يقوم بعض الآباء بإجبار أبنائهم على الصوم رغم صغر سنهم، ورغم المخاطر الصحية التي يمكن أن تنتج عن ذلك، ليجد الطفل نفسه ملزما بطاعة أبويه. وإن لم يستطع الصيام يلجأ للحيل التي يمكن أن يتخلص بها من هذا الموقف حتى لا يتعرض للتعنيف. في الحوار التالي يفسر الطبيب والمحلل النفسي عبد الله زيوزيو الأسباب التي تدفع الآباء لإجبار أبنائهم على الصيام، وانعكاسات ذلك على نفسيتهم وصحتهم الجسدية، مع إبراز طرق تشجيع الطفل على الصيام دون دفعه إلى كرهه. ما هي الأسباب التي تدفع بعض الأمهات إلى إجبار أطفالهن على الصوم في رمضان؟ يمكن القول إن الأطفال بشكل عام يعانون من اضطراب في التغذية في رمضان، لأنهم يتناولون ثلاث وجبات أثناء الليل أي في وقت متقارب ووجيز، في الوقت الذي يتناولون فيه بالنهار بعض المشروبات الغازية والعصائر والحلويات دون أن يكون هناك اهتمام من طرف الأم بالوجبات الرئيسية للطفل مما يؤثر عليه كثيرا خاصة في النوم وأيضا على صحته. وموضوع أن الآباء والأمهات يفرضون على أطفالهم الصيام ويجبرونهم عليه، فيمكن القول إن هذا الأمر يمكن أن يأتي حتى من الأطفال بسبب الجو الروحي الذي يعيشونه في رمضان وأيضا من خلال رؤيتهم لجميع أفراد الأسرة صائمين، مما يخلق لديهم الرغبة في تجريب الصيام، لكن هذا لا ينفي وجود بعض الآباء الذين يلزمون أبناءهم على الصيام بالرغم من عدم قدرتهم الجسانية على القيام بذلك، وهذا الأمر عمليا سيجعل الطفل يكره الصيام، لذلك على الآباء تهييء أبنائهم للصيام دون الضغط عليهم وإجبارهم على فعل شيء لا يستطيعون القيام به، وهناك أمر آخر مهم أيضا وتجب الإشارة إليه أن سن البلوغ يختلف من طفل إلى آخر، لذلك لا يجب إلزام الطفل بالصيام إلا بعد البلوغ. كيف ينعكس استعمال العنف والشدة مع الطفل لإلزامه بالصيام على نفسيته؟ الطفل دائما يكون لديه حيله الخاصة التي يمكن أن يلجأ إلى استخدامها في المواقف الصعبة. فإلزام الأطفال بالصيام من طرف آبائهم ينعكس عليهم بشكل سلبي فقد يجد الطفل نفسه في موقف حرج لا يستطيع تجاوزه إلا باستخدام دهائه الطفولي، كاللجوء إلى الكذب، كأن يأكل الطفل خارج البيت مما قد يعرض صحته للخطر أو أن يتناول الطعام خلسة، وأيضا يمكن القول إن استعمال الشدة والعنف في التعامل مع الأطفال خاصة الذين يكونون على أبواب المراهقة يجعلهم يعلنون التحدي مما يؤثر عليهم سلبيا، كذلك فإن إجبار الطفل على الصيام يجعله يفتقد لذلك الإحساس الروحي الذي يشعر به الصائم ولا يشعر بالمتعة وهو يقوم بهذا الأمر عن اقتناع. بالإضافة إلى الكثير من الأضرار الصحية التي تشكل خطرا كبيرا على صحته الجسدية كالجفاف و الإسهال. كيف يمكن للآباء تشجيع أبنائهم على الصيام دون أن يخلف الأمر لديهم نتائج عكسية؟ يجب على الآباء تحبيب أبنائهم في الصوم بعدم إجبارهم عليه، وتدريبهم عليه من خلال ما يسمى بعملية الترقيع كأن يصوم الطفل نصف يوم أو أكثر ويفطر إذا شعر بالتعب أو فقد قدرته على إكمال اليوم صائما، مع إتمام الصيام في اليوم الموالي. عدم استعمال الشدة في التعامل مع الطفل، ثم من الأفضل للآباء خاصة أن شهر الصيام يتزامن مع فصل الصيف أن يتم تنبيه الطفل من طرف والديه أن له الإمكانية للإفطار إذا ما شعر بعدم قدرته على الاستمرار في الصيام، فالطفل لا يستطيع تحمل درجات الحرارة المرتفعة، وتشجيع الطفل على الصيام يجب أن يكون بمصاحبته ومواكبته، لأن الطفل يشعر أن محيطه الأسري يحس به ويقاسمه نفس المشاعر. وأيضا من خلال العودة إلى التقاليد المغربية الأصيلة التي تشجع الطفل على خوض مغامرة الصيام كالاحتفال به بعد صيام أول يوم له، ومكافئته على ذلك بشراء ملابس جديدة له، ووجود كل أفراد وأصدقاء العائلة، لأن هذه الطقوس تجعل الطفل يدخل في علاقة روحية مع الصوم ولا يبقى بالنسبة إليه شيئا إجباريا، ملزما بفعله كما وتجعل للصوم ذكرى جميلة في مخيلته. حاورته مجيدة أبوالخيرات طبيب ومحلل نفسي