خرجوا من دواويرهم وأزقتهم أحياء يرزقون وعادوا أول أمس في النعوش، جثتا هامدة، منهم طلبة حاصلون للتو على شهادة الباكالوريا ضاعت وسط الحطام بين جبال تيزي نتيشكا، ولم تبق لهم سوى شهادة لقاء ربهم التي حملوها معهم، وشهادة الوفاة المستخرجة من مستشفى ابن طفيل بمراكش التي رافقتهم نحو أماكن سكنى لم يكونوا يعتقدون أنهم يلقون عليها آخر نظرة. فمظاهر الموت والحداد، تلقي بظلالها على مدينة زاكورة، دكاكين مغلقة، ونساء على غير العادة يتنقلن بين الأحياء التي فقدت عزيزا قضى في الحادث، وخيام العزاء منتشرة في كل هذه الأحياء. 28 جثة وصلت منذ أول أمس إقليم زاكورة، 6 في الوسط الحضري للمدينة، والباقي تفرق على مختلف الجماعات القروية. الضحايا أعمارهم بين 20 و 54 سنة. مأساة كبيرة وفاجعة عظيمة تلك التي تسببت فيها حافلة متهالكة، استغلت أجواء العطلة ورغبة مجموعة من الطلبة وعائلاتهم في الانتقال إلى مراكش من أجل مباشرة عمليات التسجيل بالكليات. فبمدينة زاكورة قضت في الحادث سيدة هي المعيل لأسرتها، بعدما كانت متوجهة إلى مراكش لتسجيل ابنتها في الكلية، ذهبت منتشية بوصول ابنتها مرحلة التعليم الجامعي، فكانت الفاجعة خاتمة لهذه الطموح، حتى شهادة الباكالوريا ضاعت مع الحادث. طلبة آخرون قضوا في الحادث من بينهم ثلاثة من دوار تاسلا من جماعة تانسيفت قضوا نحبهم، داخل الحافلة هم شباب في عمر الزهور، حاصلون على الباكالوريا حديثا من ثانوية الخوارزمي بأكدز، واتفقوا على التوجه من أجل التسجيل، وتدبر مشاكل السكن، غير أنهم راحوا ضحية التهور. نفس المصير لقيه طالب من جماعة أولاد يحيى بدوار أولاد عثمان، بعدما كان متوجها للقيام بإجراءات التسجيل بمراكش. توزع الموت عبر تراب الإقليم، بدءا من مدينة زاكورة التي وارت أول أمس جثامين أسرة متكونة من الأب والأم، وأخ الأم بحي مولاي رشيد، لتبقى الأسرة بدون معيل. فيما تم توجيه توابيت نحو جماعات ترناسة، وتنزولين، وتامزموط، وتانسيفت، وجناعة تاكنيت، ولكتاوة، وتامكروت، وبني زولي، وجماعة الروحا. عمالة زاكورة هيأت 16 سيارة إسعاف لنقل الجثامين من مراكش نحو أماكن سكناهم. وحرص عبد الغني الصمودي عامل إقليم زاكورة على حضور مراسيم الدفن وتقديم العزاء، وقد نصبت خيام العزاء بالأحياء التي فقدت بعض المسافرين، وقدمت مساعدات غذائية للأسر المكلومة لمساعدتها في مصاريف العزاء. حادثة تيشكا، حركت المشاعر، والاحتجاجات كذلك من خلال وقفة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكورة، ومن المنتظر أن تنظم فعاليات جمعوية وحقوقية وقفة احتجاجية يوم الأحد المقبل بساحة الموحدين بورزازات ستطالب من خلالها بإخراج مشروع نفق تيشكا إلى حيز الوجود، المتعثر منذ سنة 2006 . مواقع التواصل الاجتماعي، بدورها تحركت لخروج هذا المشروع، وقد أعلنت عن أيام من الحداد بإزالة الصور الشخصية وتعويضها بإطار أسود. الحالة الميكانيكية للحافلة كانت عاملا حاسما في الكارثة، حسب متتبعين من عين المكان. وتؤكد مصادر من عين المكان، أن الحافلة التي تسببت في الكارثة، صدرت بشأنها توقيفات، وأنجزت بشأنها محاضر، غير أن التدخلات الفوقية تفتح لها طريق العبور كلما حاول مركز أمني أو دركي وقفها، وأن حافلتين على الأقل مازالتا تجوبان الطرق تسري عليهما نفس الملاحظة. إدريس النجار/ إسماعيل أيت احماد