها في افتتاح الندوة الإقليمية التي تستمر يومين, بالانطلاق من الأرقام المفزعة التي تهم واقع العنف ضد النساء, فحوالي 6 ملايين امرأة يتعرضن للعنف, نصفهن يعانين من العنف المنزلي بين الأزواج كما خلص إلى ذلك البحث الوطني حول انتشار ظاهرة العنف ضد النساء الذي قدمته المندوبية السامية للتخطيط السنة الماضية. انطلاقا من هذه المعطيات, استعرضت الحقاوي محاور عمل الوزارة تحت إمرتها بالتأكيد على إخراج قانون خاص بحماية النساء من العنف وتنفيذ الخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة “إكرام” 2012. 2016, باعتبارها آلية لتنزيل مقتضيات الدستور في مجال المساواة ومناهضة العنف ضد النساء. صعوبة التفاهم بين وزيرة البيجيدي وناشطات المجتمع المدني دفع الحقاوي إلى دعوتهن, في الأخير, إلى “توحيد المبادئ أولا كبداية للعمل معا, حتى لا يتم إقصاء أي أحد بسبب المظهر أو أي شيء آخر”. هذا التباعد بين رؤى ناشطات المجتمع المدني والحكومة الحالية حول كيفية التعامل مع حقوق المرأة بدى واضحا ليس فقط في المواجهة التي تمت بين الجانبين في مستهل الندوة الإقليمية, ولكن أيضا في تدخل رئيس الحكومة الذي أثارت كلمته همهات متذمرة في القاعة. عبد الإله ابن كيران, كان أكثر حدة ووضوحا من الحقاوي حين لم يلتزم بالنص المكتوب وصار يؤكد على مسامع الحاضرين في الندوة, ضرورة احترام المرجعية الإسلامية في التعاطي مع حقوق النساء قائلا: “المقاربة القانونية ضرورية لكنها غير كافية, لابد من المقاربة التربوية والثقافية مع مراعاة للظروف التي نعيش فيها” يقول ابن كيران. رئيس الحكومة وضح ضرورة تصحيح ما سماها اختلالات, لكنه بالمقابل حصرها في: “إطار مرجعيتنا الإسلامية لأن أي إصلاح لا يحترم المرجعية ينقلب ولو بعد حين” يضيف ابن كيران, الذي لمح إلى النوايا الحسنة, في إشارة إلى ناشطات المجتمع المدني المطالبات بالمرجعية الكونية لحقوق الإنسان, كمسببة في مشاكل أكثر من إيجادها لحلول. في ختام كلمته, قدم ابن كيران بدوره وصفة لمحاربة العنف ضد النساء من خلال الحديث عن المرأة كزوجة, وأخت وبنت ومكانتهم في الإسلام, وهي الوصفة التي ارتجلها من خارج نص الكلمة المكتوبة. مصطفى بوركبة