ناجون يحكون عن اللحظات الأخيرة من رحلة الموت لنتابع مسار هذه الحافلة المجنونة، من أجل تكوين نظرة عما وقع منذ البداية، في الرابعة والنصف انطلقت من جماعة تاكنيت نحو محطة زاكورة، وبعد عمليات نزول وصعود مسافرين دامت حوالي نصف ساعة، انطلقت من جديد في حدود السادسة والنصف من يوم الإثنين نحو ورزازات، وشرعت فيما يشبه حافلة النقل الحضري في حمل كل مسافر تجده أمامها مستغلة أجواء استعداد رجال التعليم لتوقيع محضر الدخول، وتوجه الطلبة نحو مراكش للتسجيل في الكليات، وركاب آخرين يشتغلون بالدار البيضاء عائدون من عطلة عيد الفطر للتشمير على ساعد الجد. توقفت الحافلة بتنزولين، بعدها بمحطة تامزموت، وصولا إلى أكدز، في هذه النقطة كان يحمل في جوفه 16 راكبا زائدا عن الحمولة القانونية، مع ذلك أصر على حمل ثلاثة زبائن، كانوا ينتظرون اكتمال عدد مقاعد الطاكسي. دخل سائق الحافلة في نزاع مع طاكسي حول المقاعد الثلاثة، ليتمكن من انتزاعهم منه غير بعيد عن مركز الدرك الملكي. وعلى نفس الوتيرة سارت الحافلة متجاوزة الحواجز الأمنية، إلى أن بدأت تتواتر الأخبار عن انقلابها بمنحدر بتيشكا. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكورة من خلال رئيسها إبراهيم رزقو نددت بالفعل مطالبة بالتحقيق فيما وقع، بعدما تجاوزت الحافلة خمسة حواجز للأمن والدرك، وقد نظمت الجمعية وقفة احتجاجية أول أمس على السلطات بعد حجز خيمة العزاء التي نصبتها أمام المقر، كما عبرت عن دعمها لأهالي الضحايا، مصرة على الوقوف إلى جانبهم. الناجون يحكون عن اللحظات التي سبقت المأساة يؤكد الناجون أن الحافلة انطلقت من زاكورة نحو مراكش يوم الإثنين الماضي على الساعة السادسة مساء، وأن كل شيء على ما يرام، والسائق البالغ من العمر 64 سنة يقود حافلته باتزان، غير أنه فقد السيطرة عليها بعد وصول إقليمالحوز بجماعة زرقطن. وفي وقت ما فقد السائق السيطرة كليا، لتهوي الحافلة نحو المنحدر السحيق. ناج آخر يؤكد أن الحافلة فقدت توازنها وحاول السائق تطويعها، غير أن فقدانها للفراميل جعلها تسير بسرعة فائقة، ومباشرة بعد مرور سيارة خفيفة وإصدارها تنبيها بإشارة ضوئية، اتجهت نحو المنحدر، وشرعت في الانقلاب، آنذاك فقد الوعي إلى أن وجد نفسه في القعر ليشاهد المسافرين وأغراضهم متناثرة في كل مكان. وغبار متطاير يعلو المكان، وثمة أنين وصراخ في أطراف مترامية من مكان الحادث. لحسن لحميدي ( 48 سنة)، من ضحايا الحادثة، تمت إحالته على قسم المستعجلات نتيجة إصابته برضوض وجروح على مستوى الرأس والأطراف، يحكي قصته الغريبة، بنبرة ملؤها المرارة والأسى. «كنت جاي مع الوالدة للسبيطار، ودابا راه ماعرفتها واش حية ولا ميتة، والله يسمعنا اخبار الخير والسلام»، بهذه الكلمات لخص لحسن قصته التي اجتمع فيها مكر الصدف، وتصاريف الأقدار، ليشكلا ملامح تراجيدية إنسانية حقيقية. بعد أن ظل ينتظر على أحر من الجمر، حلول الموعد الذي حددته إدارة المستشفى الجامعي محمد السادس،الذي يرقد اليوم ضمن نزلائه، لعلاج والدته المسنة، وبعد سلسلة تأجيلات نتيجة الإضرابات المتكررة، تنفس أخيرا الصعداء، بعد حلول الموعد يوم الثلاثاء الماضي.ودع الزوجة والأبناء، ورافق الوالدة على أمل أن تجد بالمستشفى حلا لمعضلتها الصحية، وتضع حدا لآلامها ومعاناتها. يستمر لحسن في سرد قصته، ويؤكد أن لحظة الحادثة كان قد أسلم عيونه للنوم، حين شعر باهتزاز شديد، خيل له معه أن زلزالا قد ضرب المنطقة وأطاح بالحافلة، مع ارتفاع أصوات الصراخ والعويل، ولم يدر بعدها إلا بعد أن وجد نفسه طريح سرير المستشفى، فيما همه الوحيد يومها هو معرفة مصير والدته،التي لم يجد لها أثرا بين الجرحى الممددين حوله بقسم المستعجلات. فاطمة الزهراء وسارة وحيدتان بعد هلاك الأم «مشات امي، هي المعيلة الوحيدة ديالي، هي اللي رباتني سافرت مشات تقيدني في الجامعة وما رجعاتش، أمي عملت المستحيل باش نقرا ونتابع الدراسة ديالي .راكم ما غاديش تحسوا بالقيمة ديال الأم بالنسبة لي أنا واختي،ضاعت أمي ضاع المستقبل ديالنا …بقينا بوحدنا …أنا و اختي راه عندنا غير الله....». جمل وعبارات مؤلمة ترددها فاطمة الزهراء( 20 سنة) في مجلس عزاء وسط جمع من نساء حي المسيرة وبجانبها شقيقتها الوحيدة سارة (17 سنة)، تشعر وكأنها هي السبب في الفاجعة رغم أن أسبابها معروفة .فقدتا والدتهما في حادثة السير الفاجعة، سافرت الأم لتسجيل ابنتها فاطمة الزهراء في السنة أولى شعبة الأدب إنجليزي بكلية الأداب والعلوم الانسانية جامعة القاضي عياض بمراكش، أملا في تحقيق أمنيتها أن تحصل ابنتها على أعلى الشهادات الجامعية و على وظيفة أو عمل، كما تحكي هذه الطالبة، أرادت الأم أن تتبوأ ابنتها مكانة اجتماعية. تتوسم في ابنتيها ما لم تستطع تحقيقه بفعل ظروف اجتماعية قاسية عاشتها، خاصة وأنها تزوجت في سن مبكرة ، انفصلت عن زوجها منذ أن رزقت بفاطمة الزهراء وسارة، وانقطعت الصلة بالأب كليا بعد رحيله إلى تيندوف بالجزائر. لم يبق لدينا إلا الأم هي الأب والأخ، وكل شيء، بقا لينا الله….لازمة ترددها هذه الطالبة التي أصبحت رفقة شقيقتها فريسة لأنياب الفقر، بدون معيل أو صدر دافئين يحميهما من قساوة مجتمع لا يرحم. تحكي الشقيقتان أن الأم بدأت رحلة الكفاح ومصارعة مصاعب العيش لإعالة ابنتيها في بيئة فقيرة تتحمل عبء الزمان وعندما تنهزم تعاند لئلا تكشف عن ذلك لابنتيها،بذلت كل جهودها وسافرت لترتيب إجراءات انتقال فاطمة الزهراء للدراسة في مراكش، كانت منشغلة بانتقالها، بقدر فرحها بخطوة جديدة قطعتها ابنتها، غير أن الصدمة كانت قوية حين سماع خبر الفاجعة فحمل جثمانها في تابوت كما هو الشأن للجثامين الثمانية و العشرين الذين أقيمت لهم مراسيم دفن مهيبة يوم الأربعاء المنصرم. تجلس فاطمة الزهراء في بعض الأحيان، صامتة شاردة حزينة على فراق والدتها، غارقة في التفكير في مصيرها بعدما لم تجد بجانبها إلا جدها من أمها، رجل مسن رسم عليه الزمان تجاعيده وأنهك قوته وتحول إلى كتلة لحم وعظام، يحتاج بدوره إلى من يدعمه ويساعده على ظروفه الصعبة. تخرج فاطمة من شرودها وتصرخ وهي تناجي أمها، تسألها كأنها تسمعها « لمن تركتني»، وتتمنى لو تعود لتكون بجانبها، ولماذا خطفها الموت بغتة قبل أن تحصل ابنتها على شهادات عليا وتحقق لها حلمها وترفع رأسها عاليا بزاكورة. ظلت أمي توصيني وتلح علي أن أهتم بدراستي لأكون فتاة ناجحة في حياتي، لا ترغب من هذه الدنيا سوى أن تراني يوما أتبوأ مكانة كبيرة. ضاعت الأم ومعها راحت شهادة الباكلوريا مع الفاجعة، ما يعني بالنسبة للطالبة نهاية تحطم عش الأسرة ونهاية مسار دراسي. زميلاتها حاولن تهدئتها والتحلي بالشجاعة تجاه المصاب الجلل والقضاء والقدر. غير أن مصيرها رفقة شقيقتها سارة التي تتابع دراستها في السنة الأولى بكالوريا غامض، فكيف لها أن تواجه التحديات والظروف الصعبة. عودة فاطمة إلى الحياة ترى أنها أصبحت معقدة، فالتسجيل يتطلب فك معضلة ضياع شهادة الباكلوريا، وأن تجد يدا بيضاء من ذوي القلوب الرحيمة لمساعدتها وتسهيل عملية تسجيلها في الجامعة وتمكينها من مساعدات مادية ومن السكن في الحي الجامعي أو في دار الطالبة بمدينة مراكش. 4 أطفال وشاب مراهق: رحل أبونا وأمنا وبقينا بلا حام أو معيل في حي المسيرة بزاكورة وفي خيمة عزاء أخرى مجاورة لمنزل فاطمة الزهراء التي بقيت رفقة شقيقتها وحيدتين بعد فقدان والدتهما، يجد المتتبع قصة مأساة أخرى خلفتها حادثة السير بتيزي نتيشكا، خمسة أطفال فقدوا الأب والأم دفعة واحدة، أصغرهم أيمن (ست سنوات) طفل صغير مازال بحاجة إلى حضن دافئ، وأكبرهم مراد عمره عشرين سنة، ترك مقاعد الدراسة لمساعدة والده في إعالة الأسرة. يجلس الأطفال الخمسة بجانب خالتهم وعلامات الحزن والأسى بادية على وجوههم، كان الاقتراب من سهام أولا للحديث عن الفاجعة، رغم صعوبة المهمة لما تركته من آثار نفسية، سهام التي تتابع دراستها في السنة الثانية بكالوريا، بخصوص الفاجعة تقول «لن أنسى اللحظات الأخيرة التي عشتها مع والدي» ضمني أمام باب المنزل بحرارة وأخبرني أنه بعد يومين سيعود بعد زيارة الطبيب في مراكش، كنت أنتظر ليحمل لي هدايا ولوازم مدرسية من مراكش استعدادا للدخول المدرسي ، كنت أترقب عودته رفقة أمي التي صحبته، ولم يدر بخلدي أنه آخر لقاء لي بهما، لم أعتقد أنه عناق الوادع الذي لا رجعة فيه، صدمتي كبيرة تقول سهام. أسامة (13سنة ) يتابع دراسته في السنة الأولى إعدادي ، يروي أنه رافق والديه إلى المحطة الطرقية بعدما سلمته والدته بعض الحلوى ليوزعها على إخوته، أوصاه والده بعدم التشاجر مع إخوته، فكان آخر لقاء له بوالديه. أما مراد، أكبر الإخوة يقول إنه شعر قبل وفاة والده بشهور إنه يقترب من تحمل مسؤولية أسرته، خاصة بعد مرض والده، وكان الابن البكر رغم حداثة سنه منهمكا في البحث عن عمل مهما كان بسيطا للتخفيف من عبء مصاريف الأسرة، في لقاء وداعه لوالديه يقول إنهما طلبا منه رعاية إخوانه، ولم يكن يدر أنه سيكون اللقاء الأخير وأن الوصية ستكون للأبد وليس ليومين فقط. يقول مطأطئ الرأس، مستشعرا جسامة المسؤولية: «أنا دابا ما علي إلا نعري على دراعي ونخدم على خوتي…الوالدين ماتوا الله يرحمهم وخاص إخوتي يقراو..». سافر والدي المريض رفقة أمي إلى مراكش قصد العلاج ومعهما مبلغ 4 آلاف درهم بعد أن اقترض بعضها من الأصدقاء والأقارب، ولم يترك لنا أي مبلغ لتدبر المصاريف لأنه كان ينوي العودة بعد يوم أو يومين فقط من العلاج. نعيش الآن على حساب المواد الغذائية التي قدمتها السلطات والمحسنين. نحن الآن في حاجة ملحة ومستعجلة للدعم مثل الملابس والأدوات المدرسية ومواد التموين، ومهما كثر هذا الدعم فإنه سينفد وما أطلبه بإلحاح هو البحث عن عمل لمساعدة إخوتي. يشعر مراد بالفراغ وقلة الحيلة والمسؤولية العظيمة التي طوقه بها الأب «بغيت أنا نخدم… بغيت أنا نخدم… بغيت خدمة» يكررها ثلاث مرات والدموع تنساب من عينيه. الحافلة عمرها 23 عاما الحالة الميكانيكية للحافلة سبب رئيس فيما وقع، يضاف إليه العامل البشري، فوفق معطيات أولية فإن السائق لم يأخذ قسطه من الراحة، فبعد رحلة قادته من مراكش نحو زاكورة بساعتين ونصف، خاض رحلة الإياب التي تحولت إلى فاجعة راح ضحيتها، 43 قتيلا و 24 جريحا، السائق قطع قرابة 460 كلم ذهابا في ثمان ساعات، ثم قاد رحلة العودة، ما يعني أنه كان بصدد قطع أزيد من ألف كلم خلال 16 ساعة تضاف إليها ساعتين ونصف من التوقف بالمحطة. الحافلة من جهتها وصل عمرها 23 سنة، يؤكد مهنيون بزاكورة، ومازال يغامر بحمل 16 راكبا خارج ما هو مسموح به. واعتبر وزير النقل والتجهيز عزيز الرباح، أن الحادث «يؤول حسب استنتاجين ثابتين إلى الحمولة الزائدة والحالة الميكانيكية السيئة للحافلة». وأشار الرباح إلى أن وزارة التجهيز والنقل كلفت لجنة خاصة مهمتها التثبت من مصداقية الشهادة الممنوحة للحافلة من طرف أحد المراكز التقنية الموجودة بمدينة مراكش،والتي كانت قد أكدت خضوع الحافلة المذكورة للمعايير التقنية المعتمدة، مضيفا من جهة أخرى أن المعطيات الأولية تفيد بخضوع الحافلة للمراقبة الطرقية قبل وقوع الحادث. مباشرة بعد الحادث تشكلت لجنة تقنية على المستوى المركزي لقطاع التجهيز والنقل فيما يتعلق بالمسؤولية المدنية بأسباب الحادثة، ولحد الآن تم تسجيل تجاوزات تتعلق أساسا بتجاوز الحمولة المسموح بها، فعدد الوفيات هو43 حالة و23جريحا أي مجموعه 67راكبا حسب الأرقام الرسمية، مع العلم أن العدد المسموح به قانونيا هو 54راكبا، كما أن الحالة الميكانيكية للحافلة تبين أنها قديمة يعود تاريخ استعمالها إلى سنة 1990 ويجرى لها الفحص التقني في مدينة مراكش وليس في زاكورة،لأن نقطة انطلاق الحافلة هي من مراكش إلى تكونيت . لا تتوفر في مديرية التجهيز في زاكورة على مصلحة النقل الطرقي وأيضا نفتقد إلى عون لمراقبة الحالة الميكانيكية للحافلات. وكان مهنيو النقل الطرقي الذين يحتاجون إلى خدمات هذه المصلحة يتوجهون إلى مدينة ورزازات إلى غاية شهر يناير 2012 وابتداء من هذا التاريخ كلفت حسن رضواني مؤقتا وبتزكية من المصالح المركزية بالقيام بمهام مصلحة النقل الطرقي، تسهيلا للمواطنين والمهنيين لقضاء أغراضهم،ويقوم المكلف بالمصلحة بجميع المهام باستثناء المراقبة الطرقية لحافلات النقل العمومي للمسافرين.ولقد راسلنا المصالح المركزية للوزارة قصد تزويد مديرية التجهيز بزاكورة بما تحتاجه من الموارد البشرية الضرورية خاصة عون المراقبة وطالبنا بتعيين رئيس مصلحة النقل وما زلنا ننتظر التعيينات. دورية وزير الداخلية بدون تفعيل في زاكورة سبق لوزير الداخلية أن أصدر مذكرة لولاة الجهات وعمال عمالات الأقاليم خلال شهر يوليوز المنصرم حول موضوع، تفعيل اللجن المشتركة للمراقبة على مستوى المحطات الطرقية لنقل المسافرين، بسبب تفاقم حوادث السير لحافلات النقل العمومي التي خلفت عددا من الجرحى والقتلى، واتخاذ سلسلة من الإجراءات الفورية بهدف تعزيز عمليات الوقاية والمراقبة.كما تنص المذكرة على ضرورة تفعيل عمل اللجن المشتركة لمراقبة حافلات النقل العمومي للمسافرين المكونة من أعوان المراقبة التابعين لوزارة التجهيز والنقل والمديرية العامة للأمن الوطني،وتم إصدار تعليمات إلى المديريات الجهوية للتجهيز والنقل لتنفيذ هذه المذكرة. وينحصر دور هذه اللجنة المشتركة على مراقبة جميع الحافلات المرخص لها بالقيام بالنقل على الخطوط التي تنطلق من المحطة الطرقية قبل انطلاق كل رحلة وذلك بمعاينة الحالة الميكانيكية للحافلة والتراخيص ووثائق النقل المرتبطة بها وكذلك تجهيزات الحافلة من عجلات وأضواء ومنافذ للطوارئ،أجهزة إخماد الحرائق والجهاز الآلي لقياس السرعة ،ويتعين أيضا على لجنة المراقبة معاينة الحالة العامة للسائقين والتأكد من تواجد السائق الاحتياطي بالنسبة للرحلات الطويلة التي تفوق 500 كلم . غير أن مصادر مطلعة أكدت ل«الأحداث المغربية» أن هذه الدورية بقيت موقوفة التنفيذ، ولم تقم اللجنة بوظائفها باستثناء جولة إلى المحطة الطرقية منذ حوالي أسبوع قبل وقوع الحادثة الفاجعة في تيزي نتيشكا ، وشارك في اللجنة كل من المسؤول عن النقل في عمالة زاكورة ،قائد المقاطعة الثانية ،وممثل عن الأمن الإقليمي ور ئيس المجلس البلدي وممثل عن مندوبية التجهيز.وأكدت مصادرنا أن اللجنة سجلت بعض الملاحظات وبعض المخالفات حول سوء التنظيم في المحطة الطرقية وحالة بعض الحافلات ،غير أن اللجنة لم تتخذ أية إجراءات زجرية كما لم تقم بأية متابعة لهذه الجولة الى المحطة تنفيذا للمذكرة الوزارية، وهو ما شجع بعض أرباب الحافلات على خرق القانون وارتكاب تجاوزات وخروقات مثل عدم احترام عدد الركاب المسموح به قانونيا. حلم تاريخي يستيقظ على فاجعة يحلمون منذ عهود الاستعمار بشق نفق بتيزي نتيشكا، غير أن هذا المسعى دخل النفق المظلم الذي لا مخرج له، فمن حق مناطق درعة أن تنعم بوسائل نقل تكفل كرامة الآدميين ومن حقهم الحلم ببنيات تحتية طرقية في المستوى يؤكد محمد أزكيغ الفاعل السسياسي والجمعوي وعضو المجلس الجهوي بورزازت ف«هناك رحلات جوية قليلة جدا، طريق وحيدة مارة من تيزي نتيشكا، يستغرق السفر فيها أربع ساعات للوصول إلى أقرب مدن شمال الأطلس الكبيرمن أجل ذلك يرى أن التعجيل بشق نفق عبر جبال الأطلس الكبير. يستطرد أزكيغ أن العمل في شق مسالك تيزي نتيشكا بدأ سنة 1924، مع المحاولات الأولى لقوات الاستعمار لغزو قبائل الجنوب الشرقي للمغرب، انطلاقا من ورزازات، كمنطقة استراتيجية لإخضاع القبائل الثائرة. و كان ذلك بمبادرة من الجنرال «دوكون» حاكم مراكش، و التي أكملها خلفه الجنرال «هيري» بالاستعانة ب«مصلحة الاستعلامات» التي تحولت فيما بعد إلى «مصلحة شؤون الأهالي» في إدارة الاستعمار الفرنسي بالمغرب يضيف أزكيغ. حيث قام جنود الاستعمار بإحداث الطريق غير المعبدة، حيث بدأت الأشغال سنة 1925 و انتهت بحلول سنة 1939. لتتحمل مصلحة جديدة محدثة بالمغرب في عهد الاستعمار هي «مصلحة الأشغال العمومية» تعديل بعض مساراتها و إنهاء إنجازها. ليبقى الوضع على ما هو عليه لسنوات طويلة في عهد الاستقلال، فتمت تسمية هذه الطريق الوطنية بالرقم «09» والتي تعتبر إحدى أوعر و أخطر المسالك بالمغرب. ارتفاع تيشكا وفق إفادات أزكيغ يبلغ 2260م، و كذا بمنعرجاتها التي تمتد على مسافة 146 كيلومترا و التي تعتبر السياقة فيها قطعة من جحيم، وتزداد الوضعية خطورة مع كل موسم تساقط الثلوج و الذي يتسم بالانهيارات الأرضية كذلك، مما يتسبب في انقطاع هذا الشريان الحيوي لاقتصاد منطقة الجنوب الشرقي (ورزازات وزاكورة و تنغير والراشيدية) ما بين 12 و 20 ساعة ولمدة تصل إلى 15 انقطاعا في السنة. مما يكلف خسائر هامة في الأرواح وهدر كبير للموارد المادية، ناهيك عن التأثير السلبي على القطاعات الحيوية كالتجارة و السياحة و السينما… التي تعيش منها أغلب ساكنة المنطقة، علما أنه طريق يعرف مرور أكثر من ألفي عربة يوميا. الحل الجذري و الذي لا مفر منه يؤكد المستشار الجهوي، هو الإسراع بإنشاء طريق بديل لممر تيزي نتيشكا، لتوفير ظروف الأمان و الراحة للمسافرين في اتجاه شمال المغرب، ولن يتأتى ذلك إلا بشق النفق.. «أصبح لزاما على المسؤولين اليوم التفكير في هذا المشروع الاستراتيجي. ذلك أنه بالرغم من الترقيعات المتتالية للطريق الموجود الآن في ممر تيزي نتيشكا، فلا يخفى على مستعمليها تدهورها و تآكل الإسفلت بفعل الثلوج و مياه الأمطار، مع أنه لا مناص لهم منها، لعدم وجود بديل يسلكونه». طول ممر تيزي نتيشكا 13 كلم وقد تم إنجاز أول دراسة لجدوى مشروع نفق تيشكا سنة 1974 لم تأخذ مسارها الطبيعي لأسباب يعتبرها أزكيغ مجهولة بعدها قامت مندوبية الأشغال العمومية بورزازات بمبادرة أخرى سنة 1996 بإنجاز دراسة مالية وجيوتقنية، فسرت إذاك بأنها محاولة لاستمالة النخب السياسية بجنوب الأطلس الكبير في إطار التحضير لحكومة التناوب التي نصبت سنة 1998، ليتم بعد ذلك إقبار الملف. ووفق هذه الدراسة، يؤكد المتحدث فإن إنجاز النفق سيقلص المسافة الفاصلة بين ورزازات و مراكش ب 45 كيلومترا، مما سيوفر 40 دقيقة من الوقت بالنسبة للسيارات الخفيفة و ساعة كاملة بالنسبة للعربات ذات الوزن الثقيل، دون أن ننسى ظروف الراحة و الأمان الذي سوف يوفرهما. و قد بادر المجلس الإقليميلورزازات في دورة فبراير 2006 ، بالمصادقة على المقرر الذي بموجبه التمس من المجلس الجهوي لجهة سوس ماسة درعة بإطلاق دراسة جديدة، والتي بناء عليها أدرج هذا الأخير، هذا المشروع في إطار استراتجيته الاقتصادية والاجتماعية برسم 2010/ 2015. وقد تكلف بإنجازها مكتب دراسات بالرباط، هذه الدراسة التي خلصت إلى رسم معالم النفق الذي سينطلق من جماعة ستي فاضمة بإقليمالحوز في اتجاه دوار الصور بجماعة تديلي بإقليمورزازات، بطول قدر ب 10 كيلومترات و 300 متر و بعرض 09 أمتار و 65 سنتيمترا، و بكلفة قدرت ب 200 مليار سنتيم (حسب أسعارسنة 2006) و التي يمكن أن يصل السعر اليوم إلى 220 مليار سنتيم. و تشير الدراسة إلى أن إنجاز هذا المشروع لا يطرح مشاكل على مستوى التنفيذ، كما أنه يستند إلى قاعدة مقارنات مستوحاة من النظر إلى حالات أنفاق بمناطق أخرى. وفيما يخص جانب السلامة، تستوحي الدراسة من المعايير المعتمدة من قبل الجمعية الدولية الدائمة لمؤتمرات الطرق، والتي تقوم لجنة للأنفاق الطرقية تابعة لها كل أربع سنوات بنشر توصيات محينة تأخذ بعين الاعتبار التطورات الملحوظة في مختلف البلدان. يقول أزكيغ «حان الوقت لجعل إنجاز النفق كهدف استراتيجي ذي أولوية. فالحاجة الملحة إليه واضحة وحيوية، مادام أن التنمية الاقتصادية للمجال الترابي للجنوب الشرقي اليوم، أصبحت موضع قلق بالنسبة للجميع». ادريس النجار/اسماعيل أيت حماد